( 8075 ) مسألة ; قال ( ولو حلف لا يسكن دارا هو ساكنها ، خرج من وقته ، وإن تخلف عن الخروج من وقته ، حنث ) وجملة ذلك إن فمتى أقام فيها بعد يمينه زمنا يمكنه فيه الخروج ، حنث ; لأن استدامة السكنى كابتدائها ، في وقوع اسم السكنى عليها ، ألا تراه يقول : سكنت هذه الدار شهرا . كما يقول : لبست هذا الثوب شهرا ؟ وبهذا قال ساكن الدار إذا حلف لا يسكنها ، . وإن أقام لنقل رحله وقماشه ، لم يحنث ; لأن الانتقال لا يكون إلا بالأهل والمال ، فيحتاج أن ينقل ذلك معه ، حتى يكون منتقلا . ويحكى عن الشافعي ، أنه إن أقام دون اليوم والليلة ، لم يحنث ; لأن ذلك قليل يحتاج إليه في الانتقال ، فلم يحنث به . وعن مالك ، أنه قال : يحنث وإن انتقل في الحال ; لأنه لا بد أن يكون ساكنا عقيب يمينه ولو لحظة ، فيحنث بها . زفر
وليس بصحيح ; فإن ما لا يمكن الاحتراز منه لا يراد باليمين ، ولا يقع عليه ، وأما إذا أقام زمنا يمكنه الانتقال فيه ، فإنه يحنث ; لأنه فعل ما يقع عليه اسم السكنى ، فحنث به ، كموضع الاتفاق ، ألا ترى أنه لو حلف لا يدخل الدار ، فدخل إلى أول جزء منها ، حنث ، وإن كان قليلا ؟ ( 8076 ) فصل : وإن لم يحنث . وبه قال أقام لنقل متاعه وأهله ، . أبو حنيفة
وقال : يحنث . ولنا ، أن الانتقال إنما يكون بالأهل والمال ، على ما سنذكره ، فلا يمكنه التحرز من هذه الإقامة ، فلا يقع اليمين عليها . وعلى هذا ، إن خرج بنفسه ، وترك أهله وماله في المسكن مع إمكان نقلهم عنه ، حنث . وقال الشافعي : لا يحنث إذا خرج بنية الانتقال ; لأنه إذا خرج بنية الانتقال ، فليس بساكن ولأنه يجوز أن يريد السكنى وحده دون أهله وماله . ولنا ، أن السكنى تكون بالأهل والمال ، ولهذا يقال : فلان ساكن البلد الفلاني . وهو غائب عنه بنفسه . وإذا نزل بلدا بأهله وماله يقال : سكنه . ولو نزله بنفسه ، لا يقال : سكنه . الشافعي
وقولهم : إنه نوى السكنى بنفسه . لا يصح ; فإن من خرج إلى مكان لينقل أهله إليه ، ولم ينو السكنى بنفسه ، فأشبه من خرج يشتري متاعا . وإن خرج عازما على السكنى بنفسه ، [ ص: 27 ] منفردا عن أهله الذي في الدار ، لم يحنث ، ويدين فيما بينه وبين الله - تعالى . ذكره القاضي .
وحكي عن ، أنه اعتبر نقل عياله دون ماله . والأولى ، إن شاء الله ، أنه إذا انتقل بأهله ، فسكن في موضع آخر ، فإنه لا يحنث ، وإن بقي متاعه في الدار ; لأن مسكنه حيث حل أهله به ، ونوى الإقامة به ، ولهذا لو مالك ، حنث وقال . القاضي : إن نقل إليها ما يتأثث به ، ويستعمله في منزله ، فهو ساكن وإن سكنها بنفسه . حلف لا يسكن دارا لم يكن ساكنا لها ، فنزلها بأهله ناويا للسكنى بها
( 8077 ) فصل : وإن لم يحنث ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم { أكره على المقام ، } . وكذلك إن كان في جوف الليل في وقت لا يجد منزلا يتحول إليه ، أو يحول بينه وبين المنزل أبواب مغلقة لا يمكنه فتحها ، أو خوف على نفسه أو أهله أو ماله ، فأقام في طلب النقلة ، أو انتظارا لزوال المانع منها ، أو خرج طالبا للنقلة فتعذرت عليه ; إما لكونه لم يجد مسكنا يتحول إليه ، لتعذر الكراء أو غيره ، أو لم يجد بهائم ينتقل عليها ، ولا يمكنه النقلة بدونها ، فأقام ناويا ، للنقلة متى قدر عليها ، لم يحنث ، وإن أقام أياما وليالي ; لأن إقامته عن غير اختيار منه ، لعدم تمكنه من النقلة ، فإنه إذا لم يجد مسكنا لا يمكنه ترك أهله ، وإلقاء متاعه في الطريق ، فلم يحنث به ، كالمقيم للإكراه . : عفي لأمتي عن الخطأ ، والنسيان ، وما استكرهوا عليه
وإن أقام في هذا الوقت ، غير ناو للنقلة ، حنث ، ويكون نقله لما يحتاج إلى نقله ، على ما جرت به العادة ، فلو كان ذا متاع كثير ، فنقله قليلا قليلا على العادة ، بحيث لا يترك النقل المعتاد ، لم يحنث وإن أقام أياما ، ولا يلزمه جمع دواب البلد لنقله ، ولا النقلة بالليل ، ولا وقت الاستراحة عند التعب ، ولا أوقات الصلوات ; لأن العادة لم تجر بالنقل فيها ، ولو ، لم يحنث ; لأن يده زالت عن المتاع . ذهب رحله أو أودعه أو أعاره وخرج
وإن تردد إلى الدار لنقل المتاع ، أو عائدا لمريض ، أو زائرا لصديق ، لم يحنث وقال القاضي : إن دخلها ومن رأيه الجلوس عنده ، حنث ، وإلا فلا . ولنا ، أن هذا ليس بسكنى ، ولذلك لو حلف ليسكنن دارا ، لم يبر بالجلوس فيها ; لأنه على هذا الوجه ، ولا يسمى ساكنا به بهذا العذر ، فلم يحنث به ، كما لو لم ينو الجلوس . وإن كان له في الدار امرأة أو عائلة ، فأرادهم على الخروج معه ، والانتقال عنها ، فأبوا ، ولم يمكنه إخراجهم ، فخرج وتركهم ، لم يحنث ; لأن هذا مما لا يمكنه ، فأشبه ما لم يمكنه نقله من رحله .