( 8108 ) مسألة ; قال : ( ولو ، فلا حنث عليه ، وإن مات العبد ، حنث ) أما إذا مات الحالف من يومه فلا حنث عليه ; لأن الحنث إنما يحصل بفوات المحلوف عليه في وقته ، وهو الغد ، والحالف قد خرج عن أن يكون من أهل التكليف قبل الغد ، فلا يمكن حنثه . وكذلك إن جن الحالف في يومه . فلم يفق إلا بعد خروج الغد ; لأنه خرج عن كونه من أهل التكليف . وإن هرب العبد ، أو مرض العبد أو الحالف ، أو نحو ذلك ، فلم يقدر على ضربه في الغد ، حنث . حلف أن يضرب عبده في غد ، فمات الحالف من يومه
وإن لم يمت الحالف ، ففيه مسائل [ ص: 39 ] أحدها ، أن يضرب العبد في غد ، أي وقت كان منه ، فإنه يبر في يمينه ، بلا خلاف . الثانية ، أمكنه ضربه في غد ، فلم يضربه حتى مضى الغد ، وهما في الحياة ، حنث أيضا ، بلا خلاف . الثالثة ، مات العبد من يومه ، فإنه يحنث . وهذا أحد قولي . ويتخرج أن لا يحنث . الشافعي
وهو قول ، أبي حنيفة ، والقول الثاني ومالك ; لأنه فقد ضربه بغير اختياره ، فلم يحنث ، كالمكره والناسي . ولنا ، أنه لم يفعل ما حلف عليه في وقته ، من غير إكراه ولا نسيان ، وهو من أهل الحنث ، فحنث ، كما لو أتلفه باختياره ، وكما لو حلف ليحجن العام ، فلم يقدر على الحج ; لمرض ، أو عدم النفقة ، وفارق الإكراه والنسيان ، فإن الامتناع لمعنى في الحالف ، وها هنا الامتناع لمعنى في المحل ، فأشبه ما لو ترك ضربه لصعوبته ، أو ترك الحالف الحج لصعوبة الطريق وبعدها عليه فأما . للشافعي
إن كان تلف المحلوف عليه بفعله أو اختياره ، حنث ، وجها واحدا ; لأنه فوت الفعل على نفسه . قال القاضي : ويحنث الحالف ساعة موته ; لأن يمينه انعقدت من حين حلفه ، وقد تعذر عليه الفعل ، في الحال ، كما لو لم يؤقت ، ويتخرج أن لا يحنث قبل الغد ; لأن الحنث مخالفة ما عقد يمينه عليه ، فلا تحصل المخالفة إلا بترك الفعل في وقته . الرابعة ، مات العبد في غد قبل التمكن من ضربه ، فهو كما لو مات في يومه . الخامسة ، مات العبد في غد ، بعد التمكن من ضربه ، قبل ضربه ، فإنه يحنث ، وجها واحدا . وقال بعض أصحاب : يحنث قولا واحدا . وقال بعضهم : فيه قولان . الشافعي
ولنا ، أنه يمكنه ضربه في وقته ، فلم يضربه ، فحنث ، كما لو مضى الغد قبل ضربه . السادسة ، مات الحالف في غد ، بعد التمكن من ضربه ، فلم يضربه ، حنث ، وجها واحدا ; لما ذكرنا . السابعة ، ضربه في يومه ، فإنه لا يبر . وهذا قول أصحاب . وقال الشافعي ، وأصحاب القاضي : يبر ; لأن يمينه للحث على ضربه ، فإذا ضربه اليوم ، فقد فعل المحلوف عليه وزيادة ، فأشبه ما لو حلف ليقضينه حقه في غد ، فقضاه اليوم . أبي حنيفة
ولنا ، أنه لم يفعل المحلوف عليه في وقته ، فلم يبر ، كما لو حلف ليصومن يوم الجمعة ، فصام يوم الخميس ، وفارق قضاء الدين ، فإن المقصود تعجيله لا غير ، وفي قضاء اليوم زيادة في التعجيل ، فلا يحنث فيها ; لأنه علم من قصده إرادة أن لا يتجاوز غدا بالقضاء ، فصار كالملفوظ به ، إذ كان مبنى الأيمان على النية ، ولا يصح قياس ما ليس بمثله عليه ، وسائر المحلوفات لا تعلم منها إرادة التعجيل عن الوقت الذي وقته لها ، فامتنع الإلحاق ، وتعين التمسك باللفظ . الثامنة ، ضربه بعد موته ، لم يبر ; لأن اليمين تنصرف إلى ضربه حيا ، يتألم بالضرب ، وقد زال هذا بالموت .
التاسعة ، ضربه ضربا لا يؤلمه ، لم يبر ; لما ذكرناه . العاشرة ، خنقه ، أو نتف شعره ، أو عصر ساقه ، بحيث يؤلمه ، فإنه يبر ; لأنه يسمى ضربا ; لما تقدم ذكرنا له . [ ص: 40 ] الحادية عشرة ، جن العبد ، فضربه ، فإنه يبر ; لأنه حي يتألم بالضرب ، وإن لم يضربه ، حنث . وإن حلف لا يضربه في غد ، ففيه نحو من هذه المسائل . ومتى فات ضربه بموته أو غيره ، لم يحنث ; لأنه لم يضربه .