الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8138 ) فصل : وإن حلف لا يأكل فاكهة ، حنث بأكل كل ما يسمى فاكهة ، وهي كل ثمرة تخرج من الشجرة يتفكه بها ، من العنب ، والرطب ، والرمان ، والسفرجل ، والتفاح ، والكمثرى ، والخوخ ، والمشمش ، والأترج ، والتوت ، والنبق ، والموز ، والجوز ، والجميز . وبهذا قال الشافعي ، وأبو يوسف ، ومحمد بن الحسن . وقال أبو حنيفة ، وأبو ثور : لا يحنث بأكل ثمرة النخل والرمان ; لقول الله تعالى : { فيهما فاكهة ونخل ورمان } . والمعطوف يغاير المعطوف عليه .

                                                                                                                                            ولنا ، أنهما ثمرة شجرة يتفكه بهما ، فكانا من الفاكهة ، كسائر ما ذكرنا ، ولأنهما في عرف الناس فاكهة ، ويسمى بائعهما فاكهانيا . وموضع بيعهما دار الفاكهة ، والأصل في العرف الحقيقة ، والعطف لشرفهما وتخصيصهما ، كقوله تعالى : { من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال } . وهما من الملائكة ، فأما يابس هذه الفواكه ، كالزبيب والتمر والتين والمشمش اليابس والإجاص ونحوها ، فهو من الفاكهة ; لأنه ثمر شجرة يتفكه بها .

                                                                                                                                            ويحتمل أنه ليس منها ; لأنه يدخر ، ومنه ما يقتات ، فأشبه الحبوب . والزيتون ليس بفاكهة ; لأنه لا يتفكه بأكله ، وإنما المقصود زيته ، وما يؤكل منه يقصد به التأدم لا التفكه . والبطم في معناه ; لأن المقصود زيته . ويحتمل أنه فاكهة ; لأنه ثمر شجر يؤكل غضا ويابسا على جهته ، فأشبه التوت . والبلوط ليس بفاكهة ; لأنه لا يتفكه به ، وإنما يؤكل عند المجاعة ، أو التداوي .

                                                                                                                                            وكذلك سائر ثمر شجر البر الذي لا يستطاب ، كالزعرور الأحمر ، وثمر القيقب ، والعفص ، وحب الآس ، ونحوه ، وإن كان فيها ما يستطاب ، كحب الصنوبر ، فهو فاكهة ; لأنه ثمرة شجرة يتفكه به . ( 8139 ) فصل : فأما القثاء ، والخيار ، والقرع ، والباذنجان ، فهو من الخضر ، وليس بفاكهة . وفي البطيخ وجهان ; أحدهما ، هو من الفاكهة . ذكره القاضي . وهو قول الشافعي ، وأبي ثور لأنه ينضج ويحلو ، أشبه ثمر الشجر .

                                                                                                                                            والثاني ، ليس من الفاكهة ; لأنه ثمر بقلة ، أشبه الخيار والقثاء . وأما ما يكون في الأرض ، كالجزر ، واللفت ، والفجل ، والقلقاس ، والسوطل ، ونحوه ، فليس شيء من ذلك فاكهة ; لأنه لا يسمى بها ، ولا هو في معناها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية