( 8141 ) فصل : فإن حنث ، قال الله تعالى : { حلف لا يأكل طعاما ، فأكل ما يسمى طعاما ; من قوت ، وأدم ، وحلواء ، وتمر ، وجامد ، ومائع كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه } . وقال تعالى : { ويطعمون الطعام على حبه } . يعني على محبة الطعام ; لحاجتهم إليه ، وقيل : على حب الله تعالى .
وقال الله تعالى : { قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير } . { } . وفي الماء وجهان ; أحدهما ، هو طعام ; لقول الله تعالى : { وسمى النبي صلى الله عليه وسلم اللبن طعاما ، فقال : إنما يخزن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني } . والطعام ما يطعم ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى اللبن طعاما ، وهو مشروب ، فكذلك الماء .
والثاني ، ليس بطعام ; لأنه لا يسمى طعاما ، ولا يفهم من إطلاق اسم الطعام ، ولهذا يعطف عليه ، فيقال : طعام وشراب . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { } . رواه إني لا أعلم ما يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن . ويقال : باب الأطعمة والأشربة . ولأنه إن كان طعاما في الحقيقة ، فليس بطعام في العرف ، فلا يحنث بشربه ، لأن مبنى الأيمان على العرف ، لكون الحالف في الغالب لا يريد بلفظه إلا ما يعرفه ، وإن أكل دواء ، ففيه وجهان ; أحدهما ، يحنث ; لأنه يطعم حال الاختيار . وهذا مذهب ابن ماجه . الشافعي
[ ص: 53 ] والثاني ، لا يحنث ; لأنه لا يدخل في إطلاق اسم الطعام ، ولا يؤكل إلا عند الضرورة . فإن أكل من نبات الأرض ما جرت العادة بأكله ، حنث . وإن أكل ما لم تجر به عادة ، كورق الشجر ، ونشارة الخشب ، احتمل وجهين ; أحدهما ، يحنث ; لأنه قد أكله ، فأشبه ما جرت العادة بأكله ، ولأنه روي عن ، أنه قال : { عتبة بن غزوان } . والثاني ، لا يحنث ; لأنه لا يتناوله اسم الطعام في العرف . لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة ، ما لنا طعام إلا ورق الحبلة ، حتى قرحت أشداقنا