( 8153 ) مسألة ; قال : ( وإن ، حنث ، إلا أن تكون له نية ) وجملته أن من حلف لا يأكل شيئا ، فشربه ، أو لا يشربه ، فأكله ، فقد نقل عن حلف ألا يأكل سويقا ، فشربه ، أو لا يشربه ، فأكله ، ما يدل على روايتين ; إحداهما ، يحنث ; لأن اليمين على ترك أكل شيء أو شربه يقصد بها في العرف اجتناب ذلك الشيء ، فحملت اليمين عليه ، إلا أن ينوي ، ألا ترى أن قوله تعالى : { أحمد ولا تأكلوا أموالهم } و : { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما } لم يرد به الأكل على الخصوص ؟ ولو قال طبيب لمريض : لا تأكل العسل . لكان ناهيا له عن شربه .
والثانية ، لا يحنث . وهذا مذهب ، الشافعي ، وأصحاب الرأي ; لأن الأفعال أنواع كالأعيان ، ولو [ ص: 60 ] حلف على نوع من الأعيان ، لم يحنث بغيره ، وكذلك الأفعال . وقال وأبي ثور : إنما الروايتان ، فيمن عين المحلوف عليه ، مثل من حلف : لا أكلت هذا السويق . فشربه ، أو لا يشربه ، فأكله ، أما إذا أطلق ، فقال : لا أكلت سويقا ، فشربه ، لم يحنث ، رواية واحدة ، لا يختلف المذهب فيه . القاضي
وهذا مخالف لإطلاق ، وليس للتعيين أثر في الحنث وعدمه ، فإن الحنث في المعين إنما هو لتناوله ما حلف عليه ، وإجراء معنى الأكل والشرب على التناول العام فيهما ، وهذا لا فرق فيه بين التعيين وعدمه ، وعدم الحنث يتعلل بأنه لم يفعل الفعل الذي حلف على تركه ، وإنما فعل غيره ، وهذا في المعين كهو في المطلق ، فإذا كان في المعين روايتان ، كانتا في المطلق ; لعدم الفارق بينهما ، ولأن الرواية في الحنث أخذت من كلام الخرقي ، وليس فيه تعيين ، ورواية عدم الحنث ، أخذت من رواية الخرقي مهنا عن ، فيمن حلف لا يشرب هذا النبيذ ، فأكله ، لا يحنث ; لأنه لا يسمى شربا ، وهذا في المعين ، فإن عديت كل رواية إلى محل الأخرى ، وجب أن يكون في الجميع روايتان ، وإن قصرت كل رواية على محلها ، كان الأمر على خلاف ما قال أحمد ، وهو أن يحنث في المطلق ، ولا يحنث في المعين . القاضي
فأما إن حلف ليأكلن شيئا فشربه . أو ليشربنه فأكله ، فيخرج فيه وجهان ; بناء على الروايتين في الحنث إذا حلف على الترك ، ومتى تقيدت يمينه بنية ، أو سبب يدل عليها ، كانت يمينه على ما نواه ، أو دل عليه السبب ; لأن مبنى الأيمان على النية .