( 8218 ) فصل : ويجوز للقاضي أخذ الرزق ، ورخص فيه ، شريح ، وابن سيرين ، وأكثر أهل العلم . [ ص: 91 ] وروي عن والشافعي رضي الله عنه أنه استعمل عمر على القضاء ، وفرض له رزقا . ورزق زيد بن ثابت في كل شهر مائة درهم . وبعث إلى شريحا الكوفة عمارا وعثمان بن حنيف ، ورزقهم كل يوم شاة ; نصفها وابن مسعود ونصفها لعمار لابن مسعود وعثمان ، وكان قاضيهم ومعلمهم . وكتب إلى ابن مسعود ، معاذ بن جبل وأبي عبيدة ، حين بعثهما إلى الشام ، أن انظرا رجالا من صالحي من قبلكم ، فاستعملوهم على القضاء ، وأوسعوا عليهم ، وارزقوهم ، واكفوهم من مال الله
وقال : يجوز له أخذ الرزق مع الحاجة ، فأما مع عدمها فعلى وجهين . أبو الخطاب
وقال : ما يعجبني أن يأخذ على القضاء أجرا ، وإن كان فبقدر شغله ، مثل والي اليتيم . وكان أحمد ابن مسعود والحسن يكرهان . وكان الأجر على القضاء ، مسروق ، لا يأخذان عليه أجرا ، وقالا : لا نأخذ أجرا على أن نعدل بين اثنين . وعبد الرحمن بن القاسم بن عبد الرحمن
وقال أصحاب : إن لم يكن متعينا جاز له أخذ الرزق عليه ، وإن تعين لم يجز إلا مع الحاجة . والصحيح جواز أخذ الرزق عليه بكل حال ; لأن الشافعي أبا بكر رضي الله عنه لما ولي الخلافة ، فرضوا له الرزق كل يوم درهمين . ولما ذكرناه من أن رزق عمر زيدا وشريحا ، وأمر بفرض الرزق لمن تولى من القضاة ، ولأن بالناس حاجة إليه ، ولو لم يجز فرض الرزق لتعطل ، وضاعت الحقوق . وابن مسعود
فأما الاستئجار عليه ، فلا يجوز قال رضي الله عنه : لا ينبغي لقاضي المسلمين أن يأخذ على القضاء أجرا . وهذا مذهب عمر ، ولا نعلم فيه خلافا ; وذلك لأنه قربة يختص فاعله أن يكون في أهل القربة ، فأشبه الصلاة ; ولأنه لا يعمله الإنسان عن غيره ، وإنما يقع عن نفسه ، فأشبه الصلاة ، ولأنه عمل غير معلوم . فإن لم يكن للقاضي رزق ، فقال للخصمين : لا أقضي بينكما حتى تجعلا لي رزقا عليه . جاز . ويحتمل أن لا يجوز . الشافعي