( 8239 ) مسألة ; قال : ( ولا ينقض من حكم غيره إذا رفع إليه ، إلا ما خالف نص كتاب ، أو سنة ، أو إجماعا ) وجملة ذلك أن نظرت ; فإن كان الخطأ لمخالفة نص كتاب أو سنة أو إجماع ، نقض حكمه . وبهذا قال الحاكم إذا رفعت إليه قضية قد قضى بها حاكم سواه ، فبان له خطؤه ، أو بان له خطأ نفسه ، ، وزاد : إذا خالف نصا جليا نقضه الشافعي
وعن ، مالك ، أنهما قالا : لا ينقض الحكم إلا إذا خالف الإجماع . ثم ناقضا ذلك ، فقال وأبي حنيفة : إذا حكم بالشفعة للجار نقض حكمه . وقال مالك : إذا حكم ببيع متروك التسمية ، أو حكم بين العبيد بالقرعة ، نقض حكمه . وقال أبو حنيفة : إذا حكم بالشاهد واليمين ، نقض حكمه . وهذه مسائل خلاف موافقة للسنة . واحتجوا على أنه لا ينقض ما لم يخالف الإجماع بأنه يسوغ فيه الخلاف ، فلم ينقض حكمه فيه ، كما لا نص فيه . محمد بن الحسن
وحكي عن ، أبي ثور أنه ينقض جميع ما بان له خطؤه ; لأن وداود رضي الله عنه كتب إلى عمر أبي موسى : لا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس ، ثم راجعت نفسك فيه اليوم ، فهديت لرشدك أن تراجع فيه الحق ; فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل ، ولأنه خطأ ، فوجب الرجوع عنه ، كما لو خالف الإجماع . وحكي عن أنه وافقهما في قضاء نفسه . مالك
ولنا ، على نقضه إذا خالف نصا أو إجماعا ، أنه قضاء لم يصادف شرطه ، فوجب نقضه ، كما لو لم يخالف الإجماع ، وبيان مخالفته للشرط ، أن شرط الحكم بالاجتهاد عدم النص ، بدليل خبر ، ولأنه إذا ترك الكتاب والسنة ، فقد فرط ، فوجب نقض حكمه ، كما لو خالف الإجماع ، أو كما لو حكم بشهادة كافرين . معاذ
وما قالوه يبطل بما حكيناه عنهم فإن قيل : أليس إذا صلى بالاجتهاد إلى جهة ، ثم بان له الخطأ لم يعد ؟ قلنا : الفرق بينهما من ثلاثة أوجه ; أحدها ، أن استقبال القبلة يسقط حال العذر في حال المسايفة والخوف من عدو أو سبع أو نحوه ، مع العلم ، ولا يجوز ترك الحق إلى غيره مع العلم بحال .
الثاني ، أن الصلاة من حقوق الله - تعالى ، تدخلها المسامحة [ ص: 104 ] الثالث ، أن القبلة يتكرر فيها اشتباه القبلة ، فيشق القضاء . وها هنا إذا بان له الخطأ لا يعود الاشتباه بعد ذلك .
وأما إذا تغير اجتهاده من غير أن يخالف نصا ولا إجماعا ، أو خالف اجتهاده اجتهاد من قبله ، لم ينقضه لمخالفته ; لأن الصحابة رضي الله عنهم ، أجمعوا على ذلك ، فإن حكم في مسائل باجتهاده ، وخالفه أبا بكر ، ولم ينقض أحكامه عمر خالف وعلي في اجتهاده ، فلم ينقض أحكامه ، وخالفهما عمر ، فلم ينقض أحكامهما ، فإن علي سوى بين الناس في العطاء ، وأعطى العبيد ، وخالفه أبا بكر ، ففاضل بين الناس ، وخالفهما عمر فسوى بين الناس وحرم العبيد ، ولم ينقض واحد منهم ما فعله من قبله وجاء أهل علي نجران إلى فقالوا : يا أمير المؤمنين ، كتابك بيدك ، وشفاعتك بلسانك . فقال : ويحكم ، إن علي كان رشيد الأمر ، ولن أرد قضاء قضى به عمر . رواه عمر سعيد وروي أن حكم في المشتركة بإسقاط الإخوة من الأبوين ، ثم شرك بينهم بعد ، وقال : تلك على ما قضينا ، وهذه على ما قضينا . وقضى في الجد بقضايا مختلفة ، ولم يرد الأولى . ولأنه يؤدي إلى نقض الحكم بمثله ، وهذا يؤدي إلى أن لا يثبت الحكم أصلا ; لأن الحاكم الثاني يخالف الذي قبله ، والثالث يخالف الثاني ، فلا يثبت حكم . فإن قيل : فقد روي أن عمر حكم في ابني عم ، أحدهما أخ لأم ، أن المال للأخ ، فرفع ذلك إلى شريحا رضي الله عنه فقال : علي بالعبد . فجيء به . فقال : في أي كتاب الله وجدت ذلك ؟ فقال : قال الله تعالى : { علي وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } . فقال له : فقد قال الله تعالى : { علي وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس } . ونقض حكمه .
قلنا : لم يثبت عندنا أن نقض حكمه ، ولو ثبت فيحتمل أن يكون عليا رضي الله عنه اعتقد أنه خالف نص الكتاب في الآية التي ذكرها ، فنقض حكمه لذلك . علي