( 8275 ) فصل : وإذا تقدم إليه خصمان ، فإن شاء قال : من المدعي منكما ؟ لأنهما حضرا لذلك ، وإن شاء سكت ،  ويقول القائم على رأسه : من المدعي منكما ؟ إن سكتا جميعا . ولا يقول الحاكم ولا صاحبه لأحدهما : تكلم . لأن في إفراده بذلك تفضيلا له ، وتركا للإنصاف . 
قال عمر بن قيس    : شهدت  شريحا  إذا جلس إليه الخصمان ، ورجل قائم على رأسه يقول : أيكما المدعي فليتكلم ؟ وإن ذهب الآخر يشغب ، غمزه حتى يفرغ المدعي ، ثم يقول : تكلم . فإن بدأ أحدهما ، فادعى ، فقال خصمه : أنا المدعي . لم يلتفت الحاكم إليه ، وقال : أجب عن دعواه ، ثم ادع بعد ما شئت . 
فإن ادعيا معا ، فقياس المذهب أن يقرع بينهما . وهو قياس قول  الشافعي    ; لأن أحدهما ليس بأولى من الآخر ، وقد تعذر الجمع بينهما ، فيقرع بينهما ، كالمرأتين إذا زفتا في ليلة واحدة . واستحسن  ابن المنذر  أن يسمع منهما جميعا . وقيل : يرجأ أمرهما حتى يتبين المدعي منهما . 
وما ذكرناه أولى ; لأنه لا يمكن الجمع بين الحكم في القضيتين معا ، وإرجاء أمرهما إضرار بهما ، وفيما ذكرنا دفع الضرر بحسب الإمكان ، وله نظير في مواضع من الشرع ، فكان أولى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					