( 8444 ) فصل : ; أحدهما ، ما هو حق لآدمي . والثاني ، ما هو حق لله تعالى . والحقوق على ضربين ; أحدهما ، ما هو مال ، أو المقصود منه المال ، فهذا تشرع فيه اليمين ، بلا خلاف بين أهل العلم ، فإذا لم تكن للمدعي بينة ، حلف المدعى عليه ، وبرئ . وقد ثبت هذا في قصة الحضرمي والكندي اللذين اختلفا في الأرض ، وعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : { فحق الآدمي ينقسم قسمين } . ولكن اليمين على المدعى عليه
القسم الثاني ، ما ليس بمال ، ولا المقصود منه المال ، وهو كل ما لا يثبت إلا بشاهدين ; كالقصاص ، وحد القذف ، والنكاح ، والطلاق ، والرجعة ، والعتق ، والنسب ، والاستيلاد ، والولاء ، والرق ، ففيه روايتان ; إحداهما ، لا يستحلف المدعى عليه ، ولا تعرض عليه اليمين . قال : لم أسمع من مضى جوزوا الأيمان إلا في الأموال والعروض خاصة . أحمد
وهذا قول . ونحوه قول مالك ، فإنه قال : لا يستحلف في النكاح ، وما يتعلق به من دعوى الرجعة والفيئة في الإيلاء ، ولا في الرق وما يتعلق به من الاستيلاد والولاء والنسب ; لأن هذه الأشياء لا يدخلها البدل ، وإنما تعرض اليمين فيما يدخله البدل ; فإن المدعى عليه مخير بين أن يحلف أو يسلم ، ولأن هذه الأشياء لا تثبت إلا بشاهدين ذكرين ، فلا تعرض فيها اليمين كالحدود . والرواية الثانية ، يستحلف في الطلاق ، والقصاص ، والقذف . وقال أبي حنيفة : إذا الخرقي . فالقول قولها مع يمينها . قال : ارتجعتك . فقالت : انقضت عدتي قبل رجعتك
وإذا اختلف في مضي الأربعة أشهر ، فالقول قوله مع يمينه . فيخرج من هذا ، أنه يستحلف في كل حق لآدمي . وهذا قول ، الشافعي ، وأبي يوسف ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { ومحمد } . أخرجه لو يعطى الناس بدعواهم ، لادعى قوم دماء قوم وأموالهم ، ولكن اليمين على المدعى عليه . وهذا عام في كل مدعى عليه ، وهو ظاهر في دعوى الدماء ; لذكرها في الدعوى مع عموم الأحاديث ، ولأنها دعوى صحيحة في حق لآدمي ، فجاز أن يحلف فيها المدعى عليه ، كدعوى المال . مسلم
الضرب الثاني ، حقوق الله تعالى ، وهي نوعان ; أحدهما ، . لا نعلم في هذا خلافا ; لأنه لو أقر ، ثم رجع عن إقراره ، قبل منه ، وخلي من غير يمين ، فلأن لا يستحلف مع عدم الإقرار أولى ، ولأنه يستحب ستره ، والتعريض للمقر به ، بالرجوع عن إقراره ، وللشهود بترك الشهادة والستر عليه ، قال النبي صلى الله عليه وسلم الحدود ، فلا تشرع فيها يمين لهزال ، في قصة ماعز : { هزال ، لو سترته بثوبك ، لكان خيرا لك } . فلا تشرع فيه يمين بحال . يا
النوع الثاني ، الحقوق المالية ، كدعوى الساعي الزكاة على رب المال ، وأن الحول قد تم وكمل [ ص: 219 ] النصاب ، فقال : القول قول رب المال ، من غير يمين ، ولا يستحلف الناس على صدقاتهم . وقال أحمد ، الشافعي وأبو يوسف : يستحلف ; لأنها دعوى مسموعة ، أشبه حق الآدمي . ولنا ، أنه حق لله تعالى ، أشبه الحد ، ولأن ذلك عبادة ، فلا يستحلف عليها كالصلاة . ومحمد
ولو ادعى عليه ، أن عليه كفارة يمين أو ظهار ، أو نذر صدقة أو غيرها ، فالقول قوله في نفي ذلك من غير يمين ، ولا تسمع الدعوى في هذا ، ولا في حد لله تعالى ; لأنه لا حق للمدعي فيه ، ولا ولاية له عليه ، فلا تسمع منه دعواه حقا لغيره من غير إذنه ، ولا ولاية له عليه . فإن تضمنت دعواه حقا له ، مثل أن يدعي سرقة ماله ، ليضمن السارق ، أو يأخذ منه ما سرقه ، أو يدعي عليه الزنى بجاريته ; ليأخذ مهرها منه ، سمعت دعواه ، ويستحلف المدعى عليه لحق الآدمي ، دون حق الله تعالى .