( 87 ) مسألة : قال : ( ويكره أن يتوضأ في آنية الذهب والفضة ) فإن فعل كره . أراد بالكراهة التحريم ، ولا خلاف بين أصحابنا في أن حرام ، وهو مذهب استعمال آنية الذهب والفضة ، أبي حنيفة ، ومالك ، ولا أعلم فيه خلافا ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { والشافعي } ونهى عن الشرب في آنية الفضة ، وقال { لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ، ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة . : من شرب فيها في الدنيا لم يشرب فيها في الآخرة . } وقال عليه الصلاة والسلام : { } . متفق عليهن . الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم
فنهى والنهي يقتضي التحريم ، وذكر في ذلك وعيدا شديدا ، يقتضي التحريم ويروى " نار جهنم " برفع الراء ونصبها ; فمن رفعها نسب الفعل إلى النار ، ومن نصبها أضمر الفاعل في الفعل ، وجعل النار مفعولا ، تقديره : يجرجر الشارب في بطنه نار جهنم . والعلة في تحريم الشرب فيها ما يتضمنه ذلك من الفخر والخيلاء ، وكسر قلوب الفقراء ، وهو موجود في الطهارة منها واستعمالها كيفما كان ، بل إذا حرم في غير العبادة ففيها أولى ، فإن توضأ منها ، أو اغتسل ، فعلى وجهين : أحدهما تصح طهارته . وهو قول ، الشافعي وإسحاق ، ، وأصحاب الرأي ; لأن فعل الطهارة وماءها لا يتعلق بشيء من ذلك ، أشبه الطهارة في الدار المغصوبة . والثاني : لا يصح وابن المنذر
اختاره أبو بكر ; لأنه استعمل المحرم في العبادة ، فلم يصح ، كالصلاة في الدار المغصوبة والأول أصح ، ويفارق هذا الصلاة في الدار المغصوبة ; لأن أفعال الصلاة من القيام والقعود والركوع والسجود ، في الدار المغصوبة ; محرم ; لكونه تصرفا في ملك غيره بغير إذنه ، وشغلا له ، وأفعال الوضوء ; من الغسل ، والمسح ، ليس بمحرم ، إذ ليس هو استعمالا للإناء ، ولا تصرفا فيه ، وإنما يقع ذلك بعد رفع الماء من الإناء ، وفصله عنه ، فأشبه ما لو غرف بآنية الفضة في إناء غيره ، ثم توضأ به ; ولأن المكان شرط للصلاة ، إذ لا يمكن وجودها في غير مكان ، والإناء ليس بشرط ، فأشبه ما لو صلى وفي يده خاتم ذهب .