[ ص: 241 ] كتاب الدعاوى والبينات
الدعوى في اللغة : إضافة الإنسان إلى نفسه شيئا ، ملكا ، أو استحقاقا ، أو صفقة ، أو نحو ذلك . وهي في الشرع : إضافته إلى نفسه استحقاق شيء في يد غيره ، أو في ذمته . والمدعى عليه ، من يضاف إليه استحقاق شيء عليه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل : الدعوى الطلب ، قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57ولهم ما يدعون } . وقيل : المدعي من يلتمس بقوله أخذ شيء من يد غيره ، أو إثبات حق في ذمته . والمدعى عليه من ينكر ذلك . وقيل : المدعي من إذا ترك لم يسكت ، والمدعى عليه من إذا ترك سكت . وقد يكون كل واحد منهما مدعيا ومدعى عليه ; بأن يختلفا في العقد ، فيدعي كل واحد منهما أن الثمن غير الذي ذكره صاحبه .
والأصل في الدعوى قول النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33550 : لو أعطي الناس بدعواهم ، لادعى قوم دماء قوم وأموالهم ، ولكن اليمين على المدعى عليه } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . وفي حديث : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13920البينة على المدعي ، واليمين على المدعى عليه } . ولا تصح الدعوى إلا من جائز التصرف . ( 8496 ) مسألة ; قال
nindex.php?page=showalam&ids=14209أبو القاسم ، رحمه الله : ( ومن
nindex.php?page=treesubj&link=15232_27959_11464ادعى زوجية امرأة ، فأنكرته ، ولم تكن له بينة ، فرق بينهما ، ولم يحلف ) وجملته أن النكاح لا يستحلف فيه ، رواية واحدة . ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي .
وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة . ويتخرج أن يستحلف في كل حق لآدمي . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر ونحوه قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15849ولكن اليمين على المدعى عليه } . ولأنه حق لآدمي ، فيستحلف فيه ، كالمال ، ثم اختلفوا ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد : يستحلف في النكاح ، فإن نكل ، ألزم النكاح . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إن نكل ، ردت اليمين على الزوج فحلف ، وثبت النكاح . ولنا ، أن هذا مما لا يحل بذله ، فلم يستحلف فيه ، كالحد . يحقق هذا أن الأبضاع مما يحتاط فيها ، فلا تباح بالنكول ، ولا به وبيمين المدعي ، كالحدود ، وذلك لأن النكول ليس بحجة قوية ، إنما هو سكوت مجرد يحتمل أن يكون لخوفه من اليمين ، أو للجهل بحقيقة الحال ، أو للحياء من الحلف والتبذل في مجلس الحاكم ، ومع هذه الاحتمالات ، لا ينبغي أن يقضى به فيما يحتاط له ، ويمين المدعي إنما هي قول نفسه ، لا ينبغي أن يعطى بها أمرا فيه خطر عظيم ، وإثم كبير ، ويمكن من وطء امرأة يحتمل أن تكون أجنبية منه .
وأما الحديث فإنما تناول الأموال والدماء ، فلا يدخل النكاح فيه ، ولو دخل فيه كل دعوى ، لكان مخصوصا بالحدود ، والنكاح في معناه ، بل النكاح أولى ، لأنه لا يكاد يخلو من شهود ، لكون الشهادة شرطا في انعقاده ، أو من اشتهاره ، فيشهد فيه بالاستفاضة ، والحدود بخلاف ذلك . إذا ثبت هذا ، فإنه يفرق بينهما ، ويحال بينه وبينها ويخلى سبيلها . وإن قلنا : إنها تحلف على الاحتمال الآخر . فنكلت ، لم يقض بالنكول ، وتحبس ، في أحد الوجهين ، حتى
[ ص: 242 ] تقر أو تحلف ، وفي الآخر ، يخلى سبيلها ، وتكون فائدة شرع اليمين التخويف والردع ، لتقر إن كان المدعي محقا ، أو تحلف ، فتبرأ إن كان مبطلا .
[ ص: 241 ] كِتَابُ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ
الدَّعْوَى فِي اللُّغَةِ : إضَافَةُ الْإِنْسَانِ إلَى نَفْسِهِ شَيْئًا ، مِلْكًا ، أَوْ اسْتِحْقَاقًا ، أَوْ صَفْقَةً ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ . وَهِيَ فِي الشَّرْعِ : إضَافَتُهُ إلَى نَفْسِهِ اسْتِحْقَاقَ شَيْءٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ ، أَوْ فِي ذِمَّتِهِ . وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، مَنْ يُضَافُ إلَيْهِ اسْتِحْقَاقُ شَيْءٍ عَلَيْهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابْنُ عَقِيلٍ : الدَّعْوَى الطَّلَبُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=57وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ } . وَقِيلَ : الْمُدَّعِي مَنْ يَلْتَمِسُ بِقَوْلِهِ أَخْذَ شَيْءٍ مِنْ يَدِ غَيْرِهِ ، أَوْ إثْبَاتَ حَقٍّ فِي ذِمَّتِهِ . وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يُنْكِرُ ذَلِكَ . وَقِيلَ : الْمُدَّعِي مَنْ إذَا تُرِكَ لَمْ يَسْكُت ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ إذَا تُرِكَ سَكَتَ . وَقَدْ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعِيًا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ ; بِأَنْ يَخْتَلِفَا فِي الْعَقْدِ ، فَيَدَّعِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ الثَّمَنَ غَيْرُ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُهُ .
وَالْأَصْلُ فِي الدَّعْوَى قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33550 : لَوْ أُعْطِيَ النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ ، لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ } رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ . وَفِي حَدِيثٍ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13920الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي ، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ } . وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ . ( 8496 ) مَسْأَلَةٌ ; قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14209أَبُو الْقَاسِم ، رَحِمَهُ اللَّهُ : ( وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=15232_27959_11464ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ ، فَأَنْكَرَتْهُ ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ ، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ، وَلَمْ يُحَلَّفْ ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهِ ، رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ . ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي .
وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ . وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ فِي كُلِّ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ . وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=12918وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٍ ; لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15849وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ } . وَلِأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ ، فَيَسْتَحْلِفُ فِيهِ ، كَالْمَالِ ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٌ : يَسْتَحْلِفُ فِي النِّكَاحِ ، فَإِنْ نَكَلَ ، أُلْزِمَ النِّكَاحَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : إنْ نَكَلَ ، رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الزَّوْجِ فَحَلَفَ ، وَثَبَتَ النِّكَاحُ . وَلَنَا ، أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَحِلُّ بَذْلُهُ ، فَلَمْ يَسْتَحْلِفْ فِيهِ ، كَالْحَدِّ . يُحَقِّقُ هَذَا أَنَّ الْأَبْضَاعَ مِمَّا يُحْتَاطُ فِيهَا ، فَلَا تُبَاحُ بِالنُّكُولِ ، وَلَا بِهِ وَبِيَمِينِ الْمُدَّعِي ، كَالْحُدُودِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النُّكُولَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ قَوِيَّةٍ ، إنَّمَا هُوَ سُكُوتٌ مُجَرَّدٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِخَوْفِهِ مِنْ الْيَمِينِ ، أَوْ لِلْجَهْلِ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ ، أَوْ لِلْحَيَاءِ مِنْ الْحَلِفِ وَالتَّبَذُّلِ فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ ، وَمَعَ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ ، لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْضَى بِهِ فِيمَا يُحْتَاطُ لَهُ ، وَيَمِينُ الْمُدَّعِي إنَّمَا هِيَ قَوْلُ نَفْسِهِ ، لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْطَى بِهَا أَمْرًا فِيهِ خَطَرٌ عَظِيمٌ ، وَإِثْمٌ كَبِيرٌ ، وَيُمَكَّنُ مِنْ وَطْءِ امْرَأَةٍ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ .
وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَإِنَّمَا تَنَاوَلَ الْأَمْوَالَ وَالدِّمَاءَ ، فَلَا يَدْخُلُ النِّكَاحُ فِيهِ ، وَلَوْ دَخَلَ فِيهِ كُلُّ دَعْوَى ، لَكَانَ مَخْصُوصًا بِالْحُدُودِ ، وَالنِّكَاحُ فِي مَعْنَاهُ ، بَلْ النِّكَاحُ أَوْلَى ، لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يَخْلُو مِنْ شُهُودٍ ، لِكَوْنِ الشَّهَادَةِ شَرْطًا فِي انْعِقَادِهِ ، أَوْ مِنْ اشْتِهَارِهِ ، فَيَشْهَدُ فِيهِ بِالِاسْتِفَاضَةِ ، وَالْحُدُودُ بِخِلَافِ ذَلِكَ . إذَا ثَبَتَ هَذَا ، فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ، وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَيُخْلَى سَبِيلُهَا . وَإِنْ قُلْنَا : إنَّهَا تَحْلِفُ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْآخَرِ . فَنَكَلَتْ ، لَمْ يُقْضَ بِالنُّكُولِ ، وَتُحْبَسُ ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ، حَتَّى
[ ص: 242 ] تُقِرَّ أَوْ تَحْلِفَ ، وَفِي الْآخَرِ ، يُخْلَى سَبِيلُهَا ، وَتَكُونُ فَائِدَةُ شَرْعِ الْيَمِينِ التَّخْوِيفَ وَالرَّدْعَ ، لِتُقِرَّ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي مُحِقًّا ، أَوْ تَحْلِفَ ، فَتَبْرَأَ إنْ كَانَ مُبْطِلًا .