( 8776 ) فصل : وإذا واستوى الأول والآخر في الاستيفاء ولم يقدم الأول على الثاني ; لأنها تعلقت بمحل واحد ، وكذا إن كان بعضها في حال كتابته وبعضها بعد تعجيزه فهي سواء ، ويتعلق جميعها بالرقبة فإن كان فيها ما يوجب القصاص فلولي الجناية استيفاؤه وتبطل حقوق الآخرين ، وإن عفا إلى مال صار حكمه حكم الجناية الموجبة للمال ، فإن أبرأه بعضهم استوفى الباقون ; لأن حق كل واحد يتعلق برقبته يستوفيه إذا انفرد فإذا اجتمعوا تزاحموا فإذا أبرأه بعضهم سقط حقه وتزاحم الباقون كما لو انفردوا كما في الوصايا فإن أدى وعتق فالضمان عليه ، وإن أعتقه سيده فالضمان عليه وأيهما ضمن فالواجب عليه أقل الأمرين كما ذكرنا في الجناية الواحدة ; ولأنه لو عجزه الغرماء وعاد قنا بيع وتحاصوا في ثمنه كذلك هاهنا فأما إن عجزه سيده فعاد قنا خير بين فدائه وتسليمه فإن اختار فداءه ففيه روايتان : إحداهما يفديه بأقل الأمرين كما لو أعتقه أو قتله . جنى المكاتب جنايات تعلقت برقبته
والثانية يلزمه أرش الجنايات كلها بالغة ما بلغت ; لأنه لو سلمه احتمل أن يرغب فيه راغب بأكثر من قيمته ، فقد فوت تلك الزيادة باختيار إمساكه فكان عليه جميع الأرش ويفارق ما إذا أعتقه أو قتله ; لأن المحل فيهما تلفت ماليته فلم يمكن تسليمه فلم يجب أكثر من قيمته والمحل باق وهاهنا يمكن تسليمه وبيعه . وإن أراد المكاتب فداء نفسه قبل تعجيزه أو عتقه ففيه روايتان : أحدهما يفدي نفسه بأقل الأمرين . والثاني بأرش الجنايات بالغة ما بلغت ; لأن محل الأرش قائم غير تالف ويمكن تعجيز نفسه في كل جناية يباع فيها فأشبه ما لو عجزه سيده .