( 8805 ) فصل : وتصح ; لأنه مع سيده في المعاملة كالأجنبي ، ولذلك جاز أن يدفع إليه زكاته . فإن قال : ضعوا عن مكاتبي بعض كتابته ، أو بعض ما عليه وضعوا ما شاءوا ، قليلا كان أو كثيرا ، من أول نجومه أو من آخرها . وإن قال : ضعوا عنه نجما من نجومه . فلهم أن يضعوا أي نجم شاءوا ، كما لو قال : ضعوا أي نجم شئتم . وسواء كانت نجومه متفقة أو مختلفة ; لأن اللفظ يتناول واحدا منها غير معين . وإن قال : ضعوا عنه أي نجم شاء . كان ذلك إلى مشيئته ، فيلزمهم وضع النجم الذي يختار وضعه ; لأن سيده جعل المشيئة له . وإن قال : ضعوا عنه أكبر نجومه . لزمهم أن يضعوا أكبرها مالا ; لأنه أكبرها قدرا . الوصية لمكاتبه
وإن قال : ضعوا عنه أكثر نجومه . لزمهم أن يضعوا عنه أكثر من نصفها ; لأن أكثر الشيء يزيد على نصفه ، فإذا كانت نجومه خمسة ، وضعوا ثلاثة ، وإن كانت ستة ، وضعوا أربعة . ويحتمل أن ينصرف ذلك إلى واحد منها أكبرها مالا ، بمنزلة قوله : أكبر نجومه . فإن كانت نجومه متساوية ، تعين الاحتمال الأول . وإن قال : ضعوا عنه أوسط نجومه . فلم يكن فيها إلا وسط واحد ، تعينت الوصية فيه ، مثل أن تكون نجومه متساوية القدر والأجل ، وعددها منفرد ، فيتعين وضع أوسطها عددا ، فإذا كانت خمسة ، فالأوسط الثالث ، وإن كانت سبعة ، فالأوسط الرابع ، وإن كان عددها مزدوجا ، وهي مختلفة المقدار ، فبعضها مائة ، وبعضها مائتان ، وبعضها ثلاثمائة ، فأوسطها المائتان ، فتعين الوصية فيه ; لأنه أوسطها . وإن كانت متساوية القدر ، مختلفة الأجل ، مثل أن يكون اثنان منها إلى شهر ، وواحد إلى شهرين ، وواحد إلى ثلاثة أشهر ، تعينت الوصية فيما هو إلى شهرين ، لأنها أوسطها .
وإن اتفقت هذه المعاني الثلاثة في واحد ، تعينت فيه . وإن كان لها أوسط في القدر ، وأوسط في الأجل ، وأوسط في العدد ، يخالف بعضها بعضا ، فذلك إلى اختيار الورثة ، فلهم وضع ما شاءوا منها . وإن اختلف الورثة والمكاتب ، فيما أراد الموصي منها فالقول قول الورثة مع أيمانهم أنهم لا يعلمون ما أراد الموصي ، ثم التعيين إليهم . ومتى كان فيها أوسطان ، عين الورثة أحدهما . ومتى كان العدد وترا ، فأوسطه واحد . وإن كان شفعا ، كأربعة وستة ، فأوسطه اثنان . وهكذا القول فيما إذا وصى بأوسط نجومه . وإن قال : ضعوا عنه ما خف . أو قال : ما يثقل ، أو ما يكثر . كان ذلك إلى تقدير الورثة ; لأن كل شيء يخف إلى جنب ما هو أخف منه ، كما قال أصحابنا [ ص: 391 ] فيما إذا وصى بمال عظيم ، أو كثير ، أو ثقيل ، أو خفيف . وإن قال : ضعوا عنه أكثر ما عليه . وضع عنه النصف ، وأدنى زيادة .
وإن قال : ضعوا عنه أكثر ما عليه ، ومثل نصفه . فذلك ثلاثة أرباع ، وأدنى زيادة . وإن قال : ضعوا عنه أكثر ما عليه ، ومثله . فذلك الكتابة كلها ، وزيادة عليها ، فيصح في الكتابة ، ويبطل في الزيادة ; لعدم محلها . وإن قال : ضعوا عنه ما شاء . فشاء وضع كل ما عليه ، وضع ما عليه ; لأن وصيته تتناوله . وإن قال : ضعوا عنه ما شاء من مال الكتابة . لم يكن له وضع الكل ; لأن " من " للتبعيض ، فلا تتناول الجميع . ومذهب في هذا الفصل كله كنحو ما ذكرناه . الشافعي