( 8831 ) مسألة ; قال : وإذا ، صح شراء الأول ، وبطل شراء الآخر . لا خلاف في أن المكاتب يصح شراؤه للعبيد ، والمكاتب يجوز بيعه ، على ما ذكرنا . فإذا اشترى أحد المكاتبين الآخر ، صح شراؤه ، وملكه ; لأن التصرف صدر من أهله في محله ، وسواء كانا مكاتبين لسيد واحد ، أو لسيدين . اشترى المكاتبان ، كل واحد منهما الآخر
فإذا عاد الثاني ، فاشترى الذي اشتراه ، لم يصح ; لأنه سيده ومالكه ، وليس للمملوك أن يملك مالكه ; لأنه يفضي إلى تناقض الأحكام ، إذ كل واحد منهما يقول لصاحبه : أنا سيدك ، ولي عليك مال الكتابة تؤديه إلي ، وإن عجزت فلي فسخ كتابتك ، وردك إلي أن تكون رقيقا لي . وهذا تناقض ، وإذا تنافى أن تملك المرأة زوجها ملك اليمين ; لثبوت ملكه عليها في النكاح ، فهاهنا أولى ، ولأنه لو صح هذا ، لتقاص الدينان إذا تساويا ، وعتقا جميعا . فإذا ثبت هذا ، فشراء الأول صحيح ، والمبيع هاهنا باق على كتابته ، فإن أدى عتق ، وولاؤه موقوف ، فإن أدى سيده كتابته ، كان له ; لأنه عتق بأدائه إليه ، وإن عجز ، فولاؤه لسيده ; لأن العبد لا يثبت له ولاء ، ولأن السيد يأخذ ماله ، فكذلك حقوقه . هذا مقتضى قول ، ومقتضى قول القاضي أبي بكر ، أن الولاء لسيده ; لأن المكاتب عبد لا يثبت له الولاء ، فيثبت لسيده .
وكذلك فيما إذا ، وهذا نظيره . ويحتمل أن يفرق بينهما ; لكون العتق تم بإذن السيد ، فيحصل الإنعام منه بإذنه فيه ، وها هنا لا يفتقر إلى إذنه ، فلا نعمة له عليه ، فلا يكون له عليه ولاء ما لم يعجزه سيده . والله أعلم . ( 8832 ) أعتق بإذن سيده ، أو كاتب عبده فأدى كتابته
فصل : فإن لم يعلم السابق منهما ، فقال أبو بكر : يبطل البيعان ، ويرد كل واحد منهما إلى كتابته ; لأن كل واحد منهما مشكوك في صحة بيعه فيرد إلى اليقين . وذكر أنه يجري مجرى ما إذا زوج الوليان فأشكل الأول منهما ، فيقتضي هذا أن يفسخ البيعان ، كما يفسخ النكاحان . وعلى قول القاضي أبي بكر ، لا حاجة إلى الفسخ ; لأن النكاح إنما احتيج إلى فسخه من أجل المرأة ; فإنها منكوحة نكاحا صحيحا ، لواحد منهما يقينا [ ص: 403 ] فلا يزول إلا بفسخ ، وفي مسألتنا لم يثبت تعين البيع في واحد بعينه فلم يفتقر إلى فسخ .