( 8843 ) مسألة : قال : ( وإذا أسر العدو المكاتب ، فاشتراه رجل ، فأخرجه إلى سيده ، فأحب أخذه ، أخذه بما اشتراه ، فهو على كتابته وإن لم يحب أخذه ، فهو على ملك مشتريه ، مبقى على ما بقي من كتابته ، يعتق بالأداء ، وولاؤه لمن يؤدي إليه ) وجملته أن ، فالكتابة بحالها ; فإن أخذ في الغنائم ، فعلم بحاله ، [ ص: 407 ] أو أدركه سيده قبل قسمه ، أخذه بغير شيء ، وكان على كتابته كمن لم يؤسر ، وإن لم يدركه حتى قسم ، وصار في سهم بعض الغانمين ، أو اشتراه رجل من الغنيمة قبل قسمه ، أو من المشركين ، وأخرجه إلى سيده ، فإن سيده أحق به بالثمن الذي ابتاعه به . وفيما إذا كان غنيمة ، رواية أخرى ، أنه إذا قسم ، فلا حق لسيده فيه بحال . فيخرج في المشتري مثل ذلك . الكفار إذا أسروا مكاتبا ، ثم استنقذه المسلمون
وعلى كل تقدير ، فإن سيده إن أخذه ، فهو مبقى على ما بقي من كتابته ، وإن تركه ، فهو في يد مشتريه ، مبقى على ما بقي من كتابته ، فيعتق بالأداء في الموضعين ، وولاؤه لمن يؤدي إليه ، كما لو اشتراه من سيده . وقال أبو حنيفة : لا يثبت عليه ملك الكفار ، ويرد إلى سيده بكل حال . ووافق والشافعي أبو حنيفة ، في المكاتب والمدبر خاصة ; لأنهما عنده لا يجوز بيعهما ، ولا نقل الملك فيهما ، فأشبها أم الولد . وقد تقدم الكلام في الدلالة على أن ما أدركه صاحبه مقسوما ، لا يستحق صاحبه أخذه بغير شيء ، وكذلك ما اشتراه مسلم من دار الحرب ، وفي أن المكاتب والمدبر يجوز بيعهما ، بما يغني عن إعادته هاهنا . ( 8844 ) الشافعي
فصل : على وجهين ; أحدهما ، لا يحتسب عليه بها ; لأن الكتابة اقتضت تمكينه من التصرف والكسب في هذه المدة ، فإذا لم يحصل له ذلك ، لم يحتسب عليه ، كما لو حبسه سيده . فعلى هذا ، ينبني على ما مضى من المدة قبل الأسر ، وتبقى مدة الأسر ، كأنها لم توجد . والثاني ، يحتسب عليه بها ; لأنها من مدة الكتابة ; مضت بغير تفريط من سيده ، فاحتسب عليه بها ، كما لو مرض ، ولأنه مدين مضت مدة من أجل دينه في حبسه ، فاحتسب عليه بها ، كسائر الغرماء ، وفارق ما إذا حبسه سيده ، بما سنذكره إن شاء الله تعالى . فعلى هذا ، إذا حل عليه نجم عند استنقاذه ، جازت مطالبته . وهل يحتسب عليه بالمدة التي كان فيها مع الكفار ؟
وإن حل ما يجوز تعجيزه بترك أدائه ، فلسيده تعجيزه ، ورده إلى الرق . وهل ذلك بنفسه أو حكم الحاكم ؟ فيه وجهان ; أحدهما ، له ذلك ; لأنه تعذر عليه الوصول إلى المال في وقته ، فأشبه ما لو كان حاضرا ، يحققه أنه لو كان حاضرا ، والمال غائبا ، يتعذر إحضاره وأداؤه في مدة قريبة ، لكان لسيده الفسخ ، والمال هاهنا إما معدوم ، وإما غائب يتعذر أداؤه ، وفي كلتا الحالتين يجوز الفسخ . والثاني ، ليس له ذلك إلا بحكم الحاكم ; لأنه مع الغيبة يحتاج إلى أن يبحث ، أله مال أم لا ؟ وليس كذلك إذا كان حاضرا ; فإنه يطالبه ، فإن أدى ، وإلا فقد عجز نفسه . فإن فسخ الكتابة بنفسه ، أو بحكم الحاكم ، ثم خلص المكاتب ، فادعى أن له مالا في وقت الفسخ ، يفي بما عليه ، وأقام بذلك بينة ، بطل الفسخ . ويحتمل أن لا يبطل حتى يثبت أنه كان يمكنه أداؤه ; لأنه إذا كان متعذر الأداء ، كان وجوده كعدمه .