( 8853 ) مسألة : قال : ( وإذا أصاب الأمة ، وهي ملك غيره ، بنكاح فحملت منه ، ثم ملكها حاملا ، عتق الجنين ، وكان له بيعها ) . وجملته أنه إذا ، لم تصر أم ولد له بذلك ، سواء ملكها حاملا فولدت في ملكه ، أو ملكها بعد ولادتها . وبهذا قال تزوج أمة غيره ، فأولدها ، أو أحبلها ، ثم ملكها بشراء ، أو غيره رضي الله عنه لأنها علقت منه بمملوك ، فلم يثبت لها حكم الاستيلاد ، كما لو زنى بها ، ثم اشتراها ، ولأن الأصل الرق ، وإنما خولف هذا الأصل فيما إذا حملت منه في ملكه ، بقول الصحابة رضي الله عنهم ، ففيما عداه يبقى على الأصل . الشافعي
ونقل القاضي ابن أبي موسى ، عن ، رضي الله عنه أنها تصير أم ولد في الحالين . وهو قول أحمد الحسن ; لأنها أم ولده ، وهو وأبي حنيفة لها ، فثبت لها حكم الاستيلاد ، كما لو حملت في ملكه . ولم أجد هذه الرواية عن مالك ، فيما إذا ملكها بعد ولادتها ، إنما نقل عنه التوقف عنها ، في رواية أحمد مهنا ، فقال : لا أقول فيها شيئا . وصرح في رواية جماعة سواه ، بجواز بيعها ، فقال : لا أرى بأسا أن يبيعها ، إنما الحسن وحده قال : إنها أم ولد . وقال : أكثر ما سمعنا فيه من التابعين يقولون : لا تكون أم ولد حتى تلد عنده وهو يملكها . فإن يقول : نبيعها . عبيدة السلماني ، وشريحا ، وإبراهيم . وعامرا الشعبي
وأما إذا ملكها حاملا ، فظاهر كلام ، رضي الله عنه أنها تصير أم ولد . وهو مذهب أحمد رضي الله عنه ; لأنها ولدت منه في ملكه ، فأشبه ما لو أحبلها في ملكه ، وقد صرح مالك رضي الله عنه في رواية أحمد إسحاق بن منصور ، أنها لا تكون أم ولد ، حتى تحدث عنده حملا . وروى عنه ابنه ، قال : سألت أبي عن الرجل ينكح الأمة ، فتلد منه ، ثم يبتاعها . قال : لا تكون أم ولد له . قلت : فإن استبرأها ، وهي حامل منه . قال : إذا كان الوطء يزيد في الولد ، وكان يطؤها بعد ما اشتراها ، وهي حامل منه ، كانت أم ولد له . قال صالح ابن حامد : إن وطئها في ابتداء حملها ، أو توسطه ، كانت بذلك أم ولد له ; لأن الماء يزيد في سمع الولد وبصره . وقال : إن ملكها حاملا ، فلم يطأها حتى وضعت ، لم تصر أم ولد له ، وإن وطئها حال حملها ، [ ص: 416 ] نظرنا ; فإن كان بعد أن كمل الولد ، وصار له خمسة أشهر ، لم تصر به أم ولد . القاضي
وإن كان وطئها قبل ذلك ، صارت له بذلك أم ولد ; لأن رضي الله عنه قال : أبعد ما اختلطت دماؤكم ودماؤهن ، ولحومكم ولحومهن ، بعتموهن ، فعلل بالمخالطة ، والمخالطة هاهنا حاصلة ; لأن الماء يزيد في الولد ، ولأن لحرية البعض أثرا في تحرير الجميع ، بدليل ما إذا أعتق أحد الشريكين نصيبه من العبد . وقال عمر : إن وطئها بعد الشراء ، فهي أم ولد . وكلام أبو الخطاب يقتضي أنها لا تكون أم ولد ، إلا أن تحبل منه في ملكه . وهو الذي نص عليه الخرقي رضي الله عنه في رواية أحمد إسحاق بن منصور ، فقال : لا تكون أم ولد حتى تحدث عنده حملا ; لأنها لم تعلق منه بحر ، فلم يثبت لها حكم الاستيلاد ، كما لو زنى بها ثم اشتراها . يحقق هذا ، أن حملها منه ما أفاد الحرية لولده ، فلأن لا يفيدها الحرية أولى . ويفارق هذا ما إذا حملت منه في ملكه ; فإن الولد حر ، فيتحرر بتحريره .
وما ذكروه من زيادة الولد بالوطء ، غير متيقن ; فإن هذا الولد يحتمل أنه زاد ، ويحتمل أنه لم يزد ، فلا يثبت الحكم بالشك ، ولو ثبت أنه زاد ، لم يثبت الحكم بهذه الزيادة ، بدليل ما لو ملكها وهي حامل من زنى منه ، أو من غيره ، فوطئها ، لم تصر أم ولد ، وإن زاد الولد به ، ولأن حكم الاستيلاد إنما يثبت بالإجماع في حق من حملت منه في ملكه ، وما عداه ليس في معناه ، وليس فيه نص ، ولا إجماع ، فوجب أن لا يثبت هذا الحكم ، ولأن الأصل الرق ، فيبقى على ما كان عليه .