العربية في خطر..
عندما يتشابه الأنين أقول: قد تكون العلة واحدة! ولقد سمعت مدرسا للغة العربية في إحدى دول الخليج يتألم، وكأنه يستغيث، فقلت: إن مثل هـذا الجؤار شق مسامعي في دول الشمال الإفريقي، وفي وادي النيل، وفي أقطار أخرى، لا بد أن العلة واحدة.
وأخذت أقرأ ما نشرته جريدة الاتحاد في العدد ((3140)).
قال المحرر:
اللغة العربية من أهم الركائز التي تميز مجتمعنا عن بقية المجتمعات الأجنبية، تلك اللغة التي تميز هـوية هـذا المجتمع، وتثبت شخصيته وانتماءه.. وحين نطالب بالاهتمام بلغتنا العربية وإرساء قواعدها في أذهان طلابنا، فإننا ندعو إلى ذلك من باب الغيرة على لغة الضاد .
والذي دعاني إلى الخوض في هـذا الموضوع هـو شكوى تلقيتها من أحد أساتذة اللغة العربية عبر الهاتف حيث عبر عن تذمره ومعاناته، وأبدى دهشته واستغرابا من ضياع معالم هـذه اللغة في مجتمع الإمارات!
ذكر لي أنه يقوم بتدريس اللغة العربية، ويحاول جاهدا أن يرسخ ويثبت في أذهان التلاميذ مدى أهمية هـذه اللغة وجمالها وسهولتها وبساطتها، وكيف أن العرب قديما كانوا حريصين كل الحرص على معالم لغتهم، واعتبروها أساس الحضارة. [ ص: 106 ]
يقول: إنه حين يخرج من المدرسة فإن معالم اللغة العربية تضيع من أمامه تماما، فسائق التاكسي الذي يركبه أجنبي (هندي أو باكستاني)، وحين يصل إلى البيت ويرفع سماعة التليفون ليسأل في المستشفى عن صديق له يعالج هـناك، فإن عامل البدالة ((الأجنبي)) يجبره على التفاهم معه بلغة غير العربية، وحين يذهب إلى السوق، فإن كل البائعين في السوق أجانب، ويحتاج إلى عدد من القواميس لكي يستطيع التفاهم معهم، وحتى الحمال الذي ينقل مشترياته من داخل السوق إلى السيارة أجنبي.. ويكمل هـذا المدرس ((العربي)) طريقه ليفاجأ أن كل شيء في هـذا المجتمع بعيد كل البعد عن اللغة العربية! فيحس في المدرسة أنه هـو الوحيد الذي يجاهد ويكافح من أجل إرساء هـذه اللغة في أذهان أبناء هـذا المجتمع ((العربي)).
الحقيقة أنه ليس لدى أي تعليق على أقوال هـذا المدرس ((الغلبان))، سوى أن أضيف أن التلاعب بلغتنا امتد إلى لوائح الإعلانات في الشوارع العامة، وأسماء المحلات، والمعارض التي تكتب بخطوط عريضة ومليئة بالأخطاء اللغوية! والغريب أن البلديات لا تعير هـذا الجانب أي اهتمام، وتترك أصحاب المحلات ((الأجانب)) يكتبون ما يشاءون بالطريقة التي يريدونها، ويعلقون كتاباتهم بشكل استفزازي في الشوارع العامة!
هذا مثال للهوان الذي تلقاه اللغة العربية في الأسواق والشوارع.. وقد سقنا آنفا مثالا لما تلقاه لغتنا ((الجميلة)) من إقصاء وإزراء في ميادين العلوم، ثم لما يلقاه أدبها من تشويه وغبن في ميادين الآداب والفنون، ماذا بقي للغتنا من أماكن تكرم فيها؟
إننا نصيح محذرين: اللغة العربية في خطر، أدركوها قبل فوات الأوان!! [ ص: 107 ]