حركة الإحياء مختلفة بين الشرق والغرب
ولا بد من ملاحظة الاختلاف بين الظروف التي أحاطت حركة الإحياء (الرينيسانس ) في الغرب في عصر النهضة الأوروبية، وبين حركة الإحياء الإسلامية الحديثة.
لقد سعى العلماء في عصر النهضة الأوروبية لتوثيق علاقتهم الفكرية والنفسية بتراث الرومان واليونان متجاوزين تاريخ النصرانية والكنيسة بسبب حالة العداء بينهم وبينها؛ فكان هـدفهم إحياء التراث الوثني وإبرازه لقطع الصلة بالحاضر والماضي النصراني، لذلك صاحبت حركة الإحياء حملة عنيفة على الكنيسة والنصرانية وقيمها.
ويمكن أن نتلمس هـذه الحملة في أدبيات القرون الأربعة المتعاقبة منذ عصر النهضة الأوروبية حتى القرن العشرين، فهذه الظاهرة واضحة في الأدب الكلاسيكي (أدب القرن السابع عشر ) الذي كان " يستوحي الآداب اللاتينية واليونانية ويستمد منها مادته " [1]
. بل إن المدرسة النقيضة للكلاسيكية، والتي عرفت بالرومانتيكية ، واستمدت من أدب [ ص: 32 ] العصور الوسطى ممثلة في " ديدرو " و " فولتير " و " روسو " و " دالامبير " و " كوندورسيه " كان يغلب عليها التحلل من الدين والتقاليد، رغم أن بعضهم مثل " روسو " عبر عن إيمانه بالله وثورته على الكنيسة وفلسفتها التربوية [2] ...
وفي منتصف القرن التاسع عشر ظهرت المدرسة الجمالية التي أعلنت عدم الالتزام بقيم المجتمع الخلقية والدينية حتى قال " أوسكار وايلد " : " ليس ثمة كتاب يمكن أن يوصف " باللاأخلاقي " : إذ ليس ثمة سوى كتب حسنة التأليف وأخرى سيئة التأليف " [3] .