ثامنا - ضعف أجهزة الإعلام ورعاية الشباب في التوجيه
تقوم أجهزة الإعلام ا لمسموعة والمرئية والمقروءة في الدول ذات " الأيديولوجيات " والأفكار بدور رائد في توجيه الشباب وتثقيفه، وإشباعه بالعقيدة التي تؤمن بها، وربط حياته كلها بتلك " الأيديولوجية " التي تنطلق منها في فكرها وسياستها واقتصادها وشئون حياتها جميعها.
إن تثقيف الشباب وجذبه عن طريق البرامج المدروسة الشاملة للزيارات والرحلات، ومعسكرات الشباب الثقافية، ومعسكرات العمل للخدمة العامة، من أبسط واجبات رعاية الشباب؛ حتى يتربى الشباب على المسئولية نحو الدولة والأسرة والبلدة، وأن يكون ذلك بصورة عسكرية جادة، بعيدا عن الدعاية والمظهرية اللتين أفقدتا ا لشباب الثقة في المعسكرات والتجمعات كلها، ثم إن تبني الدولة لنشر " أيديولوجيتها " وطرح فكرها السياسي والاجتماعي والثقافي هـو الذي يثقف الشباب، ويجعل لحياته قيمة، فالنظرية الشيوعية تأخذ حيزا كبيرا من المناقشة والمناظرة في أجهزة الإعلام وتجمعات الشباب، وكذلك النظريات أو المذهبيات كلها التي تتبناها الدول، وليست المذهبية الإسلامية للشباب العربي بدعة بين ما هـو معروف في العالم، فكثير من [ ص: 69 ] الشباب يجهل مذهبية الإسلام السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية، ويجهل المقومات لأساسية لأمته، ويفتقر إلى أوليات البحث والمناقشة والمناظرة والجدل، الأمر الذي يجعل الكثير منهم يقف عاجزا أمام أي نقد يوجه إلى دينه وثقافته وتاريخه وتراثه وحضارته، لأنه يجهل ذلك كله، ولم تيسر له الظروف للدراسة والمعرفة على أي مستوى من مستويات التوجيه في الدولة.
إن لوسائل الإعلام من الخطورة في عصرنا ما قلل من دور البيت والمدرسة في تربية النشء وتوجيه الشباب، وذلك بما تملكه من وسائل الاتصال الجماهيرية المختلفة التي تقتحم البيوت والمؤسسات والمنتديات، سواء أكانت إذاعة أم تلفازا أم صحافة، وكل هـذه الوسائل تفرض نفسها على الناس، وتؤثر تأثيرات مباشرة، وتجتذب أكبر عدد منهم، ولكنها مع ذلك كله عاجزة عن أن تقدم للناس ما يثري حياتهم وفكرهم، وللشباب ما يرضي طموحاتهم للثقافة والمعرفة والترفيه، وذلك أنها تعتمد على برامج مستوردة لمجتمعات تختلف عنا في عاداتها، وطرائق حياتها، ومشكلاتها التي تعالجها، والحلول التي تقدمها للمشكلات؛ هـذا في غير الجوانب العلمية غير الموجهة لخدمة أغراض أخرى.
وكان من آثار ذلك ظهور أنواع الانحرافات في صفوف الشباب بسبب ما شاهدوا في فيلم أو تمثيلية؛ حيث إن المادة المقدمة لا تميز بين جرائم القتل والاغتصاب والسرقة والمخدرات وبين المواد القليلة المتصلة بالنواحي العلمية.
كما أن الصلة مفقودة بين أجهزة الإعلام والتربية ومنظمات الشباب باعتبارها مكملة لبعضها ومتممة. [ ص: 70 ] بل إن الأمر قد وصل إلى أفلام " الكرتون " التي يشاهدها أطفالنا، ففي كثير منها إيحاءات، بل مواقف واضحة تتعارض مع قيم الإسلام وأخلاقياته، وفي بعض هـذه الأفلام ما يزين للأطفال منذ صغرهم التفكير في الجنس، بل تصوير ما يجري بين الكبار في هـذه الأفلام، ومكمن الخطورة أن الكثير من الآباء لا يهتمون بمشاهدة ما يقدم لصغارهم، ولعل الذين يجلبونها ويشترونها لا يشاهدونها قبل شرائها وهنا مكمن الخطورة. [ ص: 71 ] [ ص: 72 ]