(7) الأمفيتامينات Amphetamines دخلت الأمفيتامينات في المداواة منذ حوالي (40) عاما وتتمتع بخواصها الرافعة للقدرة والمساعدة على النشاط العصبي؛ مما دعا بعضهم أن يسميها بالمقويات النفسية Psychotoniques ويمكن أن نصنفها في مجموعتين رئيستين.
(أ) المؤثرات في الجملة العصبية الودية المشتقة من الفينل إيتيل أمين مثل الماكستونMaxiton والبنزديرين Benzedrine والأورتيدرين Ortedrine والبيرفيتين Pervitin والميتيدرينMetedrine والديكسيدرين Dexedrin..
(ب) المركبات المشتقة من مكونات معقدة كالبريلودين Preludine والبيبرادول Pipradol والميراتانMeratan.
ويمتاز تأثير هذين النوعين من المركبات على نصفي الكرة الدماغية بحيث يتجلى من الناحية العضوية بزيادة الفعالية العصبية العضلية مع ارتفاع في الضغط الشرياني والسعة التنفسية وتوقف النوم.
ومن الناحية النفسية يتجلى بزيادة النشاط الفكري وارتفاع التنبه دون التأثر بحالة التعب التي قد لا يحس بها المرء مع زيادة في القدرة على العمل والاستمرار به لمدة أطول. [ ص: 106 ]
ولهذا ازداد الطلب على مثل هذه المركبات من قبل رجال الأعمال والسياسيين المنهكين؛ والطلاب خاصة في فترات الامتحانات؛ وبعض الرياضيين قبل دخولهم في المباريات. وقد استعملت هذه المركبات بنجاح في نهاية الحرب العالمية الثانية لزيادة قدرة الجنود على مكافحة التعب الجسمي والعقلي ودفع النوم. ونشير إلى أن كثيرا من النساء يلجأن إلى بعض هذه المركبات لمعالجة زيادة الوزن جريا وراء نحولة الجسم والرشاقة؛ نظرا لأنها تزيل الإحساس بالجوع.
تباع هذه المركبات في التجارة الدوائية بشكل حبوب صغيرة يختلف عيارها من (1-5) ملغ وسطيا وهناك عيارات أعلى من ذلك، وقد نجد أشكالا دوائية أخرى كالإبر المعدة للحقن وذات العيار المرتفع والمستعملة عادة في حالات السبات العميق.
ونظرا لسهولة تناول هذه الأدوية وسهولة الحصول عليها، نشأ الإدمان من جراء زيادة المقادير وتولد الحاجة في البدن، ويعتقد بعض الباحثين أن المقادير الصغيرة من هذه الأدوية لا تؤدي إلى أعراض خطيرة، ولكن بعضهم الآخر أشار من جراء الإحصاءات الدقيقة إلى الأخطار والاضطرابات الشديدة التي تنشأ سريعا عن الإذعان لهذه المركبات.
ففي هذه الأدوية ينشد المدمن الشعور بالنشوة الفعالة كالتي تنشأ من الكوكائين.. ولكن الحاجة التي تدعو إلى زيادة الجرعات تقرب هذه المركبات من الهيروئين. ولقد شوهدت حالات تناول فيها المريض ما يزيد عن (60) حبة يوميا. وحالات أخرى يتكرر فيها الحقن الوريدي أكثر من (10) مرات يوميا. [ ص: 107 ]
وفي هذه الحالة تبدأ الأعراض بشكل صاعق وبسرعة هائلة على عكس ما ينشده المدمنون على الأفيون. فهؤلاء ينشدون الراحة والسكينة والاستسلام إلى الاسترخاء الطويل.. بينما ينشد متعاطو الأمفيتامينات إلى اللذة الصارخة والتنبه المفرط، بحيث يبقى المرء مستيقظا دون أن يداعب النوم أجفانه عدة أيام.
وبعد هذه اللذة العارضة تبدأ أعراض الإذعان الخطيرة... من الشعور بالتعب الشديد إلى الحاجة الملحة للنوم العميق، ويبدو المريض وقد استنفد من الناحية النفسية استنفادا كاملا، تخيم عليه الكآبة والقلق. وأهم ما يميز هذه الإنسمامات شعور المصاب بانفصام الشخصية، فيحس بنفسه أنه مراقب ومنتقد، ومستهتر به، وتحاك حوله المؤامرات.. فيسبب هذا لديه انحسارا نفسيا عاليا قد يؤدي به إلى الانتحار.
ومن الجدير بالذكر أن هذا النوع من الإدمان اجتاح السويد خاصة بشكل مخيف، واضطرت الحاجة إلى العقار كثيرا من المدمنين للحصول عليه بصورة غير شرعية.
وقد أشار العالم النفساني الدكتور نيل بيجروت Dr. Nil Bejerot في النداءات المتكررة إلى حالة الإنذار التي وصل إليها الإدمان في السويد.
فمدمنو الأمفيتامين في استوكهولم الذين لم يتجاوز عددهم (200) شخص في عام (1954) أصبحوا (1000) في عام (1960) و (4000) في عام (1965) و (10000) في عام (1968) وما يزيد عن (25000) في عام (1980) . وأن هذه الجائحة انتشرت لتعم فنلندا والنرويج أيضا. [ ص: 108 ]
ولاحظ العالم الدكتور مارتن Dr.Martens أن المدمن يأخذ الحبوب ويسحقها ثم يحلها في الماء ويحقنها في الوريد على الرغم من ارتفاع عيارها. وقد يكرر هذه العملية عدة مرات في اليوم الواحد.
والأدوية المأخوذة بهذه الطريقة تبعث النشوة وتزيد في النشاط وترفع من القدرة مع تناقص في المحاكمة العقلية وزيادة في النشاط الجنسي وميل إلى انفصام الشخصية وبوادر من الصفات العدوانية.
وضحايا هذه الجائحة أكثرهم من الشباب ما بين (20-30) من العمر ولا بد أن ينتهوا أخيرا إلى الموبقات والجرائم بغية الحصول على المال لجلب العقار؛ وتأكد أن غالبية النساء المدمنات هن من بنات الهوى. ولم تقتصر هذه الجائحة على البلاد الإسكاندينافية بل تجاوزتها إلى اليابان والولايات المتحدة الأمريكية .
فقد اعترف الرئيس نيكسون في 21/آذار - مارس من عام 1970م في تصريح أدلى به في الكونغرس الأمريكي بعظم هذه النكبة وأهمية التدابير المالية التي يجب أن تتخذ لمكافحة هذا الخطر الذي يهدد الفرد والمجتمع وأجيال المستقبل. وتعتمد هذه التدابير بصورة خاصة على نشر المعلومات والإحصاءات بالتعاون مع الصحافة والحكومة الفيدرالية والحملات العامة ضد تعاطي المخدرات.
وقد أظهرت الإحصاءات التي ينشرها المكتب الأمريكي للمخدرات أن أكثر من (000,500) من الأمريكيين يتعاطون المركبات الباربيتورية ومشتقات الأمفيتامين؛ هذا عدا المدمنين على المخدرات الأخرى المعروفة. [ ص: 109 ]
وقد أشار الدكتور مازاكي MasaKi في تقريره إلى هيئة خبراء العقاقير المولدة للإدمان؛ أن المدمنين على الأمفيتامينات في اليابان يزيد عددهم عن (000,600) ؛ في حين يرتفع هذا العدد في تقرير العالم ناغاهاما Nagahama إلى أكثر من مليون؛ وأن ما لا يقل عن (66%) من هؤلاء ينحصر عمرهم ما بين (20-29) سنة؛ وأن (23%) منهم لم يبلغوا بعد (19) عاما.
ولا بد لنا أخيرا أن نؤكد على أن أخطر ما في هذه العقاقير ارتفاع قدرة التحمل مع الزمن وزيادة الجرعات مما يزيد في خطورة العواقب الوخيمة لهذا النوع من الإدمان التي قد تنتهي بالموت، والتي نجد أمثلة حية عنها لدى عدد من الرياضيين والمتسابقين الذين وقعوا في هذا الشرك الخطير. [ ص: 110 ]