(4) القات CATH = Catha Edulis
(أ ) معلومات نباتية
القات شجيرة تنمو في الجزيرة العربية وتنبت كذلك في أفريقيا الشرقية. وتشبه كثيرا شجرة الشاي. أوراقها صغيرة متقابلة وذات طعم مر. والإقليم المناسب لنموها رطب ومعتدل الحرارة وبارتفاع يتراوح ما بين (1500-) م.
يشكل القات اليوم جائحة واسعة المدى في جنوبي الجزيرة العربية والصومال والحبشة وكينيا وأفغانستان .
(ب) معلومات سريرية وفارماكودينامية
يتألف القات من:
(1) مادة بيكتية وراتنجية وعفص وحمض الأسكورنيك فيتامين C والكولين والماينت.
(2) ويشتمل على عطور زيتية مائلة للاصفرار ذات طعم ورائحة مقبولين.
(3) ثلاث قلويدات: القاتينين Cathinine والقاتيدين Cathidine والقاتين Cathine والأخير يعتبر مسؤولا عن الخواص الفيزيولوجية للنبات. [ ص: 81 ]
يباع القات بشكل رزم تزن ما بين (125 - 250) غ لتستهلك خلال الأيام الأربعة التالية لقطف النبات، لأن الأوراق الجافة تفقد كثيرا من فعاليتها، يمضغ آكل القات العادي وسطيا ما بين (15 - 100) غ يوميا بينما يستهلك المدمنون ما لا يقل عن (250 - 400) غ يوميا.
في المرحلة الأولى يشعر المرء بإحساس السعادة وينسى جوعه وهمومه وآلامه. وعندما تشتد به النشوة، تتوارد عليه الأفكار والذكريات وتسهل عليه الحركات والكلمات التي تصبح غير مترابطة، وتصبح نظراته براقة وثابتة. وتتسع حدقة العين؛ ويترافق ذلك بتسرع ضربات القلب، وزيادة في الضغط الدموي.
ومن ثم يشعر المرء أنه قادر على الأعمال الغرامية العاطفية؛ وتنتهي به هذه الحالة بالإمناء الآني دون أن يترافق ذلك بالانتصاب. ومن الجدير بالذكر أن آكلي القات يعتقدون أنه يقوي من القدرة الجنسية، ولكن الواقع أن جميع المدمنين مصابون بالعنة والعجز الجنسي التام.
وبعد هذا الطور تأتي مرحلة الوهن والتعب الشديد والنوم العميق. وتختلف مدة هذه المرحلة باختلاف كمية القات المستهلكة.
ويلاحظ في الطبقات البائسة أفرادا من الناس يمضغون الأوراق طيلة النهار، لكي ينسوا جوعهم وهمومهم.
(ج) الاختلاطات الناجمة عن إدمان القات
من الجدير بالذكر، الإشارة إلى أن القات لم يدخل في زمرة المخدرات المعروفة والمحددة من قبل منظمة الصحة العالمية (كانون الثاني - يناير - 1952م) مع الأسف. وفي الواقع، إن المرء لا يخضع [ ص: 82 ] لسلطان العقار بشكل جائر؛ بل بإمكانه أن يمتنع عنه إذا توفرت له الإرادة الصادقة. فليس هناك أي اعتبار أو إذعان نفسي بكل ما في الكلمة من معنى. ويمكن أن نلخص عواقب الإدمان على القات بما يلي:
1 - العواقب الطبيـة
يمكن أن يلاحظ تبعا للجهاز العضوي ما يلي:
أولا : اضطرابات هضمية: شلل المعي الغليظ، القمه (فقدان الشهية) إمساك شديد - التهاب المعدة، جفاف البراز - سيلان اللعاب - هيجان البواسير.
ثانيا : اضطرابات قلبية وعائية - وارتفاع الضغط.
ثالثا: اضطرابات نفسية: نوم عميق - عجز كامل - حالة تنبه - أرق، وهن كامل - ارتخاء فكري، حدة المزاج، كثرة الحزن.
رابعا : اضطرابات جنسية : إثارة الشهوة الجنسية، سلس الودي.
2 - العواقب الاجتماعيـة
إذا اعتبرنا أن الاستهلاك المتوسط للمدمنين يتراوح ما بين (100- 200) غ يوميا يمكن أن ندرك بسهولة ما ينفقه المرء من المال ليحصل على قوته اليومي من القات. ولا شك أن هذا ينعكس بصورة واضحة على معاشه وحياته اليومية. وهكذا تتكاثر حالات الحرمان وسوء التغذية في بلاد القات؛ مما حدا ببعضهم أن يدعوه بالجائحة الاجتماعية الخطيرة. [ ص: 83 ]
يمكن أن نقبل أحيانا أن البؤس والفقر وسوء التغذية وشدة الإقليم؛ عوامل مساعدة على تناول القات. ولكننا في هذه الحالة نزيد الطين بلة: فبدلا من أن نعالج الداء بالدواء، نعالجه بداء أشد منه.
لقد تمت محاولات عديدة لمكافحة هذه العادة الاجتماعية، ولكنها جميعا باءت بالفشل. فلم تنفع قرارات المنع، ولم تجد الضرائب المرتفعة، بل إن المدمن يفضل أن يحرم نفسه من الغذاء من أجل أن يوفر المال ليشتري به الداء العضال.
ويعتقد الخبراء أن الوسيلة الوحيدة هي الارتفاع بالمستوى المعاشي وتطوير المجتمع من الناحية الاجتماعية والنفسية وزيادة التعليم وإيجاد الحاجات المعتبرة الجديدة، يمكن أن تساهم بشكل فعال في معالجة هذه المأساة الاجتماعية الكبرى، والتي من نتائجها على الأقل مضيعة المال والوقت وتخلف في التنمية ومواكبة العصر.
لقد أورد المكتب العربي لشئون المخدرات في تقريره (أن الجمهورية العربية اليمنية تخسر سنويا ما يزيد على ثلاثة آلاف وخمسمائة مليون ساعة عمل، هو الوقت الهائل الذي يضيع على أبناء اليمن بسبب مضغ أوراق القات وتخزينه؛ وهو وقت تتبين قيمته في التنمية المطلوبة لهذا البلد الإسلامي، فيصيب اقتصادها بخسائر فادحة، فضلا عن ألف مليون ريال ثمنا للقات الذي يستهلكه المواطنون) . [ ص: 84 ]