المبحث الأول
فضل المذاكرة
لقد كانت للمذاكرة مكانة مهمة في المجال التعليمي عند المحدثين. ويستطيع الباحث أن يتلمس جذورها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومدى رسوخها في عهد الصحابة والتابعين ومن يليهم.
وهي وسيلة من وسائل ترسيخ الحديث في الذهن، وفهم فقهه، وهي المنهج الذي يتبعه السلف والخلف، طلبة وعلماء... [ ص: 75 ]
وقد نوهوا بها غير ما مرة، " فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: تذاكر العلم بعض ليلة أحب إلي من إحيائها " [1]
وجعلوها موازية للصلاة؛ " فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: الدراسة صلاة " [2]
كما جعلوها في مقام تلاوة القرآن. وفي هـذا أخرج الرامهرمزي عن المعتمر ابن سليمان عن أبيه قال: " كنا أنا وأبو عثمان النهدي وأبو نضرة وأبو مجلز الأبح ، نتذاكر الحديث والسنة. فقال بعضهم: لو قرأنا سورة؟ فقالوا: ما نرى أن قراءة سورة أفضل مما نحن فيه " [3]
فإذا كان الأمر كذلك، فلنحاول تتبع أهدافها ورصدها، لتتبين لنا قيمة المذاكرة في كل جيل، والتطور الذي يمكن أن يحدث فيها.