المبحث الخامس
نتائج الرحلة
بعد استقراء النصوص، تتبين لنا أهمية الرحلة عند المحدثين، ويمكن اختصارها في النقاط التالية:
1-توسيع الأفق، وذلك بالإطلاع على الأحاديث التي لا يعلمها الطالب، فينتفع بها في دنياه وأخراه.
2-نشر العلم، وذلك تطبيقا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا يدخل في إطار البعثات التعليمية.
3-الضبط بالرجوع إلى المصدر، وقد مر بنا أن المحدث قد يرحل بسبب حرف واحد.
4-علو السند، حيث تتقلص المسافة الزمنية بين الراوي والرسول عليه الصلاة والسلام ، فيكون الاطمئنان إلى الرواية أدعى مما إذا كان السند نازلا.
وقد اعتبر الإمام أحمد بن حنبل طلب علو الإسناد من الدين [1] ، وأنه سنة عمن سلف [2]
ولما سئل أحد المحدثين عن أحب شيء إليه قال: " القلب الخالي والسند العالي " . [3] [ ص: 109 ]
أما محمد بن أسلم الطوسي الزاهد العالم، فقد قال: " قرب الإسناد قرب - أو قربة - إلى الله سبحانه وتعالى " [4]
5- دفع البلاء، وذلك لاعتقاد المحدثين فرضية الانقطاع للعلم الشريف، والحفاظ على السنة المطهرة، وقد ورد عن إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه قوله: " إن الله تعالى يدفع البلاء عن هـذه الأمة برحلة أصحاب الحديث " [5]
لأنهم تتبعوا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحافظوا عليه، وبالتالي كانوا حفاظا للعقيدة والدين، وهذا هـو الجهاد بعينه.
بعد هـذه الإطلالة، يتضح أن الطالب يتحرى الأخذ عن الشيوخ، والرحلة إليهم، وتحمل المشاق، فما دور ذلك من تكوين الشخصية العلمية؟
هذا ما سنتاوله بالدراسة في الفصل التالي. [ ص: 110 ]