المبحث الثالث: دور المرأة في الجرح والتعديل
قبل الاسترسال في الحديث عن مشروعية الجرح والتعديل عند النساء وبداياته، وأهم من خاضت في هـذا الفن، يحسن بنا أن نلقي نظرة عن ماهية هـذا العلم وفضله.
أ- تعريف الجرح لغة [1] نقول: جرحه جرحا إذا أثر فيه وكلمه بالسلاح ونحوه، وعند المبالغة نقول: جرحه أي أكثر فيه الجراح، وقد يكون الجرح معنويا فنقول: جرحه بلسانه أي شتمه وسبه، وقد يتم الجرح دون سب ولا شتم كقولنا: جرح الحاكم الشاهد أي أسقط عدالته، وذلك إذا عثر منه على ما يسقط به عدالته من كذب وغيره، ولا يختص هـذا اللون من الجرح بالحكام وإنما يتجاوزهم إلى كل الناس. وقال بعض التابعين [2] : (كثرت هـذه الأحاديث واستخرجت، أي فسدت وقل صحاحها) .. ويشرح ابن منظور هـذه العبارة بقوله: أرادوا أن الأحاديث كثرت حتى أحوجت أهل العلم بها إلى جرح بعض رواتها ورد روايته. فاستعمل المحدثون الجرح في نقد الرواة ورد الرواية.
ب- تعريف التعديل لغة [3] :
قال تعالى : ( وأشهدوا ذوي عدل منكم ) (الطلاق:2) .
قال سعيد بن المسيب (ت94هـ) : [ ص: 185 ] (ذوي عقل) ، وقال غيره: (العدل الذي لم تظهر منه ريبة) .
والعدل: ما قام في النفوس أنه مستقيم وهو ضد الجور، فيقال: هـو يقضي بالحق أي يعدل فهو عدل، والعدل في الأصل مصدر، أطلق هـنا وأريد به اسم الفاعل عادل، والعدل أبلغ من العادل، كما نقول: إمرأة عدل وعدلة، ورجال عدول ونساء عدول.
والعدالة والعدولة بمعنى العدل، فاستخدم المحدثون لفظ العدالة والتعديل والعدل والعدول في مجال الحكم على الرجال في الحديث، استخداما لغويا على حقيقته.
جـ- تعريف الجرح والتعديل في الاصطلاح
يعرف حاجي خليفة (ت1067هـ) هـذا العلم بقوله: هـو علم يبحث فيه عن جرح الرواة وتعديلهم بألفاظ مخصوصة [4] .
ويجعل الحاكم النيسابوري معرفة الجرح والتعديل ثمرة علم أصول الحديث: (والمرقاة الكبيرة منه) [5] ، ويراهما علمين مستقلين إذ يقول : هـما في الأصل نوعان، كل نوع منهما علم برأسه. [6] .
ولعل هـذا المعنى هـو الذي جعل صاحب (المختصر في علم رجال الأثر) يعرف كلاهما بتعريف مستقل. [ ص: 186 ]
أما الجرح فهو رد الحافظ المتقن رواية الراوي لعلة قادحة فيه، أو في روايته من فسق أو تدليس أو كذب أو شذوذ ونحوها [7] .
وأما التعديل فهو وصف الراوي بما يقتضي قبول روايته [8] .
وأما ابن أبي حاتم فيعرف الجرح والتعديل بـ: (إظهار أحوال أهل العلم، من كان منهم ثقة أو غير ثقة) [9] .
ولا نريد أن نسترسل في بيان أي التعاريف الجامع المانع، إذ غايـتنا هـي بيـان ما يـؤدي إليه الجـرح والتعديـل من القبول والرد، وما أوردنا من التعاريف متضمنة لهذا، مما يجعل علم الجرح والتعديل عماد علوم السنة.
الجرح والتعديل ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم
وصلتنا وقائع ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم تدل على أنه عليه الصلاة والسلام جرح وعدل بالمعنى العام، وقال العراقى [10] : (تكاد كل مصادر علوم الحديث تجمع على أن الكلام في الجرح والتعديل متقدم ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عن كثير من الصحابة والتابعين)
ولبيان وقائع جرح فيها النبي صلى الله عليه وسلم أناسا، نورد هـنا بعض الأمثلة: [ ص: 187 ]
- المثال الأول: عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ائذنوا له فبئس رجل العشير (أو بئس رجل العشيرة) [11] ، فقد أورد الخطيب البغدادي [12] هـذا الحديث بسنده للاستدلال على أن النبي صلى الله عليه وسلم جرح وعدل.
- المثال الثاني: قصة ( حاطب بن أبي بلتعة وفيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أما إنه قد صدقكم. ) يعني حاطب، لما أجابه في الدفاع عن نفسه لما أقر الكتاب الذي أرسله إلى قريش... الحديث [13] .
ما ذكرنا من وقائع وأمثلة أخرى [14] التي جرح فيها الرسول صلى الله عليه وسلم بعض الأشخاص أو وصف آخرين بالصدق، تفيدنا بأنه عليه الصلاة والسلام وضع الخطوط العريضة لفن الجرح والتعديل.
مشروعية تعديل النساء وتجريحهن
انقسم العلماء في ذلك إلى قسمين
1- القسم الأول: يرى عدم قبول تعديل النساء، لا في الروايـة ولا في الشهادة، وقد حكاه أبو بكر الباقلاني عن أكثر الفقهاء من أهل [ ص: 188 ] المدينة [15] ، وهم يمثلون الجانب المتشدد في هـذا الموضوع. وتجدر الإشارة إلى أن أبا بكر الباقلاني يقبل تزكية المرأة مطلقا في الرواية [16] .
2- القسم الثاني: وهو الجمهور; يرى أن يقبل تعديل المرأة والعبد العارفين [17] ، فكما تقبل روايتها تقبل تزكيتها، وهذه مسائل فقهية كما يقول الغزالي ثبتت بالمقاييس الشبيهة [18] ، ولا شيء يمنع من ذلك من إجماع أو غيره، على ملحظ أبي بكر الباقلاني [19] .
أدلة مشروعية تعديل المرأة وتجريحها
- قصة الإفك وتعديل النساء
إن واقعة الإفك التي نزل فيها القرآن الكريم تبرئة لأم المؤمنين عائشة ، احتوت إشارات بليغة في بيان مشروعية تعـديل النسـاء وتجريحـهن، إذ ( لمـا خـاض المنافقون في الكـلام على أم المؤمنين ومكث النبي صلى الله عليه وسلم شهرا لا يوحى إليه، أشار علي بن أبي طالب على النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال جارية عائشة بريرة ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بريرة وقال لها: أي بريرة هـل رأيت من شيء يريبك؟ فقالت: والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمرا قط أغمصه [20] ، غير أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله ) [21] [ ص: 189 ] .
ففي السؤال ما يبين أن بريرة مطالبة بالإخبار عن شيء زائد غير معلوم، ثم قد تحقق أنها أهل لهذه الشهادة لقول علي رضي الله عنه : اسأل الجارية تصدقك [22] .
والتوجه نحو بريرة أيضا لأنها عارفة بأحوال عائشة ، فقد تحقق إذا في بريرة شرطا العدالة والمعرفة بحال المراد تعديله أو تجريحه. وعلى هـذا إخبارها بما تعلم معتبر ومعتمد.
- ثم إنه صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش بقوله: (ماذا علمت أو رأيت؟) فأجابـته مزكـية لعائـشة: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، ما علمت إلا خيرا.. [23] .
فسؤال الرسول صلى الله عليه وسلم عن حال عائشة، وجواب بريرة وزينب، واعتماد النـبي صلى الله عليه وسلم قولـهما حتى خطب واستعذر صلى الله عليه وسلم من عبد الله بن أبي، ففي مجموع ذلك ما يفيد جواز تعديل النساء، ثم إن إشارة علي على النبي صلى الله عليه وسلم تدل على أن تعديل النساء لم يكن أمرا مستنكرا، بل كان جاريا ومستفيضا طالما تحقق شرط العدالة والمعرفة بأحوال من يراد تعديله أو جرحه. [ ص: 190 ]
- وقد أورد البخاري هـذه القصة تحت أبواب متعددة منها باب: تعديل النساء بعضهن بعضا [24] .. وقال ابن حجر [25] في بيان الترجمة: ولعل الترجمة توحي بأن الجواز مقتصر على تعديل النساء لبعضـهن لا للرجـال، وهذا غير وارد، إذ نقل بعد ذلك: أن الجمهور على جواز قبولهن مع الرجال فيما تجوز شهادتهن فيه [26] ، ولما كان الأمر متعلقا بالروايـة ولا تعـلق له بالأموال والأرواح جاز التعديل ولو أتى من واحدة منفردة.
- وفي قبول تعديل المرأة، عقد الخطيب البغدادي بابا ترجم له هـكذا: (ما جاء في كون المعدل امرأة) ؛ مبينا أن أصل هـذا الباب سؤال النبي صلى الله عليه وسلم بريرة في قصة الإفك[27] .
الجرح والتعديل بين الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين
قبل الكلام على هـذا، يجدر التنبيه أننا وإن أطلقنا اللفظ الاصطلاحي لفن الجرح والتعديل في عصر الصحابة، فلا بد من الاحتراز في قضية العدالة لدى هـؤلاء الصحب الكرام، إذ الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، لتعديل الله تعالى لهم، وكان الصحابة رضوان الله عليهم جميعا يحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة أو [ ص: 191 ] بواسطة صحـابي آخر، " فعـن البـراء قـال : ليس كلنا كان يسمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، كانت لنا ضيعة وأشغال، ولكن كان الناس لم يكونوا يكذبون فيحدث الشاهد الغائب. " [28] فلم يجدوا غضاضة في السماع من صحابي آخر ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وما كان أحد يشك في الآخر أو يتهمه. " فعن أنس رضي الله عنه : أنه حدث بحديث، فقال له رجل: أسمعت هـذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: نعم. أو حدثني من لم يكذب؟ والله ما كنا نكذب، ولا ندري ما الكذب " [29] ومع ذلك كله فالصحابة بشر وهم معرضون كغيرهم للسهو والنسيان، ويعتريهم الوهم أحيانا، ولا يعني تعديلهم نفي إمكانية السهو والنسيان عنهم.
فحيث لا يوجد بين الصحابي وبين الرسول صلى الله عليه وسلم سلسلة إسناد، بل الواسطة هـي واحدة من الصحابة غالبا [30] فقط، فإن الوهم إن كان، فإنما هـو من الراوي الصحابي، وإنما يقع له الوهم غالبا للأسباب التالية [31] :
- يحدث بما سمع ولا يدري أنه منسوخ.
- أن يقع له انقلاب بين شيئين أو لفظين (المقلوب) . [ ص: 192 ]
- أن يقول مع رواية الحديث قولا من عند نفسه، متصلا بنص الحديث، فيظنه السامعون مرفوعا ( المدرج ) .
- أن يـروي الحديـث في مـورد يجـعله يتحمل من المعنى أكثر مما يحتمل.
- أن يروي الحديث على غير وجهه، لغفلته عن سبب الورود.
لكن الصحابة الآخرين ما كانوا ليسكتوا على الخطأ، بل كان بعضهم يصحح لبعض ما وهم فيه.. وأوهام الصحابة مع ذلك قليلة بالنسبة لمن بعدهم.. وتوافر إخوانهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان عاملا في ضمان التصحيح وسرعته. لذلك قد نجد الصحابي الذي يصحح، يصف صاحب الرواية المعترض عليها بالوهم أو الخطأ، وهذا قصارى ما يرد في الجرح والتعديل عند الصحابة رضي الله عنهم جميعا لخروج الكلام في العدالة منه، وكان ممن تكلم في هـذا الفن من الصحابة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، فقد ذكر ابن عدي أن عددا من الصحابة تكلموا في الجرح والتعديل، وذكر منهم عائشة رضي الله عنها [32] .
أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها والتعديل
كان موقف أم المؤمـنين إذا سمـعت من أحـد رواية لا تتـفق مع ما تعلمه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تبادر إلى بيان الوهم الواقع فيها، فقد [ ص: 193 ] وهمت رضي الله عنها جماعة من الصحابة في رواياتهم للحديث.. أورد هـنا بعض الأمثلة:
- المثال الأول: وهمت أم المؤمنين عائشة ابن عمر في تواريخ اعتمار النبي صلى الله عليه وسلم إذ أنكرت عليه كونه عليه الصلاة والسلام اعتمر في رجب.. الحديث [33] ، وفيه أن ابن عمر سكت حين راجعته، وفي هـذا يقول النووي [34] : سكوت ابن عمر على إنكار عائشة يدل على أنه قد اشتبه عليه أو نسي أو شك، واستدل ابن حجر بالرواية على صدور الوهم من الصحابي، فقال: وفيه دليل على أنه يدخل الوهم الصحابي والنسيان لكونه غير معصوم.
[35] ، وزاد القرطبي [36] على قول ابن حجر : إن ابن عمر رجع لقولها.
- المثال الثاني: غلطت أم المؤمنين ابن عمر في روايته لحديث أذان بلال وأذان ابن أم مكتوم، وكانت تقول بعد أن أتت بالرواية على الوجه الذي تعلـمه صحيـحا: (غلط ابن عمر) [37] . وحسـب رأي أم المؤمنين فإن غلط ابن عمر تمثل في قلبه للحديث، فجعل مؤذن الليل مبصرا وهو بلال، ومؤذن الصلاة أعمى وهو ابن أم مكتوم . [ ص: 194 ]
- المثال الثالث: في رد حديث ابن عمر : ( إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه ) [38] فبعد أن ذكرت رضي الله عنها تصحيح الرواية وسبب ورود الحديث قالت: (أما أنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ) [39] وصرحت بنسبته للوهل والوهم.
- المثال الرابع: كما ردت عائشة رواية أبي هـريرة لحديث: ( لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا ودما، خير له من أن يمتلئ شعرا ) ، [40] فبعد أن صحـحت الروايـة قـالت: " لم يحفظ الحديـث " [41] وتعني أبا هـريرة ونسبته لغفلة في عدم ضبطه لهذا الحديث.
وأمثلة أخرى فيها توهيم عائشة لبعض الصحابة لرواياتهم لبعض الأحاديث، مما يدل على أنها رضي الله عنها كانت من أول من تكلم في الجرح والتعديل في رواية الحديث، ومن المكثرين أيضا، وقد تيسر لها هـذا بسعة علمها وحفظها لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفهمها لمعانيه وفقهها لأحكامه، واطلاعها على سبب وروده، مع ما حباها الله تعالى من فطنة وذكاء.. فهذه بحق الشروط التي ينبغي توفرها في الذي يخوض في هـذا الفن، وهذا في كل العصور.. وعلى هـذا، مساهمة [ ص: 195 ] النساء في هـذا العلم موقوفة بتوفر الشروط اللازمة.. وللخوض فيه اعتبارات أخرى.. وقد رأينا حظ أم المؤمنين فيه، فقد كانت رضي الله عنها بحق محدثة عصرها، بل كافة العصور، وناقدة بارعة.
الجرح والتعديل عند غير أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
إن علماء الجرح والتعديل معروفون عبر مختلف العصور، المتشدد منهم والمعتدل والمتساهل، معروفة مناهجهم في الكلام في الرجال، لكن المصنفات لم تسجل لنا ذكر النساء اللائي ساهمن مساهمة فعلية ومباشرة في هـذا الفن، اللهم إلا أم المؤمنين عائشة ، غير أن علم الجرح والتعديل في عصرها، لم يكن بعد قد استقر على شكله النهائي، غير أننا من خلال التفتيش في تراجم النساء العالمات، المعروفات بالرواية والطلب، حصلنا على إشارات فيها دلالة إما مباشرة أو ضمنية على أنه وجد في النساء من تكلمت في الرجال، أحيانا لا يكون كلامها بالمفهوم الاصطلاحي لكن هـو من باب التصحيح وبيان الخطأ، مما يمكن إدراجه تحت الوهم وقلة الضبط.. ونورد هـنا بعض الأمثلة:
- المثال الأول: كـلام أم عـمر الثقـفية [42] في التعديل. [ ص: 196 ]
فقد أورد الخطيب البغدادي [43] بسنده إلى أحمد بن حنبل قال: حدثتنا أم عمر؛ ابنة لحسان بن زيد، قالت: (أبي عجوز صدوق) .
فأم عمر كانت معروفة في عصرها بطلب العلم، إذ روت عن أكابر المحدثين، تكلمت في فن الجرح والتعديل بالكلام في تعديل أبيها بقولها: (صدوق) ، وهي في ذلك أهل للاعتماد، لأنها:
- لم تكن مجهولة في عصرها، بل كانت من أهل العلم.
- وهي تخبر بما تعرفه عن مقرب إليها هـو أبوها، فهي إذا لا تحدث إلا بما تعرفه عنه في العدالة، ولا يهمنا هـنا إن كان تعديلها لأبيها معتمدا أم لا، لكن أوردنا هـذا المثال لبيان أن المرأة المسلمة لم تكن بعيدة عن هـذا الفن.
- المثال الثاني: ومن تجريح النساء قول أسماء للحجاج بن يوسف:
قالت أسماء بنت أبي بكر للحجاج : أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن في ثقيف كذابا ومبيرا، أما الكذاب فقد عرفناه، وأما المبير فلا أخالك إلا إياه [44] .. ففي النص ما يفيد أن أسماء رأت الحجاج، إذ طبقت فيه الصفات التي تجعله مبير ثقيف في قتله الناس [45] ، وهذا [ ص: 197 ] تجريح له منها.. وقد اتفق العلماء فيما بعد على أن المراد بالكذاب في الحديث: المختار بن عبيد الله، والمبير الحجاج بن يوسف الثقفي [46] .
- المثال الثالث: فاطمة بنت الإمام مالك تبين الخطأ:
إن فاطمة بنت الإمام مالك وهي من رواة الموطأ في المدينة [47] ، وكانت تحفظ علم مالك، فإذا جلس للدرس جلست من وراء حجاب تسمع، فإذا أخطأ أحد التلاميذ في شيء دقت الباب للتنبيه على الخطأ، فيصحح له مالك [48] ، وهذا فيه تتبع فاطمة بنت مالك لحفظ الرواة ونقدهم. [ ص: 198 ]