خاتمة
إن خير ما أختم به هـذه المساهمة هـو دعوة المرأة إلى اكتشاف ذاتها، اكتشاف قدراتها التي منحها سبحانه وتعالى لها، واستخراج الطاقات الكامنة في أعماقها من أجل الانطلاق في معترك التغيير والسياحة في فضاء الإبداع، ولكن قبل هـذا وذاك يجب أن تعلم بأن القوة الدافعة لكل شئون الإنسان تنبع من طريقين اثنين لا ثالث لهما: الهدى أو الهوى. وهو حر حرية مطلقة في اختيار أي الطريقين يسلكه في حياته، سواء كان هـذا الاختيار عن علم وحق أو اختيار يقوم على الباطل والضلال،
يقول تعالى: ( الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هـدى للمتقين ) (البقرة:1-2) .
وهو مطالب أن يتشبث باختياره الحق القائم على العلم، وينبذ كل ما عدا ذلك، كي لا يضل بغيـر علم،
يقول تعالى: ( وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم ) (الأنعام:119) .
وقد نهى سبحانه عن السير في طريق الهوى؛ لأنه يتنافى مع فطرة الإنسان وكرامته، كما أن أوله تخبط وضلال وعبودية للشهوات وآخره عذاب،
يقول تعالى: ( أفرأيت من اتخذ إلهه هـواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ) (الجاثية:23) ، ولأنه طريق يضر [ ص: 136 ] صاحبه ويسقطه في الضلال والشقاء،
يقول تعالى: ( ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ) (ص:26) ،
ويقول في آية أخرى: ( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هـواه وكان أمره فرطا ) (الكهف:28) .
كما حذرنا سبحانه أن الأمم الأخرى لن ترضى عنا حتى ننسلخ تماما من أصالتنا وهويتنا ونخسر أنفسنا،
يقول تعالى: ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هـدى الله هـو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير ) (البقرة:120) .
وأخشى أن أقول: إن سمات الخسران تكاد تصبح لازمة لنا إذا لم نتدارك أنفسنا، وإذا لم تدرك المرأة بعد أنها الحبل الذي قد ينقذ هـذه الأمة من مهاوي السقوط، أو يخنق كل بادرة إصلاح تبرق هـنا أو هـناك، وإذا لم تدرك بأن أخطر الآفات التي يمكن أن تهوي بها إلى مزالق خطيرة هـي الكبر والجهل، الكبر عن الهدى والجهل بالهوى؛ لأنها آفات تنحرف بها إلى الانغماس، إما في التخلف أو التبعية، وكلاهما يدمغها بالتقليد الأعمى، ويبعدها عن استخدام عقلها وممارسة إنسانيتها بكرامة وعزة.
وما التوفيق إلا من عند الله تعالى، وعليه سبحانه قصد السبيل. [ ص: 137 ]