الفصل الثاني
جذور الحضارة الإسلامية
إن ارتباط الحضارة بالجذور التاريخية هـو ارتباط بالروح والجسد والفكر، فالحديث عن الحضارة الإسلامية حديث عن أفق وتاريخ جذور هـذه الحضارة منذ الخليقة الأولى، فهي نتاج أمم تضافرت في إيجاد آلياتها ووسائلها ومقاصدها وبالتالي توظيفها لصالح الإنسان عبر العصور، حيث اشتركت في بلورة تلك النتائج عقول وجماعات أبدعت وصنعت خيوط الحياة، كل من زاوية تدبيره وإبداعـه. والأمثلة على ذلك كثيرة؛ وإن أمكن تلخيصـها ففي تكييف وتوظيف العناصر الأسـاسية للحياة من ماء وهواء ونار، حيث كان العقل البشري حاضرا بقوة في تطوير أساليب الحياة؛ ولا أحد ينكر أن الإنسان لما أنزل إلى الأرض وجدها بكرا، لا صنعة فيها ولا حضـارة، وإن كان قـد وجد فيها أساسيات العيش من ماء وزرع وضرع.
لقد هـيأ الله تعـالى لهذه الأرض مخلوقا عجيبا، وحمـله أمانة عمارتها بما ينفع الناس، إنه أبو البشر آدم، عليه السلام . فمن حكمة الخالق أن اختار لهذه الأرض نبيا ورسولا بعثه ليكون موجها ومرشدا وأيضا صانعا للحياة ودليلا ربانيا في بناء أولى الحضارات. [ ص: 71 ]