في توطين مناهج كليات الهندسة
يكاد الفكر الهندسي الغربي يهيمن على المناهج والكتب الجامعية في المجال العربي والإسلامي [1] ، وبما يتجاوز مقتضيات الاحتياج المشروط، فمثلا حين تكون الأبنية الزجاجية مستحبة في العمارة التي تشيد في بيئات باردة وضعيفة الإضاءة، فإن ذلك يشكل مصدر إزعاج في البيئات التي ترتفع فيها نسبة الحرارة والإضاءة، وحين يكون من الضروري - في ضوء القيم الإسلامية - أن تشيد الأبنية بناء على توفير حالة الانسجام بين الاستعمال والمستعملين، فإن بناء مركز يحتوي على دور سكنية وسوق تجاري وفرع بنك وعيادات طبية، وباستعمال مداخل وعناصر اتصال رأسي واحدة [2] هـو أمر لا يوفر التناسب الذي تقتضيه شروط الاجتماع الإسلامي، لذا لابد هـنا [ ص: 76 ] من إدخال مقرر «العمارة العربية الإسلامية» واعتباره أحد مفاصل المنهج الهندسي الذي ينبغي تدريسه، كما لابد من جعل مقرر «علم الاجتماع الإسلامي الحضري» بمثابة البوصلة التي تحدد اتجاهات التفكير الهندسي، سواء على صعيد التخطيط أو التصميم أو الإنشاء.
من جهة أخرى يجب أن تتنـاسب مفـردات المنهج مع المرحلة التنموية التي تمر بها المجتمعات العربية والإسلامية، ومن أوجه ذلك مثلا ضرورة الاهتمام بمفهوم «الصيانه»، فإذا كان منهج « ميكانيكا الموانع » السائد تدريسه في كليات الهندسة الميكانيكية يتضمن: التحليل، والتصميم، والتقنية، فإنه من الأجدر أن لا يهمل عنصر التشغيل والصيانة، الذي هـو الأكثر أهمية من عنصر التحليل بالنسبة إلى طالب الهندسة [3] في سياق مجتمعي نام.
إضافة إلى ذلك، أنه من الضروري أن يهتم المنهج بالطرز المعمارية ذات الطـابع العربي الإسـلامي، وأن لا تظـل التصاميم الغربية هـي المهيمنـة بحيث تفقـد المـدن والمسـاكن في المحيط العربي والإسلامي هـويتها الخاصة.
وعموما لابد من مراعاة المقتضيات البيئية والاجتماعية والتنموية والتراثية الخاصة، وأنه لا بد من ترجمة ذلك عبر المناهج التعليمية. [ ص: 77 ]