من وسائل القرآن في إصلاح المجتمع
توطئة
في الصفحات الماضية كان الحديث عن أهمية إصلاح المجتمع في المنظور القرآني، وكيف أن القرآن ربط بين ممارسة الإصلاح في المجتمع وبين عقيدة التوحيد برباط وثيق، ومقدار الحظوة التي أولاها القرآن لقضية إصلاح المجتمع بمعناها الشامل الذي يستوعب مناحي الحياة كلها... لكننا نخطئ حين نقف عند ذلك فحسب! ونخطئ حين نتوهم أن القرآن إنما جاء ليعطينا المواعظ البليغة عن إصلاح المجتمع فقط! وسبب ذلك الغفلة عن طبيعة القرآن، وعن طبيعة مهمته العملية في إصلاح المجتمعات الإنسانية... والذي يحسن التأمل في القرآن سيدرك أن للقرآن وسائله التي يعمل من خلالها، ووسائله التي أرشد للأخذ بها في إصلاح المجتمع وحمايته من غوائل الانحراف ومهالك الفساد.
ولعل إدراك هـذه الحقيقة هو ما جعل أحد الباحثين يقول: «إن القرآن ليس إلا استجابة العناية الإلهية للحياة الاجتماعية بما يزيل الفساد ويصحح الأوضاع» [1] . [ ص: 55 ]
ومن هنا يكتسـب الحـديث عن وسائل القرآن في إصلاح المجتمع أهمية خـاصة؛ كونه يحـاول تسـليط الضوء على منهجية القرآن العملية في إصـلاح المجتمـع، ويبين مـدى العنـاية الربانيـة بصـلاح المجتمعات الإنسانية.
وقد كانت للباحث قراءته في القرآن الكريم وقد أوصلته تلك القراءة للوقوف على عدد من وسائل القرآن في إصلاح المجتمع، ولعل قراءات أخرى تتناول الموضوع بتأصيل أعمق ... والمهم هو أن نحسن التجاوب مع تلك الوسائل، وأن نملك من الفقه ما يجعلنا نحسن تنـزيلها على الواقع، فهذا هو التحدي الحقيقي أمامنا، وهو الغاية المتوخاة، والثمرة المرجوة من حديثنا عن وسائل القرآن في إصلاح المجتمع. وهذا أوان الشروع في الحديث عن تلك الوسائل. [ ص: 56 ]