خامسا: العناية الفائقة بالفعالية:
والحقيقة أن الفعالية هي البنت الشرعية للذاتية، بعيدا عن الغربة الزمانية (التراث) والغربة المكانية والثقافية (التغريب)، ولهذا أكثرا من الاهتمام بالفعالية، بتوضيح أسباب الغثائية، وإبراز عوامل صناعة الفاعلية، فاستدلا بالنصوص المعصومة، واستشهدا بالتجارب السلفية في عصر أنوار الصحابة، وحللا تجارب الفاعلية في أوساط الشعوب التي ازدهرت وأثمرت.
وضرب بن نبي المثل ببريطانيا التي احتلت الهند في القرن التاسع عشر الميلادي رغم ضخامة الهند، وبهولندا الصغيرة التي احتلت دولة كبيرة مثل أندونيسيا [1] .
ومن عوامل ضعف الفاعلية تغلب الشيئية على الفكرية، وهو الداء الذي حل بالهنود ومكن الإنجليز من احتلال بلادهم، واستدل بمقولة ساخرة [ ص: 203 ] لجمال الدين الأفغاني: "لو أن جميع الهنود يبصقون جميعا لأغرقوا الجزر البريطانية في بحر من اللعاب" [2] .
وضرب المثل للفرد الفاعل بالفرد الألماني الذي أعاد بناء ألمانيا عقب سنة 1945م، وكان الشعب الألماني محروما من كل شيء، فتجسدت فعالية الفرد الألماني في ثقافته فقط، وهي التي أطلقت طاقته الحيوية [3] .