. 164 - مسألة : وهو يدري أنه لحم جمل أو ناقة فإنه ينقض الوضوء ، ولا ينقض الوضوء أكل شحومها محضة ولا أكل شيء منها غير لحمها ، فإن كان يقع على بطونها أو رءوسها أو أرجلها اسم لحم عند وأكل لحوم الإبل نيئة ومطبوخة أو مشوية عمدا العرب نقض أكلها الوضوء وإلا فلا ، ولا ينقض الوضوء كل شيء مسته النار غير ذلك ، وبهذا يقول أبو موسى الأشعري ، ومن الفقهاء وجابر بن سمرة أبو خيثمة زهير بن حرب ويحيى بن يحيى وأحمد بن حنبل . حدثنا وإسحاق بن راهويه عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج أبو كامل الفضيل بن حسين الجحدري والقاسم بن زكريا ، قال ثنا الفضيل أبو عوانة عن وقال عثمان بن عبد الله بن موهب القاسم حدثنا عن عبيد الله بن موسى شيبان عن عثمان بن عبد الله بن موهب وأشعث بن أبي الشعثاء كلاهما عن جعفر بن أبي ثور عن قال { جابر بن سمرة } . [ ص: 226 ] وحدثنا سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أأتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال : إن شئت فتوضأ ، وإن شئت فلا تتوضأ ، قال : أتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال : نعم فتوضأ من لحوم الإبل يحيى بن عبد الرحمن ثنا أحمد بن سعيد بن حزم ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل أبي ثنا أخبرنا عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن الأعمش عبد الله بن عبد الله الرازي عن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال { البراء بن عازب } . قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنتوضأ من لحوم الإبل ، قال : نعم : أبو محمد عبد الله بن عبد الله الرازي أبو جعفر قاضي الري ثقة .
قال : وقد مضى الكلام في الفصل الذي قبل هذا في إبطال قول من تعلل في رد السنن بأن هذا مما تعظم به البلوى ، وإبطال قول من قال : لعل هذا الوضوء غسل اليد ، فأغنى عن إعادته ، ولو أن المعترض بهذا ينكر على نفسه القول بالوضوء من القهقهة في الصلاة ولا يرى فيها الوضوء في غير الصلاة - : لكان أولى به . وأما أبو محمد ، فإنه قد صحت في إيجاب الوضوء منه أحاديث ثابتة من طريق الوضوء مما مست النار عائشة وأم حبيبة أمي المؤمنين وأبي أيوب وأبي طلحة وأبي هريرة رضي الله عنهم ، وقال به كل من ذكرنا وزيد بن ثابت وابن عمر وأبو موسى الأشعري وأنس بن مالك ، وجماعة من التابعين منهم أهل وأبو مسعود المدينة جملة وسعيد بن المسيب وأبو ميسرة وأبو مجلز ويحيى بن يعمر والزهري وستة من أبناء النقباء من الأنصار والحسن البصري وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز ومعمر وغيرهم ، ولولا أنه منسوخ لوجب القول به . كما حدثنا وأبو قلابة عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب ثنا ثنا عمرو بن منصور ثنا علي بن عياش عن شعيب بن أبي حمزة قال سمعت محمد بن المنكدر قال : { جابر بن عبد الله } فصح نسخ تلك الأحاديث ولله الحمد . كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار
قال : وقد ادعى قوم أن هذا الحديث مختصر من الحديث الذي حدثناه علي عبد الله بن ربيع ثنا ثنا محمد بن إسحاق ثنا ابن الأعرابي أبو داود ثنا إبراهيم بن الحسن الخثعمي ثنا قال : قال حجاج أخبرني ابن جريج سمعت محمد بن المنكدر يقول { جابر بن عبد الله } قال قرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم خبز ولحم فأكل ثم دعا بوضوء فتوضأ به [ ص: 227 ] ثم صلى الظهر ثم دعا بفضل طعامه فأكل ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ : القطع بأن ذلك الحديث مختصر من هذا قول بالظن ، والظن أكذب الحديث بل هما حديثان كما وردا . أبو محمد
قال : وأما كل حديث احتج به من لا يرى الوضوء مما مست النار من { علي } ونحو ذلك - : فلا حجة لهم فيه لأن أحاديث إيجاب الوضوء هي الواردة بالحكم الزائدة على هذه التي هي موافقة لما كان الناس عليه قبل ورود الأمر بالوضوء مما مست النار ، ولولا حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة ولم يتوضأ الذي ذكرنا لما حل لأحد ترك الوضوء مما مست النار . قال شعيب بن أبي حمزة : فإن قيل : لم خصصتم لحوم الإبل خاصة من جملة ما نسخ من الوضوء مما مست النار ؟ قلنا : لأن الأمر الوارد بالوضوء من لحوم الإبل إنما هو حكم فيها خاصة ، سواء مستها النار أو لم تمسها النار ، فليس مس النار إياها - إن طبخت - يوجب الوضوء منها ، بل الوضوء واجب منها كما هي ، فحكمها خارج عن الأخبار الواردة بالوضوء مما مست النار ، وبنسخ الوضوء منه ، وبالله تعالى التوفيق . أبو محمد
وأما أكلها بنسيان أو بغير علم أنه من لحوم الإبل فقد ذكرنا قول الله تعالى : { ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به } فمن فعل شيئا عن غير قصد فسواء ذلك وتركه إلا أن يأتي نص في إيجاب حكم النسيان فيوقف عنده ، وبالله تعالى التوفيق .