1958 - مسألة : ومن : لم يكن طلاقا ، وهي امرأته كما كانت ، يتوارثان إن مات أحدهما ، وجميع حقوق الزوجية بينهما - سواء كانت مدخولا بها أو غير مدخول بها - ثلاثا أو أقل إلا حتى يبلغ إليها ، فإذا بلغها الخبر من تصدقه أو بشهادة تقبل في الحكم فحينئذ يلزمها الطلاق إن كانت حاملا أو طاهرا في طهر لم يمسها فيه . طلق امرأته وهو غائب
برهان ذلك - : قول الله عز وجل : { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه } فهذه صفة طلاق المدخول بها .
وقال تعالى : { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره } .
وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا } .
وقال تعالى : { ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن } .
[ ص: 456 ] فهذه ، ويدخل فيه طلاق الثلاث المجموعة ، وآخر الثلاث ، وبالضرورة يوقن كل ذي حس سليم أن من طلقها فلم يبلغها الطلاق فقد ضارها ، ومضارتها حرام ، ففعله مردود باطل ، والمعصية لا تنوب عن الطاعة ، وبالضرورة يوقن كل أحد أن من فعل ذلك فلم يسرحها سراحا جميلا ، ومن لم يطلق للعدة ، ولم يحص العدة فلم يطلق كما أمره الله تعالى ، ومن لم يطلق كما أمره الله تعالى فلم يطلق أصلا . صفة طلاق غير المدخول بها
فإن ذكر ذاكر - ما رويناه من طريق أحمد بن شعيب قال : نا عبيد الله بن قدامة السرخسي نا عبد الرحمن مهدي عن عن سفيان الثوري أبي بكر - هو ابن أبي الجهم - قال : سمعت { تقول : أرسل إلي زوجي بطلاقي ، فشددت علي ثيابي ثم أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : كم طلقك ؟ قلت : ثلاثا - وذكر الحديث فاطمة بنت قيس } ؟ قلنا : نعم ، وهذا قولنا ، ولم نقل قط : إنه لا يلزمها الطلاق إذا بلغها وسنذكر - إن شاء الله تعالى - في " باب العدد " من قال من السلف : إن من طلقها زوجها وهو غائب فإنها لا تلزمها العدة ، إلا من حين يبلغها الخبر .
وهذا يدل على أنها لم يلزمها الطلاق إلا من حين لزمتها العدة ، لا قبل ذلك ، إذ لا يجوز في دين الإسلام أن يحال بزمان بين الطلاق وبين أول عدتها .
ولا يجوز أن تكون امرأة ذات زوج موطوءة منه خارجة عن الزوجية بطلاقه ، وفي غير عدة - هذا خلاف القرآن والسنة ، فكيف وقد جاء خبر بخلاف ما ذكر فاطمة أبو بكر بن أبي الجهم - : كما روينا من طريق حدثني مسلم نا محمد بن رافع نا حسين بن محمد - عن شيبان - هو ابن فروخ أخبرني يحيى هو ابن أبي كثير { أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أخبرته أن فاطمة بنت قيس أبا حفص بن المغيرة طلقها ثلاثا ثم انطلق إلى اليمن - وذكرت الخبر } . أن
فإن قيل : فأنتم لا تجيزون الطلاق إلى أجل ، ولا الطلاق بصفة ، وتحتجون بأن [ ص: 457 ] كل طلاق لا يقع حين يوقع ، فمن المحال أن يقع حين لم يقع ، فكيف أجزتم طلاق الغائب ؟ قلنا : لأن الله عز وجل علمنا الطلاق في كل صنف من المطلقات ، وفي المطلقة الصغيرة التي لم تخاطب ، والمجنونة ، وهما لا يلزم خطابهما بالطلاق ، وقد يطلق المطلق عند باب الدار ويبعث إليها الخبر ، وعلى أذرع منها ، وإذا جاز ذلك فلا فرق بين الطلاق في البعد - ولو أقصى المعمور وبين الطلاق خلف حائط - وليس ذلك طلاقا إلى أجل ، إنما هو كله طلاق لازم إذا بلغها ، أو بلغ أهلها إن كانت ممن لا تخاطب ، فيقع بذلك حل النكاح ، كما يقع بالفسخ ولا فرق - وبالله تعالى التوفيق .