223 - مسألة :
ومن
nindex.php?page=treesubj&link=1647_27066_505لبس على رجليه شيئا مما يجوز المسح عليه على غير [ ص: 345 ] طهارة ثم أحدث ، فلما أراد الوضوء وتوضأ ولم يبق له غير رجليه فجاءه خوف شديد لم يدرك معه غسل رجليه بعد نزع خفيه ، فإنه ينهض ولا يمسح عليهما ، ويصلي كما هو ، وصلاته تامة ، فإذا أمكنه نزع خفيه ووجد الماء بعد تمام صلاته فقد قال قوم : يلزمه نزعهما وغسل رجليه فرضا ولا يعيد ما صلى ، فإن قدر على ذلك قبل أن يسلم بطلت صلاته ونزع ما على رجليه وغسلهما وابتدأ الصلاة ، وقال آخرون : قد تم وضوءه ويصلي بذلك الوضوء ما لم ينتقض بحدث لا بوجود الماء ، وهذا أصح .
برهان ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم - وقد ذكرناه بإسناده فيما مضى من كتابنا هذا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9510إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم } وقول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } فلما عجز هذا عن غسل رجليه سقط حكمهما ، وبقي عليه ما قدر عليه من وضوء سائر أعضائه ، وإذا كان كذلك فقد توضأ كما أمره الله عز وجل ، ومن توضأ كما أمر الله فصلاته تامة .
وأما من قال : إنه إذا قدر على الماء لزمه إتمام وضوئه فرضا وقد تمت صلاته ، فلو قدر على ذلك في صلاته فقد لزمه فرضا أن لا يتم ما بقي من صلاته إلا بوضوء تام ، والصلاة لا يحل أن يفرق بين أعمالها بما ليس منها ، فقول غير صحيح ودعوى بلا برهان ، بل قد قام البرهان من النص من القرآن والسنة على أنه قد توضأ كما أمر ، وقد تمت طهارته وأن له أن يصلي ، فمن الباطل أن يعود عليه حكم الحدث من غير أن يحدث ، إلا أن يوجب ذلك نص فيوقف عنده ، ولا نص في هذه المسألة يوجب عليه إعادة الوضوء ، فلا يلزمه إعادته ولا غسل رجليه ، لأنه على طهارة تامة ، لكن يصلي بذلك الوضوء ما لم يحدث لما ذكرناه .
فإن قيل : قسنا ذلك على التيمم .
قلنا : القياس باطل كله ، ومن أين لكم إذا وجب ذلك في التيمم أن يجب في
nindex.php?page=treesubj&link=27016العاجز عن بعض أعضائه ؟ فليس بأيديكم غير دعواكم أن هذا وجب في العاجز كما وجب في التيمم ، وهذه دعوى مفتقرة إلى برهان ، ومن أراد أن يعطي بدعواه فقد أراد الباطل ، ثم لو كان القياس حقا لكان هذا منه باطلا ، لأنهم موافقون لنا على أن العاجز عن بعض أعضائه - كمن ذهبت رجلاه أو نحو ذلك - لا يجوز له التيمم ، وأن حكمه إنما هو غسل ما بقي من وجهه وذراعيه ومسح رأسه فقط ، وأن وضوءه بذلك تام وصلاته جائزة ، فلما لم يجعلوا له أن يتيمم لم يجز أن يجعل له حكم التيمم ، وهذا أصح من قياسهم .
والحمد لله رب العالمين . -
223 - مَسْأَلَةٌ :
وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=1647_27066_505لَبِسَ عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْئًا مِمَّا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ عَلَى غَيْرِ [ ص: 345 ] طَهَارَةٍ ثُمَّ أَحْدَثَ ، فَلَمَّا أَرَادَ الْوُضُوءَ وَتَوَضَّأَ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ غَيْرُ رِجْلَيْهِ فَجَاءَهُ خَوْفٌ شَدِيدٌ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ غَسْلَ رِجْلَيْهِ بَعْدَ نَزْعِ خُفَّيْهِ ، فَإِنَّهُ يَنْهَضُ وَلَا يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا ، وَيُصَلِّي كَمَا هُوَ ، وَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ ، فَإِذَا أَمْكَنَهُ نَزْعُ خُفَّيْهِ وَوَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ تَمَامِ صَلَاتِهِ فَقَدْ قَالَ قَوْمٌ : يَلْزَمُهُ نَزْعُهُمَا وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ فَرْضًا وَلَا يُعِيدُ مَا صَلَّى ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَنَزَعَ مَا عَلَى رِجْلَيْهِ وَغَسَلَهُمَا وَابْتَدَأَ الصَّلَاةَ ، وَقَالَ آخَرُونَ : قَدْ تَمَّ وُضُوءُهُ وَيُصَلِّي بِذَلِكَ الْوُضُوءِ مَا لَمْ يُنْتَقَضْ بِحَدَثٍ لَا بِوُجُودِ الْمَاءِ ، وَهَذَا أَصَحُّ .
بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9510إذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ } وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا } فَلَمَّا عَجَزَ هَذَا عَنْ غَسْلِ رِجْلَيْهِ سَقَطَ حُكْمُهُمَا ، وَبَقِيَ عَلَيْهِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ وُضُوءِ سَائِرِ أَعْضَائِهِ ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ تَوَضَّأَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمَنْ تَوَضَّأَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ .
وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ لَزِمَهُ إتْمَامُ وُضُوئِهِ فَرْضًا وَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ ، فَلَوْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ فِي صَلَاتِهِ فَقَدْ لَزِمَهُ فَرْضًا أَنْ لَا يُتِمَّ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ إلَّا بِوُضُوءٍ تَامٍّ ، وَالصَّلَاةُ لَا يَحِلُّ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ أَعْمَالِهَا بِمَا لَيْسَ مِنْهَا ، فَقَوْلٌ غَيْرُ صَحِيحٍ وَدَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ ، بَلْ قَدْ قَامَ الْبُرْهَانُ مِنْ النَّصِّ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ تَوَضَّأَ كَمَا أُمِرَ ، وَقَدْ تَمَّتْ طَهَارَتُهُ وَأَنَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ ، فَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَعُودَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْحَدَثِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحْدِثَ ، إلَّا أَنْ يُوجِبَ ذَلِكَ نَصٌّ فَيُوقَفُ عِنْدَهُ ، وَلَا نَصَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُوجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةَ الْوُضُوءِ ، فَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ وَلَا غَسْلُ رِجْلَيْهِ ، لِأَنَّهُ عَلَى طَهَارَةٍ تَامَّةٍ ، لَكِنْ يُصَلِّي بِذَلِكَ الْوُضُوءِ مَا لَمْ يُحْدِثْ لِمَا ذَكَرْنَاهُ .
فَإِنْ قِيلَ : قِسْنَا ذَلِكَ عَلَى التَّيَمُّمِ .
قُلْنَا : الْقِيَاسُ بَاطِلٌ كُلُّهُ ، وَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ إذَا وَجَبَ ذَلِكَ فِي التَّيَمُّمِ أَنْ يَجِبَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=27016الْعَاجِزِ عَنْ بَعْضِ أَعْضَائِهِ ؟ فَلَيْسَ بِأَيْدِيكُمْ غَيْرُ دَعْوَاكُمْ أَنَّ هَذَا وَجَبَ فِي الْعَاجِزِ كَمَا وَجَبَ فِي التَّيَمُّمِ ، وَهَذِهِ دَعْوَى مُفْتَقِرَةٌ إلَى بُرْهَانٍ ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُعْطِيَ بِدَعْوَاهُ فَقَدْ أَرَادَ الْبَاطِلَ ، ثُمَّ لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ بَاطِلًا ، لِأَنَّهُمْ مُوَافِقُونَ لَنَا عَلَى أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ بَعْضِ أَعْضَائِهِ - كَمَنْ ذَهَبَتْ رِجْلَاهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ - لَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ ، وَأَنَّ حُكْمَهُ إنَّمَا هُوَ غَسْلُ مَا بَقِيَ مِنْ وَجْهِهِ وَذِرَاعَيْهِ وَمَسْحُ رَأْسِهِ فَقَطْ ، وَأَنَّ وُضُوءَهُ بِذَلِكَ تَامٌّ وَصَلَاتَهُ جَائِزَةٌ ، فَلَمَّا لَمْ يَجْعَلُوا لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُجْعَلَ لَهُ حُكْمُ التَّيَمُّمِ ، وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ قِيَاسِهِمْ .
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . -