263 - مسألة :
ومن فقد عصى الله تعالى ، وفرض عليه التوبة والاستغفار ، ولا كفارة عليه في ذلك . وطئ حائضا
وقال : إن أصابها في الدم فيتصدق بدينار ، وإن كان في انقطاع الدم فنصف دينار . ابن عباس
وروينا عنه أيضا قال : من وطئ حائضا فعليه عتق رقبة ، وروينا عن أنه قال في الذي يطأ امرأته وهي حائض : يتصدق بدينار . عطاء بن أبي رباح
وروينا عن : إن كان واجدا فدينار وإن لم يجد فنصف دينار . قتادة
وقال الأوزاعي : يتصدق بدينار ، وقال ومحمد بن الحسن : يتصدق بدينار وإن شاء بنصف دينار ، وقال أحمد بن حنبل : يعتق رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا . الحسن البصري
فأما من قال : يتصدق بدينار أو نصف دينار فاحتجوا بحديث رويناه من طريق مقسم عن " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عباس } وفي بعض ألفاظ هذا الخبر { يتصدق بدينار أو بنصف دينار } وبحديث رويناه من طريق إن كان الدم عبيطا فدينار ، وإن كان فيه صفرة فنصف دينار شريك عن خصيف عن عكرمة عن { ابن عباس } وبحديث روي من طريق عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي أهله حائضا يتصدق بنصف دينار الأوزاعي عن { يزيد بن أبي مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره - يعني الذي يعمد وطء حائض - أن يتصدق بخمسي دينار عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب } وبحديث رويناه من طريق عن ثنا عبد الملك بن حبيب أصبغ بن الفرج عن السبيعي عن زيد بن عبد الحميد عن أبيه { أن وطئ جاريته فإذا بها حائض ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدق بنصف دينار عمر بن الخطاب } وآخر رويناه من طريق [ ص: 403 ] عن عبد الملك بن حبيب المكفوف عن أيوب بن خوط عن عن قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم { ابن عباس } وبحديث آخر رويناه من طريق فليتصدق بدينار أو بنصف دينار موسى بن أيوب عن عن الوليد بن مسلم ابن جابر عن علي بن بذيمة عن عن سعيد بن جبير { ابن عباس } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رجلا أصاب حائضا بعتق نسمة
ورويناه أيضا من طريق محمود بن خالد عن عن الوليد بن مسلم عبد الرحمن بن يزيد السلمي عن علي بن بذيمة عن عن سعيد بن جبير عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله نصا ، واحتج من أوجب عليه العتق أو الصيام أو الإطعام بقياسه على الوطء نهارا في رمضان . ابن عباس
قال : كل هذا لا يصح منه شيء . أبو محمد
أما حديث مقسم فمقسم ليس بالقوي فسقط الاحتجاج به ، وأما حديث عكرمة ، فرواه شريك عن خصيف ، وكلاهما ضعيف .
وأما حديث الأوزاعي فمرسل ، وأما حديثا فلو لم يكن غيره لكفى به سقوطا ، فكيف وأحدهما عن عبد الملك بن حبيب السبيعي ، ولا يدرى من هو ؟ ومرسل مع ذلك ، والآخر مع المكفوف ، ولا يدرى من هو ؟ عن أيوب بن خوط وهو ساقط .
وأما حديثا فمن طريق الوليد بن مسلم موسى بن أيوب وعبد الرحمن بن يزيد وهما ضعيفان ، فسقط جميع الآثار في هذا الباب .
وأما قياس الواطئ حائضا على الواطئ في رمضان فالقياس باطل .
ولقد كان يلزم الآخذين بالآثار الواهية كحديث حزام في الاستظهار وأحاديث الوضوء بالنبيذ ، وأحاديث الجعل في الأنف ، وحديث الوضوء من القهقهة ، وأحاديث جسرة بنت دجاجة وغيرها في أن لا يدخل المسجد حائض ولا جنب ، وبالأخبار الواهية في أن لا يقرأ القرآن الجنب ، أن يقولوا بهذه الآثار فهي أحسن على علاتها من تلك الصلع الدبرة التي أخذوا بها ههنا ، ولكن هذا يليح اضطرابهم ، وأنهم لا يتعلقون بمرسل ولا مسند ولا قوي ولا ضعيف إلا ما وافق تقليدهم ، ولقد كان يلزم من قاس الأكل في رمضان ، على الواطئ فيه في إيجاب الكفارة أن يقيس واطئ الحائض على الواطئ في رمضان ، لأن كليهما وطئ فرجا حلالا في الأصل حراما بصفة تدور ، وهذا أصح من قياساتهم الفاسدة ، فإن الواطئ أشبه بالواطئ من الآكل بالواطئ .
نعم ومن الزيت بالسمن ومن المتغوط بالبائل ، ومن الخنزير بالكلب ومن [ ص: 404 ] فرج الزوجة المسلمة بيد السارق الملعون ، وسائر تلك المقاييس الفاسدة ، وبهذا يتبين كل ذي فهم أنهم لا النصوص يلتزمون ، ولا القياس يتبعون ، وإنما هم مقلدون أو مستحسنون ، وبالله تعالى التوفيق .
قال : وأما نحن فلو صح شيء من هذه الآثار لأخذنا به ، فإذ لم يصح في إيجاب شيء على واطئ الحائض فماله حرام ، فلا يجوز أن يلزم حكما أكثر مما ألزمه الله من التوبة من المعصية التي عمل ، والاستغفار والتعزير ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبو محمد } وقد ذكرناه بإسناده ، وسنذكر مقدار التعزير في موضعه إن شاء الله عز وجل وبه نتأيد . من رأى منكم منكرا فليغيره بيده