وأما فإن أكثر مدة الحيض مالكا قالا : أكثره خمسة عشر يوما لا يكون [ ص: 410 ] أكثر ، وقال والشافعي : أكثر الحيض ثلاثة عشر يوما . سعيد بن جبير
وقال أبو حنيفة وسفيان : أكثره عشرة أيام .
فاحتج بالأخبار التي ذكرنا وقال : لا يقع اسم أيام إلا على عشرة ، وادعى بعضهم أنه لم يقل أحد إن الحيض أقل من ذلك . أبو حنيفة
قال : أما قولهم إن اسم أيام لا يقع على أكثر من عشرة فكذب لا توجبه لغة ولا شريعة ، وقد قال عز وجل : { علي فعدة من أيام أخر } وهذا يقع على ثلاثين يوما بلا خلاف ، وحديث قد ذكرنا بطلانه ، وأما قولهم : إنه لم يقل أحد إن أيام الحيض أقل من عشرة فهو كذب ، وقد ذكرنا قول من قال : إن أيام الحيض ستة أو سبعة ، وقول معاذ أقل الحيض خمسة أيام ، فحصل قولهم دعوى بلا برهان وهذا باطل . مالك
وأما من حد ثلاثة عشر يوما فكذلك أيضا ، وأما من قال خمسة عشر يوما فإنهم ادعوا الإجماع على أنه لا يكون حيض أكثر من ذلك .
قال : وهذا باطل ، قد روي من طريق علي : أن الثقة أخبره أن امرأة كانت تحيض سبعة عشر يوما ، ورويناه عن عبد الرحمن بن مهدي قال : أكثر ما سمعنا سبعة عشر يوما ، وعن نساء آل أحمد بن حنبل الماجشون أنهن كن يحضن سبعة عشر يوما .
قال : قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن دم الحيض أسود فإذا رأته المرأة لم تصل ، فوجب الانقياد لذلك ، وصح أنها ما دامت تراه فهي حائض لها حكم الحيض ما لم يأت نص أو إجماع في دم أسود أنه ليس حيضا . وقد صح النص بأنه قد يكون دم أسود وليس حيضا ، ولم يوقت لنا في أكثر عدة الحيض من شيء ، فوجب أن نراعي أكثر ما قيل ، فلم نجد إلا سبعة عشر يوما ، فقلنا بذلك ، وأوجبنا ترك الصلاة برؤية الدم الأسود هذه المدة - لا مزيد - فأقل ، وكان ما زاد على ذلك إجماعا متيقنا أنه ليس حيضا . علي
وقالوا : إن كان الحيض أكثر من خمسة عشر يوما ، فإنه يجب من ذلك أن يكون الحيض أكثر من الطهر وهذا محال ، فقلنا لهم : من أين لكم أنه محال ؟ وما المانع إن وجدنا ذلك ألا يوقف عنده ؟ فما نعلم منع من هذا قرآن ولا سنة أصلا ولا إجماع ولا قياس ولا قول صاحب وبالله تعالى التوفيق .