363 - مسألة : لا بد له في كل ركعة من ذلك ; لقول الله تعالى : { وفرض على كل مصل أن يقول إذا قرأ " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } . وقال ، أبو حنيفة : يتعوذ قبل ابتدائه بالقراءة في كل ركعة ; ولم يريا ذلك فرضا وقال والشافعي : لا يتعوذ في شيء من الفريضة ، ولا التطوع إلا في صلاة القيام في رمضان ، فإنه يبدأ في أول ليلة بالتعوذ فقط ثم لا يعود . قال مالك : وهذه قولة لا دليل على صحتها ، لا من قرآن ، ولا من سنة صحيحة ولا سقيمة ; ولا أثر ألبتة ; ولا من دليل إجماع ، ولا من قول صاحب ، ولا من قياس ; [ ص: 279 ] ولا من رأي له وجه ، فإن أقدم مقدم على ادعاء عمل في ذلك لم يكن أولى من آخر ادعى العمل على خلافه ، وأما قول علي ، أبي حنيفة : إن التعوذ ليس فرضا - : فخطأ ; لأن الله تعالى يقول : { والشافعي فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } . ومن الخطأ أن يأمر الله تعالى بأمر ثم يقول قائل - بغير برهان من قرآن ، ولا سنة - : هذا الأمر ليس فرضا ، لا سيما أمره تعالى بالدعاء في أن يعيذنا من كيد الشيطان ; فهذا أمر متيقن : أنه فرض ; لأن اجتناب الشيطان ، والفرار منه ; وطلب النجاة منه : لا يختلف اثنان في أنه فرض ، ثم وضع الله تعالى ذلك علينا عند قراءة القرآن . وقال بعضهم : لو كان التعوذ : فرضا ; للزم كل من حكى عن أحد أنه ذكر آية من القرآن : أن يتعوذ ولا بد . قال : وهذا عليهم لا لهم ; لأنهم متفقون على استحباب التعوذ عند قراءة القرآن ; ولا يرون التعوذ عند حكاية المرء قول غيره ; فصح أن التعوذ الذي اختلفنا فيه فأوجبناه نحن ولم يوجبوه هم - إنما هو عند قراءة القرآن ، كما جاء في النص ، لا عند حكاية لا يقصد بها المرء قراءة القرآن . قال علي : فلم يبق إلا قول من أوجب التعوذ : فرضا ، في قراءة القرآن في الصلاة وغير الصلاة ، على عموم الآية المذكورة . حدثنا علي محمد بن سعيد بن نبات ثنا أحمد بن عون الله ثنا ثنا قاسم بن أصبغ محمد بن بشار ثنا ثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن مرة عاصم العنزي عن ابن جبير بن مطعم عن أبيه قال : { } . [ ص: 280 ] حدثنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل الصلاة قال : الله أكبر كبيرا ، الله أكبر كبيرا ، الله أكبر كبيرا ، ثلاثا ، الحمد لله كثيرا ، الحمد لله كثيرا ، الحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا - اللهم إني أعوذ بك من الشيطان ، من همزه ، ونفخه ونفثه حمام ثنا ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي الدبري ثنا عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري سعيد الجريري ثنا عن يزيد بن عبد الله بن الشخير قال : { عثمان بن أبي العاص الثقفي } . وروينا عن قلت : يا رسول الله حال الشيطان بيني وبين قراءتي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ذلك شيطان يقال له : خنزب ; فإذا حسسته فتعوذ واتفل عن يسارك ثلاثا قال : قال عبد الرحمن بن أبي ليلى : يخفي الإمام أربعا - : التعوذ ، وبسم الله الرحمن الرحيم ، وآمين ، وربنا لك الحمد . وعن عمر بن الخطاب أبي حمزة عن إبراهيم النخعي عن علقمة ، والأسود ، كلاهما عن قال : يخفي الإمام ثلاثا - : الاستعاذة ، وبسم الله الرحمن الرحيم ، وآمين ومن طريق عبد الله بن مسعود عن عبد الرزاق ، قلت ابن جريج : هل تدري كيف كان لنافع مولى ابن عمر يستعيذ ؟ قال : كان يقول ; اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم ، وعن ابن عمر عن سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر قال : خمس يخفين - : سبحانك اللهم وبحمدك ، والتعوذ ، وبسم الله الرحمن الرحيم ، وآمين ، واللهم ربنا ولك الحمد وعن إبراهيم النخعي عن هشام بن حسان : أنه كان يستعيذ في الصلاة مرة حين يستفتح صلاته حين يقرأ أم الكتاب يقول : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، وكان الحسن البصري يستعيذ في كل ركعة وعن ابن سيرين عن معمر عن أبيه : أنه كان يستعيذ قبل أن يقرأ أم القرآن . ومن طريق ابن طاوس - عن معمر عن أيوب السختياني : أنه كان يتعوذ من [ ص: 281 ] الشيطان في الصلاة قبل أن يقرأ أم القرآن وبعد أن يقرأ أم القرآن . وعن محمد بن سيرين عن ابن جريج قال : الاستعاذة واجبة لكل قراءة في الأرض في الصلاة وغيرها ويجزئ عنك ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . قال عطاء : فقلت له : من أجل : { ابن جريج فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } قال : نعم . وبالتعوذ في الصلاة يقول سفيان الثوري والأوزاعي وغيرهم . قال وداود : هؤلاء جماعة من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم لا نعلم لهم مخالفا منهم ، وهم يشنعون بمثل هذا إذا وافق تقليدهم ، قال علي : ومن قال بقول علي وأخذ به فيرى التعوذ سنة قبل افتتاح القراءة ; لأنه فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بنقل القراء جيلا بعد جيل ، وفرضا بعد أن يقرأ ما يقع عليه اسم القرآن ، ولو أنه كلمتان ، على نص الآية ; لأنها توجب التعوذ بعد القراءة بظاهرها . وأما من تعذرت عليه القراءة ففرض عليه التعوذ حين ذلك بالخبر المذكور ، ثم إذا قرأ شيئا من القرآن قال ابن سيرين : إلا أنه قد صح إجماع جميع قراء أهل الإسلام جيلا بعد جيل على الابتداء بالتعوذ متصلا بالقراءة قبل الأخذ في القراءة - : مبلغا إلينا من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا قاض على كل ذلك . وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { علي إذا توضأ أحدكم فليستنثر } . وصح أنه عليه السلام استنثر في أول وضوئه - وبالله تعالى التوفيق .