ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
قزعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48919لا تسافر المرأة فوق ثلاث ليال إلا مع ذي محرم } " .
ومن طريق أبي
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ،
nindex.php?page=showalam&ids=17277ووكيع عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
أبي صالح السمان عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31415لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا فوق ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أخوها أو أبوها أو زوجها أو ابنها ، أو ذو محرم منها } .
فإن كان ذكر الثلاث في بعض الروايات مخرجا لما دون الثلاث ، مما قد ذكر أيضا في بعض الروايات ، عن حكم الثلاث - : فإن ذكر ما فوق الثلاث في هذه الروايات مخرج للثلاث أيضا ، وإن ذكرت في بعض الروايات عن حكم ما فوق الثلاث ، وإلا فالقوم متلاعبون متحكمون بالباطل ؟ ويلزمهم أن يقولوا : إنهم على يقين من صحة حكم ما فوق الثلاث وبقائه غير منسوخ ، وعلى شك من صحة بقاء النهي عن الثلاث ، كما قالوا في الثلاث وفيما دونها سواء بسواء ولا فرق فقالوا : لم يفرق أحد بين الثلاث وبين ما فوق الثلاث ؟ فقيل لهم : قلتم بالباطل ، قد صح عن عكرمة أن حد ما تسافر المرأة فيه بأكثر من ثلاث لا بثلاث .
فكيف ؟ ولا يجوز أن يكون قول قاله رجلان من التابعين ، ورجلان من فقهاء الأمصار ، واختلف فيه عن واحد من الصحابة قد خالفه غيره منهم فما يعده إجماعا إلا
[ ص: 208 ] من لا دين له ولا حياء فكيف ؟ وإذ قد جاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه عد اثنين وسبعين ميلا إلى
السويداء مسيرة ثلاث ، فإن تحديده الذي روي عنه : أن لا قصر فيما دونه لستة وتسعين ميلا - : موجب أن هذا أكثر من ثلاث ، لأن بين العددين أربعة وعشرين ميلا ، ومحال كون كل واحد من هذين العددين ثلاثا مستوية
والوجه الثاني : أنه قد عارض هذا القول قول من حد باليوم الواحد ، وقولهم : نحن على يقين من صحة استعمالنا نهيه عليه السلام عن سفرها يوما واحدا مع غير ذي محرم ونهيها عن أكثر من ذلك ، لأنه إن كان النهي عن سفرها ثلاثا هو الأول أو هو الآخر ، فإنها منهية أيضا عن اليوم ، وليس تأخير نهيها عن الثلاث بناسخ لما تقدم من نهيه عليه السلام عما دون الثلاث ، وأنتم على يقين من مخالفتكم لنهيه عليه السلام لها عما دون الثلاث ، وخلاف أمره عليه السلام - بغير يقين للنسخ لا يحل ، فتعارض القولان والثالث : أن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الذي ذكرنا : قاض على جميع هذه الأحاديث ، وكلها بعض ما فيه ، فلا يجوز أن يخالف ما فيه أصلا ؟ لأن من عمل به فقد عمل بجميع الأحاديث المذكورة ، ومن عمل بشيء من تلك الأحاديث - دون سائرها - فقد خالف نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا لا يجوز ؟
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : ثم لو لم تتعارض الروايات فإنه ليس في الحديث الذي فيه نهي المرأة عن سفر مدة ما إلا مع ذي محرم ، ولا في الحديث الذي فيه مدة مسح المسافر والمقيم - : ذكر أصلا - لا بنص ولا بدليل - على
nindex.php?page=treesubj&link=2498_1788المدة التي يقصر فيها ويفطر ، ولا يقصر ، ولا يفطر في أقل منها .
ومن العجب أن الله تعالى - : ذكر القصر في الضرب في الأرض مع الخوف .
وذكر الفطر في السفر والمرض ؟ وذكر التيمم عند عدم الماء في السفر والمرض - :
[ ص: 209 ] فجعل هؤلاء حكم نهي المرأة عن السفر إلا مع ذي محرم ، وحكم مسح المسافر - : دليل على ما يقصر فيه ويفطر ، دون ما لا قصر فيه ولا فطر ، ولم يجعلوه دليلا على السفر الذي يتيمم فيه من السفر الذي لا يتيمم فيه ؟ فإن قالوا : قسنا ما تقصر فيه الصلاة ، وما لا تقصر فيه على ما تسافر فيه المرأة مع غير ذي محرم ، وما لا تسافره ، وعلى ما يمسح فيه المقيم ، وما لا يمسح ؟ قلنا لهم : ولم فعلتم هذا ؟ وما العلة الجامعة بين الأمرين ؟ أو ما الشبه بينهما ؟ وهلا قستم المدة التي إذا نوى إقامتها المسافر أتم على ذلك أيضا ؟ وما يعجز أحد أن يقيس برأيه حكما على حكم آخر وهلا قستم ما يقصر فيه على ما لا يتيمم فيه ؟ فهو أولى إن كان القياس حقا ، أو على ما أبحتم فيه للراكب التنفل على دابته .
ثم نقول لهم : أخبرونا عن قولكم : إن سافر ثلاثة أيام قصر وأفطر ، وإن سافر أقل لم يقصر ولم يفطر - : ما هذه الثلاثة الأيام ؟ أمن أيام حزيران ؟ أم من أيام كانون الأول فما بينهما ؟ وهذه الأيام التي قلتم ، أسير العساكر ؟ أم سير الرفاق على الإبل ، أو على الحمير ، أو على البغال ، أم سير الراكب المجد ؟ أم سير البريد ؟ أم مشي الرجالة .
وقد علمنا يقينا أن مشي الراجل الشيخ الضعيف في وحل ووعر ، أو في حر شديد - : خلاف مشي الراكب على البغل المطيق في الربيع في السهل ، وأن هذا يمشي في يوم ما لا يمشيه الآخر في عشرة أيام ؟ وأخبرونا عن هذه الأيام : كيف هي ؟ أمشيا من أول النهار إلى آخره ؟ أم إلى وقت العصر ، أو بعد ذلك قليلا ، أو قبل ذلك قليلا ؟ أم النهار والليل معا ؟ أم كيف هذا وأخبرونا : كيف جعلتم هذه الأيام ثلاثا وستين ميلا على واحد وعشرين ميلا كل يوم ؟ ولم تجعلوها اثنين وسبعين ميلا على أربعة وعشرين ميلا كل يوم ؟ أو اثنين وثلاثين ميلا كل يوم ؟ أو عشرين ميلا كل يوم ؟ أو خمسة وثلاثين ميلا كل يوم فما بين ذلك
[ ص: 210 ] فكل هذه المسافات تمشيها الرفاق ، ولا سبيل لهم إلى تحديد شيء مما ذكرنا - دون سائره - إلا برأي فاسد .
وهكذا يقال لمن قدر ذلك بيوم ، أو بليلة ، أو بيوم ، أو بيومين ، ولا فرق ؟ فإن قالوا : هذا الاعتراض يلزمكم أن تدخلوه على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره المرأة أن لا تسافر ثلاثا أو ليلتين ، أو يوما وليلة أو يوما إلا مع ذي محرم ، وفي تحديده عليه السلام مسح المسافر ثلاثا والمقيم يوما وليلة ؟ قلنا - ولا كرامة لقائل هذا منكم - : بل بين تحديد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحديدكم أعظم الفرق ، وهو أنكم لم تكلوا الأيام التي جعلتموها - حدا لما يقصر فيه وما يفطر ، أو اليوم والليلة كذلك ، التي جعلها منكم من جعلها حدا - : إلى مشي المسافر المأمور بالقصر أو الفطر في ذلك المقدار ؟ بل كل طائفة منكم جعلت لذلك حدا من مساحة الأرض لا ينقص منها شيء ; لأنكم مجمعون على أن من مشى ثلاثة أيام كل يوم ثمانية عشر ميلا ، أو عشرين ميلا لا يقصر ، فإن مشى يوما وليلة ثلاثين ميلا فإنه لا يقصر .
واتفقتم أنه من مشى ثلاثة أيام كل يوم بريدا غير شيء أو جمع ذلك المشي في يوم واحد أنه لا يقصر ؟ واتفقتم معشر المموهين بذكر الثلاث ليالي في الحديثين على أنه لو مشى من يومه ثلاثا وستين ميلا فإنه يقصر ويفطر .
ولو لم يمش إلا بعض يوم وهذا ممكن جدا ، كثير في الناس ؟ وليس كذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة بأن لا تسافر ثلاثا أو يوما إلا مع ذي محرم .
وأمره عليه السلام المسافر ثلاثة أيام بلياليهن بالمسح ثم يخلع ، لأن هذه الأيام موكولة إلى حالة المسافر والمسافرة ، على عموم قوله عليه السلام الذي لو أراد غيره لبينه لأمته .
فلو أن مسافرة خرجت تريد سفر ميل فصاعدا لم يجز لها أن تخرجه إلا مع ذي محرم إلا لضرورة ؟
[ ص: 211 ] ولو أن مسافرا سافر سفرا يكون ثلاثة أميال يمشي في كل يوم ميلا لكان له أن يمسح ؟ ولو سافر يوما وأقام آخر وسافر ثالثا لكان له أن يمسح الأيام الثلاثة كما هي .
وحتى لو لم يأت عنه عليه السلام إلا خبر الثلاث فقط لكان القول : أن المرأة إن خرجت في سفر مقدار قوتها فيه أن لا تمشي إلا ميلين من نهارها أو ثلاثة - : لما حل ، لها إلا مع ذي محرم .
فلو كان مقدار قوتها أن تمشي خمسين ميلا كل يوم لكان لها أن تسافر مسافة مائة ميل مع ذي محرم لكن وحدها .
والذي حده عليه السلام في هذه الأخبار معقول مفهوم مضبوط غير مقدر بمساحة من الأرض لا تتعدى ، بل بما يستحق به اسم سفر ثلاث أو سفر يوم ، ولا مزيد ؟ والذي حددتموه أنتم غير معقول ولا مفهوم ولا مضبوط أصلا بوجه من الوجوه فظهر فرق ما بين قولكم وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتبين فساد هذه الأقوال كلها بيقين لا إشكال فيه ، وأنها لا متعلق لها ولا لشيء منها لا بقرآن ولا بسنة صحيحة ولا سقيمة ، ولا بإجماع ولا بقياس ولا بمعقول ، ولا بقول صاحب لم يختلف عليه نفسه ، فكيف أن لا يخالفه غيره منهم ، وما كان هكذا فهو باطل بيقين فإن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأخبار المأثورة عنه حق كلها على ظاهرها ومقتضاها ، من خالف شيئا منها خالف الحق ، لا سيما تفريق
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بين
nindex.php?page=treesubj&link=3519_3701_1787خروج المكي إلى منى وإلى عرفة في الحج فيقصر - : وبين سائر جميع بلاد الأرض يخرجون هذا المقدار فلا يقصرون ولا يعرف هذا التفريق عن صاحب ولا تابع قبله ؟ واحتج له بعض مقلديه بأن قال : إنما ذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48921يا أهل مكة أتموا فإنا قوم سفر } ولم يقل ذلك :
بمنى .
[ ص: 212 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وهذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلا ، وإنما هو محفوظ عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه ؟ ثم لو صح لما كانت فيه حجة لهم ، لأنه كان يلزمهم إذ أخرجوا حكم أهل
مكة بمنى عن حكم سائر الأسفار من أجل ما ذكروا - : أن يقصر أهل
منى بمنى وبمكة ; لأنه عليه السلام لم يقل لأهل
منى : أتموا ؟ فإن قالوا : قد عرف أن الحاضر لا يقصر ؟ قيل لهم : صدقتم ، وقد عرف أن ما كان من الأسفار له حكم الإقامة فإنهم لا يقصرون فيها ، فإن كان ما بين
مكة ومنى من أحد السفرين المذكورين فتلك المسافة في جميع بلاد الله تعالى كذلك ولا فرق ، إذ ليس إلا سفر أو إقامة بالنص والمعقول ولا فرق وقد حد بعض المتأخرين ذلك بما فيه المشقة ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : فقلنا هذا باطل لأن المشقة تختلف ، فنجد من يشق عليه مشي ثلاثة أميال حتى لا يبلغها إلا بشق النفس ، وهذا كثير جدا ، يكاد أن يكون الأغلب ، ونجد من لا يشق عليه الركوب في عمارية في أيام الربيع مرفها مخدوما شهرا وأقل وأكثر ، فبطل هذا التحديد قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : فلنقل الآن بعون الله تعالى وقوته على
nindex.php?page=treesubj&link=1787_2498بيان السفر الذي يقصر فيه ويفطر فنقول - وبالله تعالى التوفيق - : قال الله عز وجل : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا } .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48922إن الله تعالى فرض الصلاة على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم في السفر ركعتين ، } ولم يخص الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا المسلمون بأجمعهم سفرا من سفر ، فليس لأحد أن يخصه إلا بنص أو إجماع متيقن ؟ فإن قيل : بل لا يقصر ولا يفطر إلا في سفر أجمع المسلمون على القصر فيه والفطر ؟
[ ص: 213 ] قلنا لهم : فلا تقصروا ولا تفطروا إلا في حج ، أو عمرة ، أو جهاد ، وليس هذا قولكم ، ولو قلتموه لكنتم قد خصصتم القرآن والسنة بلا برهان ، وللزمكم في سائر الشرائع كلها أن لا تأخذا في شيء منها لا بقرآن ، ولا بسنة إلا حتى يجمع الناس على ما أجمعوا عليه منها ، وفي هذا هدم مذاهبكم كلها ، بل فيه الخروج على الإسلام ، وإباحة مخالفة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في الدين كله ، إلا حتى يجمع الناس على شيء من ذلك ، وهذا نفسه خروج عن الإجماع وإنما الحق في وجوب اتباع القرآن والسنن حتى يصح نص أو إجماع في شيء منهما أنه مخصوص أو منسوخ ، فيوقف عند ما صح من ذلك ، فإنما بعث الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ليطاع .
قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=64وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله } ولم يبعثه الله تعالى ليعصى حتى يجمع الناس على طاعته ، بل طاعته واجبة قبل أن يطيعه أحد .
وقبل أن يخالفه أحد ، لكن ساعة يأمر بالأمر ، هذا ما لا يقول مسلم خلافه ، حتى نقض من نقض والسفر : هو البروز عن محلة الإقامة ، وكذلك الضرب في الأرض ، هذا الذي لا يقول أحد من أهل اللغة - التي بها خوطبنا وبها نزل القرآن - سواه ، فلا يجوز أن يخرج عن هذا الحكم إلا ما صح النص بإخراجه ؟ ثم وجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج إلى
البقيع لدفن الموتى ، وخرج إلى الفضاء للغائط والناس معه فلم يقصروا ولا أفطروا ، ولا أفطر ولا قصر فخرج هذا عن أن يسمى سفرا ، وعن أن يكون له حكم السفر ، فلم يجز لنا أن نوقع اسم سفر وحكم سفر إلا على من سماه من هو حجة في اللغة سفرا ، فلم نجد ذلك في أقل من ميل .
فقد روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه قال : لو خرجت ميلا لقصرت الصلاة ، فأوقعنا اسم السفر وحكم السفر في الفطر والقصر على الميل فصاعدا ، إذ لم نجد عربيا ولا شريعيا عالما أوقع على أقل منه اسم سفر ، وهذا برهان صحيح - وبالله تعالى التوفيق
فإن قيل : فهلا جعلتم الثلاثة الأميال - كما بين
المدينة وذي الحليفة - حدا للقصر والفطر ، إذ لم تجدوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قصر ولا أفطر في أقل من ذلك ؟
[ ص: 214 ] قلنا : ولا وجدنا عليه السلام منعا من الفطر والقصر في أقل من ذلك ، بل وجدناه عليه السلام أوجب عن ربه تعالى الفطر في السفر مطلقا ، وجعل الصلاة في السفر ركعتين مطلقا ، فصح ما قلناه - ولله تعالى الحمد .
والميل : هو ما سمي عند
العرب ميلا ، ولا يقع ذلك على أقل من ألفي ذراع ؟ فإن قيل : لو كان هذا ما خفي على
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ولا على
عثمان ، ولا على من لا يعرف ذلك من التابعين والفقهاء ، فهو مما تعظم به البلوى
قلنا : قد عرفه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين .
ثم نعكس عليكم قولكم - : فنقول للحنفيين : لو كان قولكم في هذه المسألة حقا ما خفي على
عثمان ، ولا على
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، ولا على
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ولا على من لا يعرف قولكم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867كمالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ،
والأوزاعي ، وغيرهم ، ممن لا يقول به من الصحابة والتابعين والفقهاء وهو مما تعظم به البلوى ؟ ونقول للمالكيين : لو كان قولكم حقا ما خفي على كل من ذكرنا من الصحابة والتابعين والفقهاء ، وهو مما تعظم به البلوى ؟ إلا أن هذا الإلزام لازم للطوائف المذكورة لا لنا ; لأنهم يرون هذا الإلزام حقا ، ومن حقق شيئا لزمه .
وأما نحن فلا نحقق هذا الإلزام الفاسد بل هو عندنا وسواس وضلال ، وإنما حسبنا اتباع ما قال الله تعالى ورسوله عليه السلام ، عرفه من عرفه ، وجهله من جهله ، وما من شريعة اختلف الناس فيها إلا قد علمها بعض السلف وقال بها ، وجهلها بعضهم فلم يقل بها - وبالله تعالى التوفيق
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وقد موه بعضهم بأن قال : إن من العجب ترك سؤال الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه العظيمة ، وهي حد السفر الذي تقصر فيه الصلاة ويفطر فيه في رمضان ؟
[ ص: 215 ] فقلنا : هذا أعظم برهان ، وأجل دليل ، وأوضح حجة لكل من له أدنى فهم وتمييز - : على أنه لا حد لذلك أصلا إلا ما سمي سفرا في لغة
العرب التي بها خاطبهم عليه السلام ، إذ لو كان لمقدار السفر حد غير ما ذكرنا لما أغفل عليه السلام بيانه ألبتة ، ولا أغفلوا هم سؤاله عليه السلام عنه ، ولا اتفقوا على ترك نقل تحديده في ذلك إلينا ، فارتفع الإشكال جملة ، ولله الحمد ، ولاح بذلك أن الجميع منهم قنعوا بالنص الجلي ، وإن كل من حد في ذلك حدا فإنما هو وهم أخطأ فيه ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وقد اتفق الفريقان على أنه إذا فارق بيوت القرية وهو يريد : إما ثلاثة أيام وإما أربعة برد - : أنه يقصر الصلاة .
فنسألهم : أهو في سفر تقصر فيه الصلاة ؟ أم ليس في سفر تقصر فيه الصلاة بعد ، لكنه يريد سفرا تقصر فيه الصلاة بعد ، ولا يدري أيبلغه أم لا ؟ ولا بد من أحد الأمرين ؟ فإن قالوا : ليس في سفر تقصر فيه الصلاة بعد ، ولكنه يريده ، ولا يدري أيبلغه أم لا ، أقروا بأنهم أباحوا له القصر ، وهو في غير سفر تقصر فيه الصلاة ، من أجل نيته في إرادته سفرا تقصر فيه الصلاة ، ولزمهم أن يبيحوا له القصر في منزله وخارج منزله بين بيوت قريته ، من أجل نيته في إرادته سفرا تقصر فيه الصلاة ولا فرق .
وقد قال بهذا القول :
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك ، وغيرهما ، إلا أن هؤلاء يقرون أنه ليس في سفر ، ثم يأمرونه بالقصر ، وهذا لا يحل أصلا
وإن قالوا : بل هو في سفر تقصر فيه الصلاة ؟ هدموا كل ما بنوا ، وأبطلوا أصلهم ومذهبهم ، وأقروا بأن قليل السفر وكثيره : تقصر فيه الصلاة ، لأنه قد ينصرف قبل أن يبلغ المقدار الذي فيه القصر عندهم ؟ وأما نحن فإن ما دون الميل من آخر بيوت قريته له حكم الحضر ، فلا يقصر فيه ولا يفطر ، فإذا بلغ الميل فحينئذ صار في سفر تقصر فيه الصلاة ويفطر فيه ، فمن حينئذ يقصر ويفطر .
وكذلك إذا رجع فكان على أقل من ميل فإنه يتم ، لأنه ليس في سفر - يقصر فيه بعد
[ ص: 216 ] مسألة :
وسواء سافر في بر ، أو بحر ، أو نهر ، كل ذلك كما ذكرنا ، لأنه سفر ولا فرق ؟
وَمِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ عَنْ
قَزَعَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48919لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ } " .
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَوَكِيعٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشِ عَنْ
أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31415لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا إلَّا وَمَعَهَا أَخُوهَا أَوْ أَبُوهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوْ ابْنُهَا ، أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا } .
فَإِنْ كَانَ ذِكْرُ الثَّلَاثِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مُخْرِجًا لِمَا دُونَ الثَّلَاثِ ، مِمَّا قَدْ ذُكِرَ أَيْضًا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ ، عَنْ حُكْمِ الثَّلَاثِ - : فَإِنَّ ذِكْرَ مَا فَوْقَ الثَّلَاثِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ مُخْرِجٌ لِلثَّلَاثِ أَيْضًا ، وَإِنْ ذُكِرَتْ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ حُكْمِ مَا فَوْقَ الثَّلَاثِ ، وَإِلَّا فَالْقَوْمُ مُتَلَاعِبُونَ مُتَحَكِّمُونَ بِالْبَاطِلِ ؟ وَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَقُولُوا : إنَّهُمْ عَلَى يَقِينٍ مِنْ صِحَّةِ حُكْمِ مَا فَوْقَ الثَّلَاثِ وَبَقَائِهِ غَيْرَ مَنْسُوخٍ ، وَعَلَى شَكٍّ مِنْ صِحَّةِ بَقَاءِ النَّهْيِ عَنْ الثَّلَاثِ ، كَمَا قَالُوا فِي الثَّلَاثِ وَفِيمَا دُونَهَا سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ وَلَا فَرْقَ فَقَالُوا : لَمْ يُفَرِّقْ أَحَدٌ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَبَيْنَ مَا فَوْقَ الثَّلَاثِ ؟ فَقِيلَ لَهُمْ : قُلْتُمْ بِالْبَاطِلِ ، قَدْ صَحَّ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ حَدَّ مَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ لَا بِثَلَاثٍ .
فَكَيْفَ ؟ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلٌ قَالَهُ رَجُلَانِ مِنْ التَّابِعِينَ ، وَرَجُلَانِ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ قَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنْهُمْ فَمَا يَعُدُّهُ إجْمَاعًا إلَّا
[ ص: 208 ] مَنْ لَا دِينَ لَهُ وَلَا حَيَاءَ فَكَيْفَ ؟ وَإِذْ قَدْ جَاءَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ عَدَّ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ مِيلًا إلَى
السُّوَيْدَاءِ مَسِيرَةَ ثَلَاثٍ ، فَإِنَّ تَحْدِيدَهُ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ : أَنْ لَا قَصْرَ فِيمَا دُونَهُ لِسِتَّةٍ وَتِسْعِينَ مِيلًا - : مُوجِبٌ أَنَّ هَذَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثٍ ، لِأَنَّ بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ مِيلًا ، وَمُحَالٌ كَوْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْعَدَدَيْنِ ثَلَاثًا مُسْتَوِيَةً
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّهُ قَدْ عَارَضَ هَذَا الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ حَدَّ بِالْيَوْمِ الْوَاحِدِ ، وَقَوْلُهُمْ : نَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ صِحَّةِ اسْتِعْمَالِنَا نَهْيَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ سَفَرِهَا يَوْمًا وَاحِدًا مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ وَنَهْيَهَا عَنْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ النَّهْيُ عَنْ سَفَرِهَا ثَلَاثًا هُوَ الْأَوَّلُ أَوْ هُوَ الْآخِرُ ، فَإِنَّهَا مَنْهِيَّةٌ أَيْضًا عَنْ الْيَوْمِ ، وَلَيْسَ تَأْخِيرُ نَهْيِهَا عَنْ الثَّلَاثِ بِنَاسِخٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ نَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَمَّا دُونَ الثَّلَاثِ ، وَأَنْتُمْ عَلَى يَقِينٍ مِنْ مُخَالَفَتِكُمْ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهَا عَمَّا دُونَ الثَّلَاثِ ، وَخِلَافُ أَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِغَيْرِ يَقِينٍ لِلنَّسْخِ لَا يَحِلُّ ، فَتَعَارَضَ الْقَوْلَانِ وَالثَّالِثُ : أَنَّ حَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرْنَا : قَاضٍ عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ، وَكُلُّهَا بَعْضُ مَا فِيهِ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخَالِفَ مَا فِيهِ أَصْلًا ؟ لِأَنَّ مَنْ عَمِلَ بِهِ فَقَدْ عَمِلَ بِجَمِيعِ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ ، وَمَنْ عَمِلَ بِشَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ - دُونَ سَائِرِهَا - فَقَدْ خَالَفَ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ ؟
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : ثُمَّ لَوْ لَمْ تَتَعَارَضْ الرِّوَايَاتُ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ نَهْيُ الْمَرْأَةِ عَنْ سَفَرِ مُدَّةٍ مَا إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ، وَلَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ مُدَّةُ مَسْحِ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ - : ذِكْرٌ أَصْلًا - لَا بِنَصٍّ وَلَا بِدَلِيلٍ - عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=2498_1788الْمُدَّةِ الَّتِي يَقْصُرُ فِيهَا وَيُفْطِرُ ، وَلَا يَقْصُرُ ، وَلَا يُفْطِرُ فِي أَقَلَّ مِنْهَا .
وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى - : ذَكَرَ الْقَصْرَ فِي الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ مَعَ الْخَوْفِ .
وَذَكَرَ الْفِطْرَ فِي السَّفَرِ وَالْمَرَضِ ؟ وَذَكَرَ التَّيَمُّمَ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ فِي السَّفَرِ وَالْمَرَضِ - :
[ ص: 209 ] فَجَعَلَ هَؤُلَاءِ حُكْمَ نَهْيِ الْمَرْأَةِ عَنْ السَّفَرِ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ، وَحُكْمُ مَسْحِ الْمُسَافِرِ - : دَلِيلٌ عَلَى مَا يَقْصُرُ فِيهِ وَيُفْطِرُ ، دُونَ مَا لَا قَصْرَ فِيهِ وَلَا فِطْرَ ، وَلَمْ يَجْعَلُوهُ دَلِيلًا عَلَى السَّفَرِ الَّذِي يَتَيَمَّمُ فِيهِ مِنْ السَّفَرِ الَّذِي لَا يُتَيَمَّمُ فِيهِ ؟ فَإِنْ قَالُوا : قِسْنَا مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ ، وَمَا لَا تُقْصَرُ فِيهِ عَلَى مَا تُسَافِرُ فِيهِ الْمَرْأَةُ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ ، وَمَا لَا تُسَافِرُهُ ، وَعَلَى مَا يَمْسَحُ فِيهِ الْمُقِيمُ ، وَمَا لَا يَمْسَحُ ؟ قُلْنَا لَهُمْ : وَلِمَ فَعَلْتُمْ هَذَا ؟ وَمَا الْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ ؟ أَوْ مَا الشَّبَهُ بَيْنَهُمَا ؟ وَهَلَّا قِسْتُمْ الْمُدَّةَ الَّتِي إذَا نَوَى إقَامَتَهَا الْمُسَافِرُ أَتَمَّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا ؟ وَمَا يَعْجِزُ أَحَدٌ أَنْ يَقِيسَ بِرَأْيِهِ حُكْمًا عَلَى حُكْمٍ آخَرَ وَهَلَّا قِسْتُمْ مَا يَقْصُرُ فِيهِ عَلَى مَا لَا يَتَيَمَّمُ فِيهِ ؟ فَهُوَ أَوْلَى إنْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا ، أَوْ عَلَى مَا أَبَحْتُمْ فِيهِ لِلرَّاكِبِ التَّنَفُّلَ عَلَى دَابَّتِهِ .
ثُمَّ نَقُولُ لَهُمْ : أَخْبِرُونَا عَنْ قَوْلِكُمْ : إنْ سَافَرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَصَرَ وَأَفْطَرَ ، وَإِنْ سَافَرَ أَقَلَّ لَمْ يَقْصُرْ وَلَمْ يُفْطِرْ - : مَا هَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامُ ؟ أَمِنْ أَيَّامِ حُزَيْرَانَ ؟ أَمْ مِنْ أَيَّامِ كَانُونَ الْأَوَّلِ فَمَا بَيْنَهُمَا ؟ وَهَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي قُلْتُمْ ، أَسَيْرُ الْعَسَاكِرِ ؟ أَمْ سَيْرُ الرِّفَاقِ عَلَى الْإِبِلِ ، أَوْ عَلَى الْحَمِيرِ ، أَوْ عَلَى الْبِغَالِ ، أَمْ سَيْرُ الرَّاكِبِ الْمُجِدِّ ؟ أَمْ سَيْرُ الْبَرِيدِ ؟ أَمْ مَشْيُ الرَّجَّالَةِ .
وَقَدْ عَلِمْنَا يَقِينًا أَنَّ مَشْيَ الرَّاجِلِ الشَّيْخِ الضَّعِيفِ فِي وَحْلٍ وَوَعِرٍ ، أَوْ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ - : خِلَافُ مَشْيِ الرَّاكِبِ عَلَى الْبَغْلِ الْمُطِيقِ فِي الرَّبِيعِ فِي السَّهْلِ ، وَأَنَّ هَذَا يَمْشِي فِي يَوْمٍ مَا لَا يَمْشِيهِ الْآخَرُ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ ؟ وَأَخْبِرُونَا عَنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ : كَيْفَ هِيَ ؟ أَمَشْيًا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ ؟ أَمْ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ ، أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ قَلِيلًا ، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ قَلِيلًا ؟ أَمْ النَّهَارُ وَاللَّيْلُ مَعًا ؟ أَمْ كَيْفَ هَذَا وَأَخْبِرُونَا : كَيْفَ جَعَلْتُمْ هَذِهِ الْأَيَّامَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ مِيلًا عَلَى وَاحِدٍ وَعِشْرِينَ مِيلًا كُلَّ يَوْمٍ ؟ وَلَمْ تَجْعَلُوهَا اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ مِيلًا عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ مِيلًا كُلَّ يَوْمٍ ؟ أَوْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ مِيلًا كُلَّ يَوْمٍ ؟ أَوْ عِشْرِينَ مِيلًا كُلَّ يَوْمٍ ؟ أَوْ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ مِيلًا كُلَّ يَوْمٍ فَمَا بَيْنَ ذَلِكَ
[ ص: 210 ] فَكُلُّ هَذِهِ الْمَسَافَاتِ تَمْشِيهَا الرِّفَاقُ ، وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ إلَى تَحْدِيدِ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا - دُونَ سَائِرِهِ - إلَّا بِرَأْيٍ فَاسِدٍ .
وَهَكَذَا يُقَالُ لِمَنْ قَدَّرَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ ، أَوْ بِلَيْلَةٍ ، أَوْ بِيَوْمٍ ، أَوْ بِيَوْمَيْنِ ، وَلَا فَرْقَ ؟ فَإِنْ قَالُوا : هَذَا الِاعْتِرَاضُ يَلْزَمُكُمْ أَنْ تُدْخِلُوهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِهِ الْمَرْأَةَ أَنْ لَا تُسَافِرَ ثَلَاثًا أَوْ لَيْلَتَيْنِ ، أَوْ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْ يَوْمًا إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ، وَفِي تَحْدِيدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَسْحَ الْمُسَافِرِ ثَلَاثًا وَالْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً ؟ قُلْنَا - وَلَا كَرَامَةَ لِقَائِلِ هَذَا مِنْكُمْ - : بَلْ بَيْنَ تَحْدِيدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْدِيدِكُمْ أَعْظَمُ الْفَرْقِ ، وَهُوَ أَنَّكُمْ لَمْ تَكِلُوا الْأَيَّامَ الَّتِي جَعَلْتُمُوهَا - حَدًّا لِمَا يَقْصُرُ فِيهِ وَمَا يُفْطِرُ ، أَوْ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ كَذَلِكَ ، الَّتِي جَعَلَهَا مِنْكُمْ مَنْ جَعَلَهَا حَدًّا - : إلَى مَشْيِ الْمُسَافِرِ الْمَأْمُورِ بِالْقَصْرِ أَوْ الْفِطْرِ فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ ؟ بَلْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ جَعَلَتْ لِذَلِكَ حَدًّا مِنْ مِسَاحَةِ الْأَرْضِ لَا يَنْقُصُ مِنْهَا شَيْءٌ ; لِأَنَّكُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ مَشَى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كُلَّ يَوْمٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا ، أَوْ عِشْرِينَ مِيلًا لَا يَقْصُرُ ، فَإِنْ مَشَى يَوْمًا وَلَيْلَةً ثَلَاثِينَ مِيلًا فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ .
وَاتَّفَقْتُمْ أَنَّهُ مَنْ مَشَى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كُلَّ يَوْمٍ بَرِيدًا غَيْرُ شَيْءٍ أَوْ جَمَعَ ذَلِكَ الْمَشْيَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ ؟ وَاتَّفَقْتُمْ مَعْشَرَ الْمُمَوِّهِينَ بِذِكْرِ الثَّلَاثِ لَيَالِي فِي الْحَدِيثَيْنِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ مَشَى مِنْ يَوْمِهِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ مِيلًا فَإِنَّهُ يَقْصُرُ وَيُفْطِرُ .
وَلَوْ لَمْ يَمْشِ إلَّا بَعْضَ يَوْمٍ وَهَذَا مُمْكِنٌ جِدًّا ، كَثِيرٌ فِي النَّاسِ ؟ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرْأَةَ بِأَنْ لَا تُسَافِرَ ثَلَاثًا أَوْ يَوْمًا إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ .
وَأَمْرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمُسَافِرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهِنَّ بِالْمَسْحِ ثُمَّ يَخْلَعُ ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ مَوْكُولَةٌ إلَى حَالَةِ الْمُسَافِرِ وَالْمُسَافِرَةِ ، عَلَى عُمُومِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِي لَوْ أَرَادَ غَيْرَهُ لَبَيَّنَهُ لِأُمَّتِهِ .
فَلَوْ أَنَّ مُسَافِرَةً خَرَجَتْ تُرِيدُ سَفَرَ مِيلٍ فَصَاعِدًا لَمْ يَجُزْ لَهَا أَنْ تَخْرُجَهُ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ ؟
[ ص: 211 ] وَلَوْ أَنَّ مُسَافِرًا سَافَرَ سَفَرًا يَكُونُ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ يَمْشِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِيلًا لَكَانَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ ؟ وَلَوْ سَافَرَ يَوْمًا وَأَقَامَ آخَرَ وَسَافَرَ ثَالِثًا لَكَانَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ كَمَا هِيَ .
وَحَتَّى لَوْ لَمْ يَأْتِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَّا خَبَرُ الثَّلَاثِ فَقَطْ لَكَانَ الْقَوْلُ : أَنَّ الْمَرْأَةَ إنْ خَرَجَتْ فِي سَفَرٍ مِقْدَارَ قُوَّتِهَا فِيهِ أَنْ لَا تَمْشِيَ إلَّا مِيلَيْنِ مِنْ نَهَارِهَا أَوْ ثَلَاثَةً - : لَمَا حَلَّ ، لَهَا إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ .
فَلَوْ كَانَ مِقْدَارُ قُوَّتِهَا أَنْ تَمْشِيَ خَمْسِينَ مِيلًا كُلَّ يَوْمٍ لَكَانَ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ مَسَافَةَ مِائَةِ مِيلٍ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ لَكِنْ وَحْدَهَا .
وَاَلَّذِي حَدَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مَعْقُولٌ مَفْهُومٌ مَضْبُوطٌ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِمِسَاحَةٍ مِنْ الْأَرْضِ لَا تَتَعَدَّى ، بَلْ بِمَا يَسْتَحِقُّ بِهِ اسْمَ سَفَرِ ثَلَاثٍ أَوْ سَفَرِ يَوْمٍ ، وَلَا مَزِيدَ ؟ وَاَلَّذِي حَدَّدْتُمُوهُ أَنْتُمْ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَلَا مَفْهُومٍ وَلَا مَضْبُوطٍ أَصْلًا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَظَهَرَ فَرْقُ مَا بَيْنَ قَوْلِكُمْ وَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَبَيَّنَ فَسَادُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا بِيَقِينٍ لَا إشْكَالَ فِيهِ ، وَأَنَّهَا لَا مُتَعَلِّقَ لَهَا وَلَا لِشَيْءٍ مِنْهَا لَا بِقُرْآنٍ وَلَا بِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا سَقِيمَةٍ ، وَلَا بِإِجْمَاعٍ وَلَا بِقِيَاسٍ وَلَا بِمَعْقُولٍ ، وَلَا بِقَوْلِ صَاحِبٍ لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ نَفْسِهِ ، فَكَيْفَ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ غَيْرُهُ مِنْهُمْ ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ بِيَقِينٍ فَإِنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَخْبَارِ الْمَأْثُورَةِ عَنْهُ حَقٌّ كُلُّهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَمُقْتَضَاهَا ، مَنْ خَالَفَ شَيْئًا مِنْهَا خَالَفَ الْحَقَّ ، لَا سِيَّمَا تَفْرِيقُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ بَيْنَ
nindex.php?page=treesubj&link=3519_3701_1787خُرُوجِ الْمَكِّيِّ إلَى مِنًى وَإِلَى عَرَفَةَ فِي الْحَجِّ فَيَقْصُرُ - : وَبَيْنَ سَائِرِ جَمِيعِ بِلَادِ الْأَرْضِ يَخْرُجُونَ هَذَا الْمِقْدَارَ فَلَا يَقْصُرُونَ وَلَا يُعْرَفُ هَذَا التَّفْرِيقُ عَنْ صَاحِبٍ وَلَا تَابِعٍ قَبْلَهُ ؟ وَاحْتَجَّ لَهُ بَعْضُ مُقَلِّدِيهِ بِأَنْ قَالَ : إنَّمَا ذَلِكَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48921يَا أَهْلَ مَكَّةَ أَتِمُّوا فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ } وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ :
بِمِنًى .
[ ص: 212 ]
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : وَهَذَا لَا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْلًا ، وَإِنَّمَا هُوَ مَحْفُوظٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ؟ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ لَهُمْ ، لِأَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُهُمْ إذْ أَخْرَجُوا حُكْمَ أَهْلِ
مَكَّةَ بِمِنًى عَنْ حُكْمِ سَائِرِ الْأَسْفَارِ مِنْ أَجْلِ مَا ذَكَرُوا - : أَنْ يَقْصُرَ أَهْلُ
مِنًى بِمِنًى وَبِمَكَّةَ ; لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَقُلْ لِأَهْلِ
مِنًى : أَتِمُّوا ؟ فَإِنْ قَالُوا : قَدْ عُرِفَ أَنَّ الْحَاضِرَ لَا يَقْصُرُ ؟ قِيلَ لَهُمْ : صَدَقْتُمْ ، وَقَدْ عُرِفَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ الْأَسْفَارِ لَهُ حُكْمُ الْإِقَامَةِ فَإِنَّهُمْ لَا يَقْصُرُونَ فِيهَا ، فَإِنْ كَانَ مَا بَيْنَ
مَكَّةَ وَمِنًى مِنْ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَتِلْكَ الْمَسَافَةُ فِي جَمِيعِ بِلَادِ اللَّهِ تَعَالَى كَذَلِكَ وَلَا فَرْقَ ، إذْ لَيْسَ إلَّا سَفَرٌ أَوْ إقَامَةٌ بِالنَّصِّ وَالْمَعْقُولِ وَلَا فَرْقَ وَقَدْ حَدَّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ ذَلِكَ بِمَا فِيهِ الْمَشَقَّةُ ؟ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : فَقُلْنَا هَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ تَخْتَلِفُ ، فَنَجِدُ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ مَشْيُ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ حَتَّى لَا يَبْلُغَهَا إلَّا بِشِقِّ النَّفْسِ ، وَهَذَا كَثِيرٌ جِدًّا ، يَكَادُ أَنْ يَكُونَ الْأَغْلَبَ ، وَنَجِدُ مَنْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ فِي عِمَارِيَّةٍ فِي أَيَّامِ الرَّبِيعِ مُرَفَّهًا مَخْدُومًا شَهْرًا وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ ، فَبَطَلَ هَذَا التَّحْدِيدُ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : فَلْنَقُلْ الْآنَ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=1787_2498بَيَانِ السَّفَرِ الَّذِي يَقْصُرُ فِيهِ وَيُفْطِرُ فَنَقُولُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ - : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاةِ إنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا } .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=25وَعَائِشَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48922إنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ ، } وَلَمْ يَخُصَّ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا الْمُسْلِمُونَ بِأَجْمَعِهِمْ سَفَرًا مِنْ سَفَرٍ ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّهُ إلَّا بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ مُتَيَقَّنٍ ؟ فَإِنْ قِيلَ : بَلْ لَا يَقْصُرُ وَلَا يُفْطِرُ إلَّا فِي سَفَرٍ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْقَصْرِ فِيهِ وَالْفِطْرِ ؟
[ ص: 213 ] قُلْنَا لَهُمْ : فَلَا تَقْصُرُوا وَلَا تُفْطِرُوا إلَّا فِي حَجٍّ ، أَوْ عُمْرَةٍ ، أَوْ جِهَادٍ ، وَلَيْسَ هَذَا قَوْلُكُمْ ، وَلَوْ قُلْتُمُوهُ لَكُنْتُمْ قَدْ خَصَّصْتُمْ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ بِلَا بُرْهَانٍ ، وَلَلَزِمَكُمْ فِي سَائِرِ الشَّرَائِعِ كُلِّهَا أَنْ لَا تَأْخُذَا فِي شَيْءٍ مِنْهَا لَا بِقُرْآنٍ ، وَلَا بِسُنَّةٍ إلَّا حَتَّى يُجْمِعَ النَّاسُ عَلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْهَا ، وَفِي هَذَا هَدْمُ مَذَاهِبِكُمْ كُلِّهَا ، بَلْ فِيهِ الْخُرُوجُ عَلَى الْإِسْلَامِ ، وَإِبَاحَةِ مُخَالَفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدِّينِ كُلِّهِ ، إلَّا حَتَّى يُجْمِعَ النَّاسُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَهَذَا نَفْسُهُ خُرُوجٌ عَنْ الْإِجْمَاعِ وَإِنَّمَا الْحَقُّ فِي وُجُوبِ اتِّبَاعِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ حَتَّى يَصِحَّ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَخْصُوصٌ أَوْ مَنْسُوخٌ ، فَيُوقَفُ عِنْدَ مَا صَحَّ مِنْ ذَلِكَ ، فَإِنَّمَا بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُطَاعَ .
قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=64وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ } وَلَمْ يَبْعَثْهُ اللَّهُ تَعَالَى لِيُعْصَى حَتَّى يُجْمِعَ النَّاسُ عَلَى طَاعَتِهِ ، بَلْ طَاعَتُهُ وَاجِبَةٌ قَبْلَ أَنْ يُطِيعَهُ أَحَدٌ .
وَقَبْلَ أَنْ يُخَالِفَهُ أَحَدٌ ، لَكِنْ سَاعَةَ يَأْمُرُ بِالْأَمْرِ ، هَذَا مَا لَا يَقُولُ مُسْلِمٌ خِلَافَهُ ، حَتَّى نَقَضَ مَنْ نَقَضَ وَالسَّفَرُ : هُوَ الْبُرُوزُ عَنْ مَحَلَّةِ الْإِقَامَةِ ، وَكَذَلِكَ الضَّرْبُ فِي الْأَرْضِ ، هَذَا الَّذِي لَا يَقُولُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ - الَّتِي بِهَا خُوطِبْنَا وَبِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ - سِوَاهُ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ هَذَا الْحُكْمِ إلَّا مَا صَحَّ النَّصُّ بِإِخْرَاجِهِ ؟ ثُمَّ وَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَرَجَ إلَى
الْبَقِيعِ لِدَفْنِ الْمَوْتَى ، وَخَرَجَ إلَى الْفَضَاءِ لِلْغَائِطِ وَالنَّاسُ مَعَهُ فَلَمْ يَقْصُرُوا وَلَا أَفْطَرُوا ، وَلَا أَفْطَرَ وَلَا قَصَرَ فَخَرَجَ هَذَا عَنْ أَنْ يُسَمَّى سَفَرًا ، وَعَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُكْمُ السَّفَرِ ، فَلَمْ يَجُزْ لَنَا أَنْ نُوقِعَ اسْمَ سَفَرٍ وَحُكْمَ سَفَرٍ إلَّا عَلَى مَنْ سِمَاهُ مَنْ هُوَ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ سَفَرًا ، فَلَمْ نَجِدْ ذَلِكَ فِي أَقَلَّ مِنْ مِيلٍ .
فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : لَوْ خَرَجْت مِيلًا لَقَصَرْت الصَّلَاةَ ، فَأَوْقَعْنَا اسْمَ السَّفَرِ وَحُكْمَ السَّفَرِ فِي الْفِطْرِ وَالْقَصْرِ عَلَى الْمِيلِ فَصَاعِدًا ، إذْ لَمْ نَجِدْ عَرَبِيًّا وَلَا شَرِيعِيًّا عَالِمًا أَوْقَعَ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُ اسْمَ سَفَرٍ ، وَهَذَا بُرْهَانٌ صَحِيحٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
فَإِنْ قِيلَ : فَهَلَّا جَعَلْتُمْ الثَّلَاثَةَ الْأَمْيَالَ - كَمَا بَيْنَ
الْمَدِينَةِ وَذِي الْحُلَيْفَةِ - حَدًّا لِلْقَصْرِ وَالْفِطْرِ ، إذْ لَمْ تَجِدُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَصَرَ وَلَا أَفْطَرَ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ ؟
[ ص: 214 ] قُلْنَا : وَلَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْعًا مِنْ الْفِطْرِ وَالْقَصْرِ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ ، بَلْ وَجَدْنَاهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْجَبَ عَنْ رَبِّهِ تَعَالَى الْفِطْرَ فِي السَّفَرِ مُطْلَقًا ، وَجَعَلَ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ مُطْلَقًا ، فَصَحَّ مَا قُلْنَاهُ - وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ .
وَالْمِيلُ : هُوَ مَا سُمِّيَ عِنْدَ
الْعَرَبِ مِيلًا ، وَلَا يَقَعُ ذَلِكَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ أَلْفَيْ ذِرَاعٍ ؟ فَإِنْ قِيلَ : لَوْ كَانَ هَذَا مَا خَفِيَ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَلَا عَلَى
عُثْمَانَ ، وَلَا عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْ التَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ ، فَهُوَ مِمَّا تَعْظُمُ بِهِ الْبَلْوَى
قُلْنَا : قَدْ عَرَفَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنُ عُمَرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وَأَنَسٌ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالتَّابِعِينَ .
ثُمَّ نَعْكِسُ عَلَيْكُمْ قَوْلَكُمْ - : فَنَقُولُ لِلْحَنَفِيِّينَ : لَوْ كَانَ قَوْلُكُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَقًّا مَا خَفِيَ عَلَى
عُثْمَانَ ، وَلَا عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَلَا عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَلَا عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ قَوْلَكُمْ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867كَمَالِكٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15124وَاللَّيْثِ ،
وَالْأَوْزَاعِيِّ ، وَغَيْرِهِمْ ، مِمَّنْ لَا يَقُولُ بِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَهُوَ مِمَّا تَعْظُمُ بِهِ الْبَلْوَى ؟ وَنَقُولُ لِلْمَالِكِيِّينَ : لَوْ كَانَ قَوْلُكُمْ حَقًّا مَا خَفِيَ عَلَى كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ ، وَهُوَ مِمَّا تَعْظُمُ بِهِ الْبَلْوَى ؟ إلَّا أَنَّ هَذَا الْإِلْزَامَ لَازِمٌ لِلطَّوَائِفِ الْمَذْكُورَةِ لَا لَنَا ; لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ هَذَا الْإِلْزَامَ حَقًّا ، وَمَنْ حَقَّقَ شَيْئًا لَزِمَهُ .
وَأَمَّا نَحْنُ فَلَا نُحَقِّقُ هَذَا الْإِلْزَامَ الْفَاسِدَ بَلْ هُوَ عِنْدَنَا وَسْوَاسٌ وَضَلَالٌ ، وَإِنَّمَا حَسْبُنَا اتِّبَاعُ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، عَرَفَهُ مَنْ عَرَفَهُ ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ ، وَمَا مِنْ شَرِيعَةٍ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا إلَّا قَدْ عَلِمَهَا بَعْضُ السَّلَفِ وَقَالَ بِهَا ، وَجَهِلَهَا بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ بِهَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : وَقَدْ مَوَّهَ بَعْضُهُمْ بِأَنْ قَالَ : إنَّ مِنْ الْعَجَبِ تَرْكَ سُؤَالِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْعَظِيمَةِ ، وَهِيَ حَدُّ السَّفَرِ الَّذِي تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَيُفْطَرُ فِيهِ فِي رَمَضَانَ ؟
[ ص: 215 ] فَقُلْنَا : هَذَا أَعْظَمُ بُرْهَانٍ ، وَأَجَلُّ دَلِيلٍ ، وَأَوْضَحُ حُجَّةٍ لِكُلِّ مَنْ لَهُ أَدْنَى فَهْمٍ وَتَمْيِيزٍ - : عَلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ لِذَلِكَ أَصْلًا إلَّا مَا سُمِّيَ سَفَرًا فِي لُغَةِ
الْعَرَبِ الَّتِي بِهَا خَاطَبَهُمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، إذْ لَوْ كَانَ لِمِقْدَارِ السَّفَرِ حَدٌّ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا لَمَا أَغْفَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيَانَهُ أَلْبَتَّةَ ، وَلَا أَغْفَلُوا هُمْ سُؤَالَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْهُ ، وَلَا اتَّفَقُوا عَلَى تَرْكِ نَقْلِ تَحْدِيدِهِ فِي ذَلِكَ إلَيْنَا ، فَارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ جُمْلَةً ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ، وَلَاحَ بِذَلِكَ أَنَّ الْجَمِيعَ مِنْهُمْ قَنَعُوا بِالنَّصِّ الْجَلِيِّ ، وَإِنَّ كُلَّ مَنْ حَدَّ فِي ذَلِكَ حَدًّا فَإِنَّمَا هُوَ وَهْمٌ أَخْطَأَ فِيهِ ؟ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : وَقَدْ اتَّفَقَ الْفَرِيقَانِ عَلَى أَنَّهُ إذَا فَارَقَ بُيُوتَ الْقَرْيَةِ وَهُوَ يُرِيدُ : إمَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِمَّا أَرْبَعَةَ بُرُدٍ - : أَنَّهُ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ .
فَنَسْأَلُهُمْ : أَهُوَ فِي سَفَرٍ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ ؟ أَمْ لَيْسَ فِي سَفَرٍ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ بَعْدُ ، لَكِنَّهُ يُرِيدُ سَفَرًا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ بَعْدُ ، وَلَا يَدْرِي أَيَبْلُغُهُ أَمْ لَا ؟ وَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ ؟ فَإِنْ قَالُوا : لَيْسَ فِي سَفَرٍ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ بَعْدُ ، وَلَكِنَّهُ يُرِيدُهُ ، وَلَا يَدْرِي أَيَبْلُغُهُ أَمْ لَا ، أَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ أَبَاحُوا لَهُ الْقَصْرَ ، وَهُوَ فِي غَيْرِ سَفَرٍ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ ، مِنْ أَجْلِ نِيَّتِهِ فِي إرَادَتِهِ سَفَرًا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ ، وَلَزِمَهُمْ أَنْ يُبِيحُوا لَهُ الْقَصْرَ فِي مَنْزِلِهِ وَخَارِجِ مَنْزِلِهِ بَيْنَ بُيُوتِ قَرْيَتِهِ ، مِنْ أَجْلِ نِيَّتِهِ فِي إرَادَتِهِ سَفَرًا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَلَا فَرْقَ .
وَقَدْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ :
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، وَغَيْرُهُمَا ، إلَّا أَنَّ هَؤُلَاءِ يُقِرُّونَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي سَفَرٍ ، ثُمَّ يَأْمُرُونَهُ بِالْقَصْرِ ، وَهَذَا لَا يَحِلُّ أَصْلًا
وَإِنْ قَالُوا : بَلْ هُوَ فِي سَفَرٍ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ ؟ هَدَمُوا كُلَّ مَا بَنَوْا ، وَأَبْطَلُوا أَصْلَهُمْ وَمَذْهَبَهُمْ ، وَأَقَرُّوا بِأَنَّ قَلِيلَ السَّفَرِ وَكَثِيرَهُ : تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ ، لِأَنَّهُ قَدْ يَنْصَرِفُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْمِقْدَارَ الَّذِي فِيهِ الْقَصْرُ عِنْدَهُمْ ؟ وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّ مَا دُونَ الْمِيلِ مِنْ آخِرِ بُيُوتِ قَرْيَتِهِ لَهُ حُكْمُ الْحَضَرِ ، فَلَا يُقْصَرُ فِيهِ وَلَا يُفْطَرُ ، فَإِذَا بَلَغَ الْمِيلَ فَحِينَئِذٍ صَارَ فِي سَفَرٍ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَيُفْطَرُ فِيهِ ، فَمِنْ حِينَئِذٍ يَقْصُرُ وَيُفْطِرُ .
وَكَذَلِكَ إذَا رَجَعَ فَكَانَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ مِيلٍ فَإِنَّهُ يُتِمُّ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي سَفَرٍ - يَقْصُرُ فِيهِ بَعْدُ
[ ص: 216 ] مَسْأَلَةٌ :
وَسَوَاءٌ سَافَرَ فِي بَرٍّ ، أَوْ بَحْرٍ ، أَوْ نَهْرٍ ، كُلُّ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا ، لِأَنَّهُ سَفَرٌ وَلَا فَرْقَ ؟