وأما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } فهو خبر صحيح ; لو لم يأت ما يخصه لم يجز خلافه لأحد . [ ص: 23 ] لكن وجدنا ما حدثناه فيما سقت السماء العشر وفيما سقي بنضح أو دالية نصف العشر عبد الله بن يوسف وأحمد بن محمد الطلمنكي ، قال عبد الله : ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ، أبو بكر بن أبي شيبة ، وعمرو الناقد وزهير بن حرب ، قالوا كلهم : ثنا : وقال وكيع : ثنا الطلمنكي ثنا ابن مفرج محمد بن أيوب الرقي ثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار ثنا أحمد بن الوليد العدني ثنا - : ثم اتفق يحيى بن آدم ، وكيع ويحيى ، كلاهما عن عن سفيان الثوري إسماعيل بن أمية عن عن محمد بن يحيى بن حبان يحيى بن عمارة عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي سعيد الخدري } . قال ليس فيما دون خمسة أوساق تمر ولا حب صدقة في روايته " من تمر " واتفقا فيما عدا ذلك . قال وكيع : وهذا إسناد في غاية الصحة ، فنفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة عن كل ما دون خمسة أوساق من حب أو تمر . ولفظة " دون " في اللغة العربية تقع على معنيين وقوعا مستويا ، ليس أحدهما أولى من الآخر ، وهما بمعنى : أقل ، وبمعنى : غير ، قال عز وجل : { أبو محمد ألا تتخذوا من دوني وكيلا } أي من غيري .
وقال عز وجل : { وآخرين من دونهم لا تعلمونهم } أي من غيرهم .
وحيثما وقعت لفظة " دون " في القرآن فهي بمعنى : غير ; فلا يجوز لأحد أن يقتصر بلفظة " دون " في هذا الخبر على معنى : أقل دون معنى : غير [ ص: 24 ]
ونحن إذا حملنا " دون " هاهنا على معنى : غير دخل فيه : أقل ; وتخصيص اللفظ بلا برهان من نص لا يحل . فصح يقينا أنه بنص قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالإجماع المتيقن على ذلك . لا زكاة في غير خمسة أوسق من حب أو تمر ، ووجبت الزكاة فيما زاد على خمسة أوسق
وكذلك في الإبل ، والبقر والغنم والذهب والفضة ، وبالإجماع المتيقن والنص أيضا .
وسقطت الزكاة عما عدا ذلك مما اختلف فيه ولا نص فيه ، بنفي النبي صلى الله عليه وسلم الزكاة عن كل ما هو غير خمسة أوسق من حب أو تمر ثم وجب أن ننظر ما يقع عليه اسم " حب " في اللغة التي بها خاطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - : فوجدنا ما حدثناه محمد بن سعيد بن نبات ثنا أحمد بن عبد البصير ثنا ثنا قاسم بن أصبغ محمد بن عبد السلام الخشني ثنا ثنا محمد بن المثنى عبد العزيز بن عبد الصمد العمي عن عن أبيه عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير في قوله تعالى : { ابن عباس حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا } قال : الحب : البر ، والقضب : الفصفصة ، فاقتصر ابن عباس - وهو الحجة في اللغة - بالحب على البر . وذكر ابن عباس اللغوي في كتابه في النبات في باب ترجمته " باب الزرع والحرث وأسماء الحب والقطاني وأوصافها " فقال - : قال أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري - جميع بزور النبات يقال لها " الحبة " بكسر الحاء . قال أبو عمرو وهو الشيباني كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : { أبو محمد } : قال فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل في الباب المذكور : وقال أبو حنيفة الدينوري : واحد الحبة : حبة ، [ ص: 25 ] بفتح الحاء ; فأما الحب فليس إلا الحنطة ، والشعير ، واحدها حبة ، بفتح الحاء ; وإنما افترقتا في الجمع . ثم ذكر الكسائي بعد هذا الفصل - إثر كلام ذكره أبو حنيفة لأبي نصر صاحب الأصمعي كلاما نصه : وكذلك غيره من الحبوب كالأرز ، والدخن ، قال : فهذه ثلاثة جموع - : الحب للحنطة ، والشعير خاصة ، والحبة - بكسر الحاء وزيادة الهاء في آخرها - لكل ما عداهما من البزور خاصة ، والحبوب للحنطة والشعير وسائر البزور . علي إمام في اللغة ، وفي الدين ، والعدالة . فإذ قد صح أن الحب لا يقع إلا على الحنطة والشعير في لغة والكسائي العرب ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نصا بنفي الزكاة عن غيرهما وغير التمر - : فلا زكاة في شيء من النبات غيرهما وغير التمر .
وقد روى من لا يوثق به ، عمن لا يوثق به ، ولا يدرى من هو ، عمن لا يوثق به إيجاب - وهو الزكاة في الحبوب عبد الملك بن حبيب الأندلسي عن الطلحي عن ، وهو أيضا منقطع . عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
قال : وقال قوم من السلف بمثل هذا ، وزادوا إلى هذه الثلاثة : الزبيب . كما حدثنا أبو محمد محمد بن سعيد بن نبات ثنا عبد الله بن نصر ثنا ثنا قاسم بن أصبغ ثنا ابن وضاح ثنا موسى بن معاوية عن وكيع ، عمرو بن عثمان وطلحة بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله - : قال عمرو عن موسى بن طلحة بن عبيد الله : { لما قدم معاذا اليمن لم يأخذ الصدقة إلا من الحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب } . أن
وقال طلحة بن يحيى عن عن أبيه أنه لم يأخذها إلا من الحنطة والشعير والتمر والزبيب . أبي بردة بن أبي موسى الأشعري
حدثنا أحمد بن محمد الجسور ثنا محمد بن عيسى بن رفاعة ثنا ثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو عبيد القاسم بن سلام حجاج هو ابن محمد الأعور - عن أخبرني ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع في صدقة الثمار والزرع ، قال : ما كان من نخل ، أو عنب ، أو حنطة ، أو شعير . [ ص: 26 ] وبه إلى ابن عمر أبي عبيد : ثنا يزيد عن - عن هشام هو ابن حسان الحسن البصري : أنه كان لا يرى العشر إلا في الحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب . قال أبو عبيد : وقال - عن يحيى بن سعيد هو القطان - عن أشعث هو ابن عبد الملك الحمراني الحسن ، أنهما قالا : الصدقة في تسعة أشياء - : الذهب ، والورق ، والإبل ، والبقر ، والغنم ، والحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب . ومحمد بن سيرين
قال أبو عبيد : وهو قول ، ابن أبي ليلى . حدثنا وسفيان الثوري حمام ثنا عبد الله بن محمد بن علي الباجي ثنا عبد الله بن يونس ثنا بقي بن مخلد ثنا ثنا أبو بكر بن أبي شيبة حميد بن عبد الرحمن عن الحسن هو ابن حي - عن - قال قال لي مطرف الحكم بن عتيبة وقد سألته عن الأقطان ، والسماسم : أفيها صدقة . قال : ما حفظنا عن أصحابنا أنهم كانوا يقولون : ليس في شيء من هذا شيء ، إلا في الحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب . قال : أبو محمد الحكم أدرك كبار التابعين وبعض الصحابة . وبه إلى ثنا أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع طلحة بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله قال : سأل عبد الحميد موسى بن طلحة بن عبيد الله عن الصدقة . فقال موسى : إنما الصدقة في : الحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب .
وبه إلى : ثنا أبي بكر بن أبي شيبة محمد بن بكر عن قال : قال لي ابن جريج ، عطاء وعمرو بن دينار : لا صدقة إلا في نخل ، أو عنب ، أو حب .
وقد روي نحو هذا عن - : قال علي بن أبي طالب : وهو قول أبو محمد ، الحسن بن حي ، وعبد الله بن المبارك وغيرهم . وأبي عبيد
قال : وادعى من ذهب إلى هذا أن إيجاب أبو محمد إجماع ، وذكر آثارا ليس منها شيء يصح . الزكاة في الزبيب
[ ص: 27 ] أحدها - من طريق : عندنا { موسى بن طلحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إنما أخذ الصدقة من : التمر ، والزبيب ، والحنطة ، والشعير معاذ } . قال كتاب : هذا منقطع ، لأن أبو محمد لم يدرك موسى بن طلحة بعقله . معاذا
وآخر - من طريق محمد بن أبي ليلى ، وهو سيئ الحفظ ، عن عن عبد الكريم عن أبيه عن جده ، وهي صحيفة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم { عمرو بن شعيب } . العشر في : التمر ، والزبيب ، والحنطة ، والشعير
وخصومنا يخالفون كثيرا من صحيفة ، ولا يرونه حجة . وآخر - من طريق عمرو بن شعيب عبد الرحمن بن إسحاق ، ، وكلاهما في غاية الضعف . ومن طريق وعبد الله بن نافع محمد بن مسلم الطائفي ، وهو في غاية الضعف . ومن طريق عبد الملك بن حبيب الأندلسي عن - وهو منكر الحديث ، عن أسد بن موسى نصر بن طريف وهو أبو جزء ، وهو ساقط ألبتة ; كلهم يذكر عن عن سعيد بن المسيب عتاب بن أسيد أنه أمر بخرص العنب . وسعيد لم يولد إلا بعد موت عتاب بسنتين . وعتاب لم يوله النبي صلى الله عليه وسلم إلا مكة ولا زرع بها ، ولا عنب . فسقط كل ما شغبوا به ، ولو صح شيء من هذه الآثار لأخذنا به ، ولما حل لنا خلافه ، كما لا يحل الأخذ في دين الله تعالى بخبر لا يصح .
وأما دعوى الإجماع فباطل - : كما حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور ثنا ثنا محمد بن عيسى ثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو عبيد القاسم بن سلام عباد بن العوام عن عن سفيان بن حسين الحكم بن عتيبة عن قال : تؤخذ الصدقة من : الحنطة ، والشعير ، والتمر كان لا يرى في العنب صدقة . شريح
وبه إلى أبي عبيد : ثنا عن هشيم الأجلح عن الشعبي قال : الصدقة في : البر ، والشعير ، والتمر . حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا أحمد بن عون الله ثنا ثنا قاسم بن أصبغ محمد بن عبد السلام الخشني [ ص: 28 ] ثنا محمد بن بشار بندار ثنا غندر ثنا عن شعبة الحكم بن عتيبة قال : ليس في الخيل زكاة ; ولا في الإبل العوامل زكاة ; وليس في الزبيب : شيء . فهؤلاء : ، شريح والشعبي ، والحكم بن عتيبة ، لا يرون في الزبيب زكاة .
قال : وليس إلا قول من قال بإيجاب الزكاة في كل ما أنبتته الأرض ; على عموم الخبر الثابت { أبو محمد } أو قولنا ، وهو لا زكاة إلا فيما أوجبها فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم باسمه ، على ما صح عنه عليه السلام من أنه قال : { فيما سقت السماء العشر } . ليس فيما دون خمسة أوسق من حب ولا تمر صدقة
وأما من أسقط من ذلك الخبر ما يقتضيه عمومه ، وزاد في هذا الخبر ما ليس فيه - : فلم يتعلقوا بقرآن ولا بسنة صحيحة ، ولا برواية ضعيفة ، ولا بقول صاحب لا مخالف له منهم ، ولا بقياس ولا بتعليل مطرد ; بل خالفوا كل ذلك ; لأنهم إن راعوا القوت ، فقد أسقطوا الزكاة عن كثير من الأقوات : كالتين ، والقسطل ، واللبن ، وغير ذلك ، وأوجبوه فيما ليس قوتا : كالزيت والحمص ، وغير ذلك مما لا يتقوت إلا لضرورة مجاعة .
وإن راعوا الأكل فقد أسقطوها عن كثير مما يؤكل ، وأوجبها بعضهم فيما لا يؤكل : كزيت الفجل والقطن ، وغير ذلك .
وإن راعوا ما يوسق ، فقد أسقطوها عن كثير مما يوسق .
ثم أيضا - لو راعوا شيئا من هذه المعاني وطردوا أصلهم لكانوا قائلين بلا برهان ; لكن بدعوى فاسدة وظن كاذب ، والله تعالى يقول : { إن الظن لا يغني من الحق شيئا } .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } . إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث
فإن لم يبق إلا أحد هذين القولين المذكورين ; فإن قول من أوجب الزكاة في كل ما أنبتت الأرض حرج شديد ، وشق الأنفس ، وعسر لا يطاق .
والأخذ بذلك الخبر تكليف ما ليس في الوسع ، وممتنع لا يمكن ألبتة ; لأنه يوجب أن لا ينبت في دار أحد ، أو في قطعة أرض له : عشب ، ولو أنه ورقة واحدة ، أو نرجسة ، أو فول ، أو غصن حرف أو بهارة أو تينة واحدة إلا وجب عليه عشر كل [ ص: 29 ] ذلك ، أو نصف عشره .
وكذلك ورق الشجر والتبن ، حتى تبن الفول ، وقصب الكتان ; نعم . وأصول الشجر نفسها ; لأن كل ذلك مما يسقيه الماء ; وهذا ما لا يمكن ألبتة .
وقد قال تعالى : { ما جعل عليكم في الدين من حرج }
وقال تعالى : { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } .
وقال تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها }
وامتن تعالى علينا إذ أجابنا في دعائنا الذي أمرنا تعالى أن ندعو به فنقول { ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به }
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } . يسروا ولا تعسروا
فإن قيل : يفعل في ذلك ما يفعل الشريكان فيه . قلنا : هذا لا يجوز ; لأن بيع أحد الشريكين من صاحبه مباح ، وتحليله له جائز ، ولا يجوز ، ولا التحليل منها أصلا . فصح يقينا أن ذلك الخبر ليس على عمومه ; فإذ ذلك كذلك فلا ندري ما يخرج منه إلا ببيان نص آخر . فصح أن لا زكاة إلا فيما أوجبه بيان نص غير ذلك النص ، أو إجماع متيقن ، ولا نص ولا إجماع إلا في البر والشعير والتمر فقط . بيع الصدقة قبل قبضها
ومن تعدى هذا فإنما يشرع برأيه ، ويخصص الأثر بظنه الكاذب - وهذا حرام - وبالله تعالى التوفيق .
وأما المعادن : فإن الأمة مجمعة بلا خلاف من أحد على أن . الصفر ، والحديد ، والرصاص ، والقزدير : لا زكاة في أعيانها ، وإن كثرت
ثم اختلفوا إذا مزج شيء منها في : الدنانير ، والدراهم ، والحلي . فقالت طائفة : تزكى تلك الدنانير ، والدراهم : بوزنها . قال : وهذا خطأ فاحش ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسقط الزكاة نصا فيما دون [ ص: 30 ] خمس أواق من الورق ، وفيما دون مقدارها من الذهب ، ولم يوجب - بلا خلاف - زكاة في شيء من أعيان المعادن المذكورة ، فمن أوجب أبو محمد ; فقد خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين - : الزكاة في الدنانير ، والدراهم الممزوجة بالنحاس ، أو الحديد ، أو الرصاص ، أو القزدير
إحداهما - في إيجابه الزكاة في أقل من خمس أواق من الرقة .
والثانية - في إيجابه الزكاة في أعيان المعادن المذكورة . وأيضا : فإنهم تناقضوا إذ أوجبوا الزكاة في : الصفر ، والرصاص ، والقزدير ، والحديد ، إذا مزج شيء منها بفضة ، أو ذهب ، وأسقطوا الزكاة عنها إذا كانت صرفا وهذا تحكم لا يحل .
وأيضا : فنسألهم عن شيء من هذه المعادن مزج بفضة ، أو ذهب ، فكان الممزوج منها أكثر من الذهب ، ومن الفضة . ثم لا نزال نزيدهم إلى أن نسألهم عن مائتي درهم في كل درهم فلس فضة فقط وسائرها نحاس . فإن جعلوا فيها الزكاة أفحشوا جدا ، وإن أسقطوها سألناهم عن الحد الذي يوجبون فيه الزكاة والذي يسقطونها فيه . فإن حدوا في ذلك حدا زادوا في التحكم بالباطل ، وإن لم يحدوا حدا كانوا قد خلطوا ما يحرمون بما يحلون ; ولم يبينوا لأنفسهم ولا لمن اتبعهم الحرام فيجتنبوه ، من الحلال فيأتوه .
قال : والحق من هذا ، هو أن الأسماء في اللغة والديانة واقعة على المسميات بصفات محمولة فيها ; فللفضة صفاتها التي إذا وجدت في شيء سمي ذلك الشيء فضة ; وكذلك القول في اسم الذهب واسم النحاس واسم كل مسمى في العالم . وأحكام الديانة إنما جاءت على الأسماء ; فللفضة حكمها ، وللذهب حكمه ، [ ص: 31 ] وكذلك كل اسم في العالم . أبو محمد
فإذا سقط الاسم الذي عليه جاء النص بالحكم سقط ذلك الحكم ، وانتقل المسمى إلى الحكم الذي جاء في النص على الاسم الذي وقع عليه ; كالعصير والخمر ، والخل ، والماء ، والدم ، واللبن ، واللحم ، والآنية ، والدنانير ، وكل ما في العالم .
فإن كان المزج في الفضة أو الذهب لا يغير صفاتهما التي ما دامت فيها سميا فضة ; وذهبا فهي فضة وذهب ; فالزكاة فيهما . وإن كان المزج في الفضة ، أو الذهب قد غير صفاتهما - وسقط عن الدنانير والدراهم اسم فضة واسم ذهب لظهور المزج فيهما - فهو حينئذ : فضة مع ذهب ; أو فضة مع نحاس ، فالواجب أن في مقدار الفضة التي في تلك الدراهم تجب الزكاة فيها خاصة ، ولا زكاة في النحاس الظاهر فيها أثره - وكذلك القول في الذهب مع ما مزج به . فإن ; فالزكاة فيما فيها من الذهب دون ما فيها من الفضة . وإن كان ما فيها من الفضة تجب فيه الزكاة ، وما فيها من الذهب لا تجب فيه الزكاة ; فالزكاة فيما فيها من الفضة دون ما فيها من الذهب . وإن كان فيها من الفضة ومن الذهب ما تجب في كل واحد منهما الزكاة ، زكي كل واحد منهما كحكمه ولو كان منفردا . كان في الدنانير ذهب تجب في مقداره الزكاة ، وفضة لا تجب فيها الزكاة
وإن كان ما فيهما من الذهب ومن الفضة لا تجب فيه الزكاة لو انفرد ، فلا زكاة هناك أصلا .
فإن زاد المزج حتى لا يكون للفضة ولا للذهب هناك صفة فليس في تلك الأعيان فضة أصلا ولا ذهب ; فلا زكاة فيها أصلا ، اتباعا للنص - وبالله تعالى التوفيق .