زكاة المغصوب 690 - مسألة : ومن تلف ماله أو غصبه أو حيل بينه وبينه فلا زكاة عليه فيه أي نوع كان من أنواع المال ، فإن رجع إليه يوما ما استأنف ( به ) حولا من حينئذ ، ولا زكاة ( عليه ) لما خلا ; فلو زكاه الغاصب ضمنه كله ، وضمن ما أخرج منه في الزكاة ; لأنه لا خلاف بين الأمة كلها في أن صاحب المال إن أحب أن يؤدي الزكاة من نفس المال الذي وجبت فيه الزكاة - لا من غيره - كان ذلك له ، ولم يكلف الزكاة ( من سواه ) ما لم يبعه هو أو يخرجه عن ملكه باختياره ، فإنه حينئذ يكلف أداء الزكاة من عند نفسه ، فسقط بهذا الإجماع تكليفه أداء زكاة من عند نفسه ; ثم لما صح ذلك ، وكان غير قادر على أداء الزكاة من نفس المال المغصوب ، أو المتلف ، أو الممنوع منه    : سقط عنه ما عجز عنه من ذلك ، بخلاف ما هو قادر على إحضاره واستخراجه من مدفنه هو أو وكيله ، وما سقط ببرهان لم يعد إلا بنص أو إجماع ، وقد كانت الكفار يغيرون على سرح المسلمين في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ; فما كلف قط أحدا زكاة ما أخذه الكفار من ماله . وقد يسرق المال ويغصب فيفرق ولا يدري أحد مكانه ، فكان تكليف أداء الزكاة عنه من الحرج الذي قد أسقطه الله تعالى ، إذ يقول : { وما جعل عليكم في الدين من حرج    }  [ ص: 209 ] 
وكذلك تغلب الكفار على بلد نخل  فمن المحال تكليف ربها أداء زكاة ما أخرجت ، وأما الغاصب فإنه محرم عليه التصرف في مال غيره ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام   } فإعطاؤه الزكاة من مال غيره تعد منه ، فهو ضامن لما تعدى فيه - قال تعالى : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم    } 
وقال  أبو حنيفة    : بمثل هذا كله ، إلا أنه قال : إن كان المال المدفون بتلف مكانه في منزله أدى زكاته ; وإن كان خارج منزله فلا زكاة عليه فيه . وهذا تقسيم فاسد ما نعلم أحدا قاله قبله ، وقال  مالك    : لا زكاة عليه فيه ، فإن رجع إليه زكاه لسنة واحدة فقط وإن غاب عنه سنين . وهذا قول ظاهر الخطأ ، وما نعلم لهم حجة إلا أنهم قلدوا في ذلك  عمر بن عبد العزيز  في قول له رجع إليه ، وكان قال قبل ذلك : يأخذ الزكاة منه لكل سنة خلت ؟ والعجب أنهم قلدوا  عمر  هاهنا ، ولم يقلدوه في رجوعه إلى القول بالزكاة في العسل ; وإنما قال  عمر  بالقول الذي قلدوه فيه لأنه كان يرى الزكاة في المال المستفاد حين يفاد فخالفوه هاهنا وهذا كله تخليط ، وقال سفيان    : - في أحد قوليه -  وأبو سليمان    : عليه الزكاة لكل سنة خلت ؟ وقد جاء عن  عثمان  ،  وابن عمر    : إيجاب الزكاة في المقدور عليه ، فدل ( ذلك ) على أنهما لا يريان الزكاة في غير المقدور عليه ، ولا مخالف لهما من الصحابة رضي الله عنهم ؟  [ ص: 210 ] وقولنا في هذا هو قول  قتادة  ،  والليث  وأحد قولي سفيان  ، وروي أيضا عن  عمر بن عبد العزيز  كما روينا من طريق الحجاج بن المنهال  عن  همام بن يحيى  ثنا أبو عثمان  عامل  عمر بن عبد العزيز  قال : كتب إلي عمر بن عبد العزيز  في مال رده على رجل كان ظلمه : أن خذ منه الزكاة لما أتت عليه ، ثم صبحني بريد  عمر    : لا تأخذ منه زكاة ، فإنه كان ضمارا أو غورا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					