وأما من ; ومن ظن أنه ليل ففعل شيئا من ذلك فإذا به قد أصبح ; أو ظن أنه غابت الشمس ففعل شيئا من ذلك فإذا بها لم تغرب - : فإن صوم كل من ذكرنا تام لقول الله تعالى : { نسي أنه صائم في رمضان ، أو في صوم فرض ، أو تطوع : فأكل ، وشرب ، ووطئ ، وعصى وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم } ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } . حدثنا بذلك رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه أحمد بن عمر بن أنس العذري قال ثنا الحسين بن عبد الله الجرجاني قال ثنا عبد الرزاق بن أحمد بن عبد الحميد الشيرازي أخبرتنا فاطمة بنت الحسن الريان المخزومي وراق أبي بكر بن قتيبة ثنا الربيع بن سليمان المؤذن المرادي ثنا بشر بن بكر عن الأوزاعي عن عن عطاء عن عبيد بن عمير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ابن عباس } . إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا ثنا البخاري عبدان أنا ثنا يزيد بن زريع - ثنا هشام هو ابن حسان عن ابن سيرين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة } . إذا نسي أحدكم فأكل ، أو شرب فليتم صومه ; فإنما أطعمه الله وسقاه
حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن إسحاق بن السليم ثنا ثنا ابن الأعرابي أبو داود ثنا ثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة - أيوب هو السختياني كلاهما عن وحبيب بن الشهيد عن محمد بن سيرين قال { أبي هريرة } . : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا [ ص: 357 ] رسول الله ، إني أكلت وشربت ناسيا وأنا صائم ؟ فقال : الله أطعمك وسقاك
ورويناه أيضا عن أبي رافع ، وخلاس عن عن النبي صلى الله عليه وسلم . أبي هريرة
قال : فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما ، وأمره بإتمام صومه ذلك فصح أنه صحيح الصوم - وبه يقول جمهور السلف ؟ روينا من طريق أبو محمد عن وكيع عن شعبة قال : استسقى عبد الله بن دينار وهو صائم ، فقلت : ألست صائما ؟ فقال : أراد الله أن يسقيني فمنعتني ؟ . ابن عمر
ومن طريق : من شرب ناسيا أو أكل ناسيا فليس عليه بأس ، إن الله أطعمه وسقاه ؟ وعن أبي هريرة ، علي بن أبي طالب مثل هذا . وزيد بن ثابت
ورويناه أيضا عن ، عطاء ، وقتادة ومجاهد والحسن ، وسويا في ذلك بين المجامع ، والآكل ، وعن الحكم بن عتيبة مثله ، وعن ، أبي الأحوص ، وعلقمة ، وإبراهيم النخعي والحسن البصري ، وهو قول ، أبي حنيفة وسفيان ، ، وأحمد بن حنبل ، والشافعي ، وغيرهم ; إلا أن بعض من ذكرنا رأى الجماع بخلاف الأكل والشرب ، ورأى فيه القضاء . وأبي سليمان
وهو قول ، عطاء وسفيان : قال : وقال أبو محمد : القضاء واجب على الناسي ؟ قال مالك : وما نعلم لهم حجة أصلا ، إلا أنهم قالوا : الأكل ، والجماع ، والشرب ينافي الصوم ؟ فقيل لهم : وعلى هذا فالأكل والشرب ينافي الصلاة وأنتم تقولون : إن ذلك لا يبطل الصلاة إذا كان بنسيان فظهر تناقضهم فكيف وقولهم هذا خطأ ؟ وإنما الصواب أن تعمد الأكل والشرب والجماع والقيء ينافي الصوم لا الأكل كيف كان ، ولا الشرب كيف كان ، ولا الجماع كيف كان ، ولا القيء كيف كان ، فهذا هو الحق المتفق عليه ، والذي جاءت به النصوص من القرآن والسنن . [ ص: 358 ] علي
وأما دعواهم فباطل ، عارية من الدليل جملة ، لا من قرآن ، ولا من سنة صحيحة ، ولا من رواية فاسدة ، ولا من قياس ، ولا من قول أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، بل هذا مما نقضوا فيه وتناقضوا فيه ، لأنهم يعظمون خلاف قول الصاحب إذا وافقهم . وخالفوا هاهنا طائفة من الصحابة لا يعرف لهم منهم مخالف ، وقالوا : الكلام ، أو الأكل ، أو الشرب في الصلاة بنسيان لا يبطلها ، وأبطلوا الصوم بكل ذلك بالنسيان وهذا تناقض لا خفاء به ؟ وأما فتناقض أيضا ، لأنه رأى أن الكلام ، أو الأكل ناسيا ، أو الشرب ناسيا تبطل الصلاة بكل ذلك ويبتدئها ، وخالف السنة الواردة في ذلك ، ورأى الجماع يبطل الحج ناسيا كان أو عامدا ورأى أن كل ذلك لا يبطل الصوم ، واتبع الخبر في ذلك ، ورأى الجماع ناسيا لا يبطل الصوم ، قياسا على الأكل ، ولم يقس الآكل نائما على الآكل ناسيا ; بل رأى الأكل نائما يبطل الصوم ، وهو ناس بلا شك ، وهذا تخليط لا نظير له ؟ وادعى مقلدوه الإجماع على أن الجماع والأكل ناسيا سواء ; وكذبوا في ذلك ; لأننا روينا من طريق أبو حنيفة عن عبد الرزاق : قلت ابن جريج : رجل أصاب امرأته ناسيا في رمضان ؟ فقال لعطاء : لا ينسى هذا كله عليه القضاء ; لم يجعل الله له عذرا ، وإن طعم ناسيا فليتم صومه ولا يقضيه ، الله أطعمه وسقاه وبه يقول عطاء . سفيان الثوري
ورأى ابن الماجشون على من أكل ناسيا أو شرب ناسيا القضاء وعلى من جامع ناسيا القضاء والكفارة وهذه أقوال فاسدة وتفاريق لا تصح - وبالله تعالى التوفيق .
قال : ومن أكل وهو يظن أنه ليل أو جامع كذلك أو شرب كذلك فإذا به نهار إما بطلوع الفجر وإما بأن الشمس لم تغرب - : كلاهما لم يتعمد إبطال صومه ، وكلاهما ظن أنه في غير صيام ، والناسي ظن أنه في غير صيام ولا فرق ، فهما والناسي سواء ولا فرق . [ ص: 359 ] وليس هذا قياسا - ومعاذ الله من ذلك - وإنما يكون قياسا لو جعلنا الناسي أصلا ثم شبهنا به من أكل وشرب وجامع وهو يظن أنه في ليل فإذا به في نهار ، ولم نفعل هذا بل كلهم سواء في قول الله تعالى : { أبو محمد ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم } وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } . وهذا قول جمهور السلف - : روينا من طريق إن الله تجاوز لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه : ثنا عبد الرزاق عن معمر عن الأعمش قال : أفطر الناس في زمن زيد بن وهب فرأيت عساسا أخرجت من بيت عمر بن الخطاب حفصة فشربوا ، ثم طلعت الشمس من سحاب ، فكأن ذلك شق على الناس ، فقالوا : نقضي هذا اليوم فقال : لم ؟ والله ما تجانفنا لإثم وروينا أيضا من طريق عمر عن الأعمش المسيب عن . زيد بن وهب
ومن طريق ابن أسلم عن أخيه عن أبيه ولم يذكر قضاء ؟ وقد روي عن أيضا القضاء ، وهذا تخالف من قوله ، فوجب الرجوع إلى ما افترض الله تعالى الرجوع إليه عند التنازع ، من القرآن والسنة ، فوجدنا ما ذكرنا قبل ، مع أن هذه الرواية عن عمر أولى لأن عمر له صحبة ، وإنما روي عنه القضاء من طريق زيد بن وهب علي بن حنظلة عن أبيه . وروينا من طريق قال : سألت شعبة الحكم بن عتيبة عمن تسحر نهارا وهو يرى أن عليه ليلا ؟ فقال : يتم صومه . [ ص: 360 ]
ومن طريق عن سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي نجيح قال : من أكل بعد طلوع الفجر وهو يظن أنه لم يطلع فليس عليه القضاء ; لأن الله تعالى يقول : { مجاهد حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } .
ومن طريق : ثنا ابن أبي شيبة سهل بن يوسف عن عمرو عن الحسن البصري فيمن تسحر وهو يرى أنه ليل ، قال : يتم صومه .
ومن طريق : ثنا ابن أبي شيبة - عن أبو داود - هو الطيالسي حبيب عن عمرو بن هرم عن فيمن أكل يرى أنه ليل فإذا به نهار ، قال : يتم صومه . جابر بن زيد
ومن طريق عن عبد الرزاق ، ابن جريج ، قال ومعمر : عن ابن جريج ، وقال عطاء : عن معمر عن أبيه ، ثم اتفق هشام بن عروة عروة فيمن أكل في الصبح وهو يرى أنه ليل : لم يقضه ; فهؤلاء : وعطاء ، عمر بن الخطاب والحكم بن عتيبة ، ; ومجاهد والحسن ، ، وجابر بن زيد أبو الشعثاء ، وعطاء بن أبي رباح - وهو قول وعروة بن الزبير . أبي سليمان
وروينا عن ، معاوية ، وسعيد بن جبير ، وابن سيرين ، وهشام بن عروة ، وعطاء وزياد بن النضر ، وإنما قال هؤلاء : بالقضاء في وأما في الفجر فلا ، مثل قول الذي يفطر وهو يرى أنه ليل ثم تطلع الشمس ، أبي حنيفة ، ومالك ، وما نعلم لهم حجة أصلا . والشافعي
فإن ذكروا ما رويناه من طريق عن ابن أبي شيبة عن أبي أسامة عن هشام بن عروة فاطمة بنت المنذر عن قالت : { أسماء بنت أبي بكر } . أفطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس
قال : قلت أبو أسامة لهشام : فأمروا بالقضاء ؟ فقال : ومن ذلك بد ؟ [ ص: 361 ] فإن هذا ليس إلا من كلام هشام ، وليس من الحديث ، فلا حجة فيه .
وقد قال : سمعت معمر في هذا الخبر نفسه يقول : لا أدري أقضوا أم لا ؟ فصح ما قلنا . هشام بن عروة
وأما من ، أو أكره على الفطر ، أو وطئت امرأة نائمة ، أو مكرهة أو مجنونة أو مغمى عليها - : فصوم النائم ، والنائمة ، والمكره ، والمكرهة : تام صحيح لا داخلة فيه ، ولا شيء عليهم ، ولا شيء على المجنونة . صب في حلقه ماء وهو نائم
والمغمى عليها ، ولا على المجنون والمغمى عليه ; لما ذكرنا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } . والنائم والنائمة مكرهان بلا شك غير مختارين لما فعل بهما ؟ وقال إن الله تجاوز لأمته عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه : لا شيء على النائم ، والنائمة ولا قضاء كما قلنا ، سواء سواء ، وصومهما تام - وهو قول زفر . الحسن بن زياد
وقد روي أيضا عن في النائم مثل قول أبي حنيفة . زفر
وقال : سفيان الثوري فصومها تام ولا قضاء عليها وهو قول إذا جومعت المرأة مكرهة في نهار رمضان عبيد الله بن الحسن .
وبه يقول ، وجميع أصحابنا . والمجنون ، والمغمى عليه غير مخاطبين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبو سليمان } . رفع القلم عن المجنون حتى يفيق ، والنائم حتى يستيقظ ، والصبي حتى يحتلم
والمشهور عن أن القضاء على النائم والنائمة ، والمكره والمكرهة ، والمجنون والمجنونة ، والمغمى عليهما وهو قول أبي حنيفة . مالك
قال : وهو قول ظاهر الفساد ، وما نعلم لهم حجة من قرآن ، ولا سنة صحيحة ولا رواية فاسدة ولا قول صاحب ، ولا قياس ، إلا أن بعضهم قاس ذلك على المكره على الحدث أنه تنتقض طهارته . أبو محمد
قال : وهذا قياس في غاية الفساد - لو كان القياس حقا - فكيف والقياس كله باطل ؟ لأن الطهارة تنتقض من الأحداث بقسمين : أحدهما بنقضها كيف ما كان ، بنسيان أو عمد أو إكراه : والآخر لا ينقضها إلا بالعمد على حسب النصوص الواردة في [ ص: 362 ] ذلك ، وهم متفقون على أن - الريح ، والبول ، والغائط ينقض الطهارة - : أن يقيسوا الناسي في الصوم على الناسي في الطهارة ، والمغلوب بالقيء على المغلوب بالحدث ، وكلهم لا يقولون بهذا أصلا ، فبطل قياسهم الفاسد وكان أدخل في القياس لو قاسوا المكره ، والمغلوب في الصوم على المكره ، والمغلوب في الصلاة على ترك القيام ، أو ترك السجود ، أو الركوع ، فهؤلاء صلاتهم تامة بإجماع منهم ; فكذلك يجب أن يكون صوم المكره والمغلوب ولا فرق ; ولكنهم لا يحسنون القياس ولا يتبعون النصوص ولا يطردون أصولهم ، وبالله تعالى التوفيق علي