93 - مسألة : ، وكذلك ما لم يروه إلا من لا يوثق بدينه وبحفظه ، ولا يحل ترك ما جاء في القرآن أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول صاحب أو غيره ، سواء كان هو راوي الحديث أو لم يكن ، والمرسل هو ما كان بين [ ص: 73 ] أحد رواته أو بين الراوي وبين النبي صلى الله عليه وسلم من لا يعرف ، والموقوف هو ما لم يبلغ به إلى النبي صلى الله عليه وسلم . برهان بطلان الموقوف : قول الله عز وجل : { الموقوف والمرسل لا تقوم بهما حجة لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل } فلا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يحل لأحد أن يضيف ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه ظن ، وقد قال تعالى : { وإن الظن لا يغني من الحق شيئا } وقال تعالى : { ولا تقف ما ليس لك به علم } وأما المرسل ومن في رواته من لا يوثق بدينه وحفظه فلقول الله تعالى : { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم } فأوجب عز وجل قبول نذارة النافر للتفقه في الدين ، وقال : { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين } وليس في العالم إلا عدل أو فاسق ، فحرم تعالى علينا قبول خبر الفاسق فلم يبق إلا العدل ، وصح أنه هو المأمور بقبول نذارته . وأما المجهول فلسنا على ثقة من أنه على الصفة التي أمر الله تعالى معها بقبول نذارته ، وهي التفقه في الدين ، فلا يحل لنا قبول نذارته حتى يصح عندنا فقهه في الدين وحفظه لما ضبط عن ذلك وبراءته من الفسق وبالله تعالى التوفيق . [ ص: 74 ] ولم يختلف أحد من الأمم في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى الملوك رسولا - رسولا واحدا - إلى كل مملكة يدعوهم إلى الإسلام واحدا واحدا ، إلى كل مدينة وإلى كل قبيلة كصنعاء والجند وحضرموت وتيماء ونجران والبحرين وعمان وغيرها ، يعلمهم أحكام الدين كلها ، وافترض على كل جهة قبول رواية أميرهم ومعلمهم ، فصح الثقة عن مثله مبلغا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومن ترك القرآن أو ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول صاحب أو غيره ، سواء كان راوي ذلك الخبر أو غيره ، فقد ترك ما أمره الله تعالى باتباعه لقول من لم يأمره الله تعالى قط بطاعته ولا باتباعه . وهذا خلاف لأمر الله تعالى . وليس فضل الصاحب عند الله بموجب تقليد قوله وتأويله ; لأن الله تعالى لم يأمر بذلك ، لكن موجب تعظيمه ومحبته وقبول روايته فقط ، لأن هذا هو الذي أوجب الله تعالى . قبول خبر الواحد