وقوله : والصلاة عليه قال سند : ويختلف في حكم هذه الصلاة هل هي فرض أم لا ؟ .
فذهب جمهور الناس إلى أنها من فروض الكفاية ، ونص عليه سحنون في كتاب ابنه فقال فرض يحمله بعضهم عن بعض وقال : الصلاة على الجنازة ابن القاسم في المجموعة فيمن صحب الجنازة له أن ينصرف عن الصلاة من غير حاجة وليست بفريضة ، واحتج عبد الوهاب في المعونة للفريضة بقوله عليه السلام { } ، وبقوله { صلوا على من قال لا إله إلا الله } . حق المسلم على المسلم ثلاث فذكر وأن يصلي عليه إذا مات
ووجه القول بأنها ليست بفرض وهو مشهور المذهب أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بين فرائض الخمس الصلوات قال له السائل : هل علي غيرهن ؟ قال : لا إلا أن تطوع ; ولأن الإقامة من شعائر الدين وفرائض الصلاة ; فلو كانت هذه الصلاة فرضا لشرعت لها الإقامة والأذان كسائر الفرائض فلما لم تشرع لها الإقامة دل ذلك على انتفاء الفريضة فيها كسائر النوافل وذكر أشياء أخر احتج بها على عدم الفريضة فإذا ثبت ما ذكرناه أنها ليست بفرض فهل هي سنة ، أو تنحط عن رتبة السنن إلى الرغائب والمندوبات ؟ .
حكى عبد الوهاب في معونته عن وغيره أنها سنة ، وظاهر كلام أصبغ أنها ليست سنة وهي من الرغائب ; قال مالك بن أنس ابن حبيب وقال : كان مالك سليمان بن يسار يقولان شهود الجنازة أفضل من شهود النوافل [ ص: 209 ] والجلوس في المسجد ، وقال ومجاهد ابن المسيب : النوافل والجلوس في المسجد أفضل حتى أن وزيد بن أسلم لم يخرج من المسجد إلى جنازة سعيدا ورأى أن ما فعل أفضل ، قال : وكان علي بن الحسين يرى ذلك إلا في جنازة الرجل الذي ترجى بركته فإن شهوده أفضل ، وذكر مالك ابن القاسم في العتبية عن - رحمه الله - مثله إلا أن يكون له حق من جوار ، أو قرابة ، أو أحد ترجى بركة شهوده ، وظاهر هذا يقتضى أنها ليست في رتبة صلاة العيدين وغيرها من السنن المؤكدة ، ووجهه أن سادات الأمة وأهل الفضل لم تزل في سائر الأمصار على توالي الأعصار تلازم مساجدهم وزواياهم مع قطعهم بوجود الجنائز في مصرهم فلو كان حضورها من السنن المؤكدة لكانت الأئمة يؤثرونها على سائر النوافل ولو فعلوه لما اتصل العمل في سائر الآفاق على خلافه انتهى . مالك
ففهم من كلامه أن فيها ثلاثة أقوال : الأول أنها فرض كفاية ، ( الثاني ) : أنها سنة ، ( الثالث ) : أنها مستحبة .
وظاهر كلامه ترجيح القول بالسنة وأن سنيتها دون سنية صلاة العيد وغيرها من السنن المؤكدات ، وقد تقدم في فصل الأوقات ما يرجح القول بالسنية والله أعلم