ص ( ومسمع واقتداء به )
ش : قال البرزلي بعد أن ذكر أن مذهب الجمهور جواز صلاته والاقتداء به ، وأنه جرى عليه العمل في الأمصار والعلماء متوافرون إلى أن قالوا وبالجملة فما عليه السلف والخلف من جواز هذا الفعل حجة بالغة على من خالفهم ، ثم قال : وكان يتقدم لنا هل المسمع نائب ووكيل عن الإمام أو هو علم على صلاته أو أن الإذن له نيابة بخلاف ما إذا لم يأذن له وينبني عليه تسميع الصبي والمرأة ومن على غير وضوء أو يكبر للإحرام ولا ينوي ذلك ، وأن في وجيز ابن غلاب على ما نقل أن حكمه حكم الإمام فلا يجوز له التسميع حتى يستوفي شرائط الإمامة ، وعلى من يقول إنه علم ومخبر فلا يحتاج إلى ذلك ، وبالأول كان يفتي شيخنا أبو محمد الشبيبي - رحمه الله تعالى - ولم أرها منصوصة لغير من ذكر انتهى كلامه
وقال أيضا قبله إثر سؤال التونسي عمن ترك الوتر حتى طلع الفجر وعمن جهر فيما يسر فيه أو العكس ، وقد اختلف في ، وذكر الستة أقوال المذكورة في التوضيح صلاة المسمع وابن عرفة وغيرهما ، ثم قال وعلى القول بصحة الصلاة هل من شرطه أن يكون أهلا للإمامة كما يفعله بعض المؤذنين يسمع التكبير ، ثم ينشئ إحراما فالذي أحفظه عن الوجيز فلا يصح تسميع المرأة ولا الصبي ولا من على غير وضوء أو في غير صلاة أنه اشترط بعض هذه المذكورات فأبطل الصلاة بما ينافي الإمامة ويجري عليه بقية المسائل وبه كان يفتي بعض شيوخنا وأعرف لبعض متأخري لابن مخلد التونسيين في الأخير منهما صحة الصلاة فتجري البقية عليه ، وهذا هو الظاهر عندي ; لأنه علم على معرفة أفعال الإمام خاصة لا أنه نائب عنه ومن شرط إذن الإمام جعله خليفة له فيجري على حكم الإمام انتهى ، وما قاله : إنه الظاهر عنده يظهر أنه صحيح ، والله أعلم إلا فيمن يسمع ، وهو على غير وضوء أو ، وهو في غير صلاة فإن الظاهر عدم صحة صلاة المقتدي به ، وذلك أن أهل المذهب قالوا : [ ص: 122 ] إما رؤية أفعال الإمام أو أفعال المأمومين أو سماع قوله أو سماع قولهم والاقتداء بمن على غير وضوء أو في غير صلاة خارج عن الأربعة المذكورة ، وقد صرح في المدخل ببطلان الصلاة في الأخيرة لما ذكر فيحمل الآخر عليه ، والله أعلم . مراتب الاقتداء أربعة
ومنه أيضا " صلاة من سمعه تامة وفي صلاته قولان ، . إذا قال المسمع " سلام عليكم بغير تعريف
( قلت ) من جعله كالإمام في أحكامه فينبغي أن يجري ذلك على مذهب من يرى بالارتباط انتهى . وقال أيضا في مسائل ابن قداح لا يجوز أن يسمع الصغير ومن اقتدى بتسميعه صحت صلاته وكذا . لو سمع أحد بغير إذن الإمام واحتيج إليه
( قلت ) في كلامه هذا تدافع في منعه تسميع الصغير ابتداء وصحته إذا وقع وكذا قوله في البالغ إذا احتيج إليه والمشهور صحتها مطلقا انتهى .
( تنبيهان الأول ) ذكر في المدخل في فصل نية الإمام والمؤذن أنه إذا بطلت صلاة المسمع سرى البطلان إلى صلاة من صلى بتبليغه فراجعه ، والله أعلم .
( الثاني ) قال البرزلي مسألة صحت صلاته . من سلم قبل المسمع وبعد سلام الإمام
( قلت ) إن سمع سلام الإمام فهو الواجب ومن سلم حدسا فيتخرج على من سلم معتقدا عدم التمام ، ثم تبين التمام انتهى .
ص ( وشرط الاقتداء نيته )
ش : عدها هنا من شروط الاقتداء وفي فصل فرائض الصلاة من الفرائض والظاهر أنه تنويع للعبارة ، وأن الصلاة لا تصح بدونها سواء جعلت فرضا أو شرطا كما صرح ببطلانها صاحب المدخل وابن عرفة والمصنف وغيرهم قال في التوضيح عن عبد الوهاب أن المأموم إن لم ينو أنه مؤتم وإلا بطلت صلاته انتهى ، وقاله في الجواهر وغيرها ، وقال ابن عرفة : وشرط صحة صلاة المأموم مطلقا نية اتباعه إمامه انتهى .
( قلت ) انظر قولهم : إنه إن بطلت صلاته كيف يتصور ذلك فإن من وجد إماما يصلي أو شخصا يصلي ، فإن نوى أنه يقتدي به فهو مأموم ، وقد حصلت له نية الاقتداء ، وإن نوى أن يصلي لنفسه ، ولم ينو أنه مقتد بذلك الإمام فهو منفرد وصلاته صحيحة ففي أي صورة يحكم له بأنه مأموم ، ولم ينو الاقتداء ويحكم ببطلان صلاته اللهم إلا أن يكون مرادهم إذا لم ينو المأموم إنه مؤتم فصلاته باطلة ; لأنه نوى أنه مأموم ، ولم ينو الاقتداء من أول الصلاة فيرجع كلامهم إلى أن يشترط في صحة المأموم أن ينوي الاقتداء بالإمام من أولها ، فإن نوى الاقتداء في أثنائها بطلت وفي كلام أحرم بالصلاة منفردا ، ثم في أثناء الصلاة نوى أن يقتدي بشخص آخر في شرح التلقين إشارة إلى ذلك فراجعه وتأمله ، ولذلك فرع المازري على هذا الشرط قوله : فلا ينتقل منفرد لجماعة ولا بالعكس وأتي بالفاء الدالة على السببية فتأمله منصفا فلم أر من نبه عليه ، وهذا ظاهر من كلامهم عند التأمل فإن النية لا بد وأن تكون مقارنة لأول الفعل التي هي شرط فيه أو ركن ، ثم رأيت ابن الحاجب القباب نبه على ذلك في شرح قواعد القاضي عياض فقال في شرح قوله وعلى المأموم عشر وظائف أن ينوي الاقتداء بإمامه وكونه مأموما ما نصه تكلم هنا على وجوب نية الاقتداء على المأموم ، وقاله القاضي عبد الوهاب وما قاله تصحيح وفيه خلاف وصورة المسألة المشهور أن ذلك لا ينبغي وتبطل صلاته إن فعل ، وقيل تصح وحكاه عن لو قصده مصل أن يصلي فذا وأحرم ونيته ذلك ، ثم رأى إماما بين يديه يصلي بجماعة فهل له أن يبتدئ الاقتداء به ويتم خلفه مأموما أم لا ابن حبيب في أجزأته صلاته ; لأنه كان مأموما وأعاد من وراءه أبدا ; لأنهم لا إمام لهم قال ، وقاله إمام كان يصلي بقوم في السفر فرأى أمامه جماعة تصلي بإمام فجهل وصلى بصلاتهم ابن القاسم
ومن لقيت من أصحاب وما نقله مالك ابن حبيب عن ابن القاسم ومن لقيه من أصحاب خلاف ما قاله مالك عبد الوهاب ، ومثله في سماع عيسى عن ابن القاسم ، ثم قال : وإذا قلنا بالمشهور من المذهب ، وإنه لا بد من نية [ ص: 123 ] الاقتداء فقال الفقيه أبو عبد الله بن عبد السلام عن شيوخ شيوخه : يكفي في ذلك ما يدل التزاما ، وهو أنه لو قيل ما ينتظر بالتكبير أو بالركوع أو الإحرام لقال أنتظر الإمام والذي قاله واضح وكلام نص أو كالنص في ذلك ; لأنه قال : إذا قارنت الأفعال الأفعال بقصد لذلك وتعمد له فهذا معنى النية ، ولا بد من افتتاح بها لئلا يمضي جزء من الصلاة لم يقصد فيه المتابعة ، ولقد قال بعض الناس في معارضة ذلك : إن النية من باب القصد والإرادة لا من باب الشعور والإدراكات المازري
وهذا الذي قاله لا معارضة فيه بوجه ; لأن من جاء إلى المسجد بقصد الصلاة وقعد في المسجد ينتظر الإمام لا يقال فيما فعل يشعر بمجيئه إلى المسجد ، ولم يقصده أو شعر بانتظاره الإمام ، ولم يرده بل قصد المسجد للائتمام وانتظر الإمام بقصد وقام للصلاة وتهيأ للدخول للصلاة وبقي ينتظر الإمام ، كل ذلك بإرادة وقصد انتهى .