[ ص: 166 ] ( و ) يكره تنزيها أيضا ( ) الجديد وغيره ولو بمسلخه للخبر الصحيح { الصلاة في الحمام } ولأنه محل الشياطين لكشف العورات به ومثله كل محل معصية أو غضب كأرض الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام ثمود أو محسر فيما يظهر ( والطريق ) في صحراء أو بنيان وقت مرور الناس به كالمطاف لأنه يشغله ومن ثم كان استقباله كالوقوف به والتعليل بغلبة النجاسة فيه مردود بأن المقتضي للكراهة تحققها فقط .
( والمزبلة ) أي محل الزبل ومثله كل نجاسة متيقنة لأنه بفرشه طاهرا عليها يحاذيها ومر كراهة محاذاتها ( والكنيسة ) وهي بفتح الكاف متعبد اليهود وقيل النصارى والبيعة وهي بكسر الباء متعبد النصارى وقيل اليهود ونحوهما من أماكن الكفر لأنها مأوى الشياطين ويحرم دخولها على من منعوه ، وكذا إن كان فيها صورة معظمة كما سيأتي ( وعطن الإبل ) ولو طاهرا ، وهو ما تنحى إليه إذا شربت ليشرب غيرها فإذا اجتمعت سيقت منه للمرعى للخبر الصحيح { } أي مراقدها والمراد جميع محالها { صلوا في مرابض الغنم } وفي رواية { ولا تصلوا في أعطان الإبل فإنها خلقت من الشياطين } وبه علم أن الفرق أن الإبل خلقت من الشياطين بل في حديث أن على سنام كل واحد منها شيطانين إنها جن خلقت بركة لخبر والصلاة تكره في مأوى الشياطين ، والغنم أبي داود { والبيهقي } وأيضا فالإبل من شأنها أن يشتد نفارها فتشوش الخشوع وعليهما فالأوجه ما قاله جمع ودلت له رواية لكن في سندها مجهول إن نحو البقر كالغنم لكن نظر فيه أنها من دواب الجنة الزركشي وأنه لا كراهة في عطن الإبل الطاهر حال غيبتها عنه وجميع مباركها ليلا أو نهارا كالعطن لكنه أشد لأن نفارها فيه أكثر ومتى كان بمحل الحيوان نجاسة فلا فرق بين الإبل وغيرها لكن الكراهة فيها حينئذ لعلتين وفي غيرها [ ص: 167 ] لعلة واحدة ( والمقبرة ) بتثليث الباء ( الطاهرة ) لغير الأنبياء صلى الله عليهم وسلم بأن لم يتحقق نبشها أو تحقق وفرش عليها حائل .
( والله أعلم ) للخبر السابق مع خبر { مسلم } أي أنهاكم عن ذلك وصح خبر { لا تتخذوا القبور مساجد } وعلته محاذاته للنجاسة سواء ما تحته أو أمامه أو بجانبه نص عليه في الأم ومن ثم لم تفترق الكراهة بين المنبوشة بحائل وغيرها ولا بين المقبرة القديمة والجديدة بأن دفن فيها أول ميت بل لو دفن ميت بمسجد كان كذلك وتنتفي الكراهة حيث لا محاذاة وإن كان فيها لبعد الموتى عنه عرفا أما مقبرة الأنبياء فلا تكره الصلاة فيها لأنهم أحياء في قبورهم يصلون فلا نجاسة والنهي عن اتخاذ قبورهم مساجد فتحرم الصلاة إليها لا ينافي ذلك خلافا لمن زعمه لأنه يعتبر هنا قصد استقبالها لتبرك أو نحوه على أن استقبال قبر غيرهم مكروه [ ص: 168 ] أيضا كما أفاده خبر { لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها } فحينئذ الكراهة لشيئين استقبال القبر ومحاذاة النجاسة ، وهذا الثاني منتف عن الأنبياء والأول يقتضي الحرمة فيهم بالقيد الذي ذكرناه لأنه يؤدي إلى الشرك وتكره أيضا على ظهر ولا تصلوا إليها الكعبة لأنه خلاف الأدب وفي الوادي الذي نام فيه صلى الله عليه وسلم عن صلاة الصبح لنصه على أن فيه شيطانا دون غيره من الأودية ومحل الكراهة في الكل ما لم يعارضها خشية خروج وقت ، وكذا فوات جماعة على الأوجه وإنما لم تقتض الفساد عندنا بخلاف كراهة الزمان لأن تعلق الصلاة بالأوقات أشد لأن الشارع جعل لها أوقاتا مخصوصة لا تصح في غيرها فكان الخلل فيها أعظم بخلاف الأمكنة تصح في كلها ولو مغصوبا لأن النهي فيها كالحرير لأمر خارج ينفك عن العبادة فلم يقتض فسادها .