( فلو كما أفهمه المتن لكن بالنسبة للضعيف المشترط لكونه أكثر كما يعلم ذلك مما ذهب إليه أكثر المفسرين في { كوثر بإيراد ) ماء ( طهور ) عليه أكثر من النجس ولا تمنن تستكثر } وإن كان التحقيق نظرا للمقام أنه نهى عن البذل لطلب الجزاء مطلقا ( فلم يبلغهما لم يطهر ) للقلة ، وبه يعلم أن قولهم إن الوارد القليل لا يتنجس بملاقاة النجاسة ، وقولهم إن الإناء يطهر حالا بإدارة ماء على جوانبه أي ولو بعد أن مكث الماء فيه مدة قبل الإدارة على ما جزم به غير واحد أخذا من كلامهم أي ؛ لأن إيراده منع تنجسه بالملاقاة فلم يضر تأخير الإدارة عنها محلهما في وارد على حكمية أو عينية أزال جميع أوصافها بخلاف ما لو ورد على عينية بقي بعض أوصافها كنقطة دم أو ماء متنجس ولم يبلغهما ، ثم رأيت الإسنوي وغيره صرحوا بذلك فما في الجواهر وغيرها من أنه لو طهر بالإدارة ضعيف ( وقيل ) هو ( طاهر لا طهور ) كثوب غسل ويرده مفهوم حديث القلتين السابق ، ويجاب عن قياسه بأن الثوب زالت نجاسته بما ورد عليه دون الماء واستفيد من كلامه أن الضعيف يشترط كونه واردا وطهورا وأكثر أي وأن لا يكون فيه نجس عيني ولا هنا اسم بمعنى غير لفقد بعض شروط عطفها ومنه أن لا يصدق أحد متعاطفيها على الآخر [ ص: 90 ] ظهر إعرابها فيما بعدها لكونها على صورة الحرف . صب ماء بإناء فيه نجس مائع ولم يتغير به
( تنبيه )
قيل يؤخذ من كلامهم أنه لو تنجس حتى ما في الإناء كقليل ماء اتصل بعضه بنجس وفيه نظر حكما وأخذا بل الذي يتجه تشبيهه بالجاري المندفع في صبب بل هذا لكونه أقوى تدافعا بانصبابه من العلو إلى السفل أولى منه بحكمه أنه لا ينجس إلا المماس للنجس دون ما قبله وهذا واضح ، وإنما الذي يتردد فيه النظر نظير ذلك في المائع أيلحق بالماء فيما ذكر فلا ينجس منه أيضا إلا المتصل بالنجس لا لكون الجاري له تأثير فيه بل لكون ما فيه من الانصباب أقوى مما في الجاري منع تسمية غير المماس متصلا بالنجس أو يفرق بأن المائع يستوي فيه الجاري وغيره اعتبارا بالتواصل الحسي فيه لضعفه بخلاف الماء كل محتمل لكن كلام صب ماء من أنبوبة إناء به ماء قليل على سرجين مثلا ، وصار كالفوار الذي أوله بالإناء وآخره متصل بالنجس الإمام الآتي في المبيع قبل قبضه ظاهر في الأول فإنه نقل عنهم في زيت أفرغ من إناء في إناء آخر به فأرة ميتة ما وجهه بما يفيد أن ما هو في هواء الظرف الثاني المصبوب فيه الصادق باتصاله بما في إنائه وبالفأرة بل هذا هو المتبادر من صب مائع إناء في إناء آخر لا ينجس منه إلا ملاقيها ، ووجهه ما قدمته من أنه لم يوجد فيه حقيقة الاتصال العرفي .
ثم رأيت الزركشي صرح في قواعده بأن صار كله نجسا بخلاف الماء ومع ذلك الذي يتجه أنه لا فرق هنا لما تقرر من الانصباب هنا الأقوى مما في الجاري إلى آخره ، ثم رأيته في شرح المهذب صرح نقلا عن الأصحاب بما ذكرته أنه لا اتصال هنا في ماء ولا مائع ، وعبارته بعد أن قرر أن الجرية من المائع الجاري إذا وقع بها نجس لم تبطل صلاته واحتجوا بالحديث الحسن في ذلك قالوا ولأن المنفصل عن البشرة لا يضاف إليها ، وإن كان بعض الدم متصلا ببعضه ، ولهذا لو المصلي لو جرح فخرج دمه يتدفق ولوث البشرة قليلا لم يحكم بنجاسة الماء الذي في الإبريق وإن كان بعضه متصلا ببعض أي حسا لا حكما انتهت وبها يعلم بطلان ما قيل يؤخذ من كلامهم إلى آخره ، وصحة ما ذكرته بل لكون ما فيه من الانصباب إلى آخره ، وبيانه أنهم جزموا بأن المنفصل عن الشيء لا يضاف إليه ، وإن تواصل بعضه ببعض حتى اتصل أوله بما في الإبريق وآخره بالنجس فالخروج من الإبريق منع إضافة الخارج منه لما فيه ماء كان أو مائعا فلم يتأثر ما فيه بالخارج المتصل بالنجاسة ، وإن اتصل بما فيه أيضا لما تقرر أن هذا الاتصال لا عبرة به مع كون العرف قطع إضافته إليه كما ذكروه ، وإلا لم يعف عن ذلك الدم فيما إذا اتصل بدم كثير في الأرض مثلا وبقياسهم مسألة الدم على مسألة الماء علم أنهم مصرحون بأنه لا فرق بين الماء والمائع في عدم إضافة ما في الماء إلى الخارج عنه فتأمل ذلك فإنه مهم ، وقد غفل عنه كثيرون قلدوا ذلك القائل أنه يؤخذ من كلامهم النجاسة . صب الماء من إبريق على نجاسة ، واتصل طرف الماء بالنجاسة