( ويسن للمصلي ) فرضا مؤدى غير المنذورة لما مر فيها وغير صلاة الخوف أو شدته على الأوجه ؛ لأنه احتمل المبطل فيها للحاجة فلا يكرر وغير صلاة الجنازة نعم لو أعادها [ ص: 262 ] صحت ووقعت نفلا كما في المجموع وكأن وجه خروجها عن نظائرها أن الإعادة إذا لم تطلب لا تنعقد التوسعة في حصول نفع الميت لاحتياجه له أكثر من غيره ولو مقصورة أعادها تامة سفرا أو بعد إقامته وزعم أنه يعيدها بعد الإقامة مقصورة مع من يقصر ؛ لأنها حاكية للأولى بعيد ونظيره إعادة الكسوف بعد الانجلاء ، ومغربا على الجديد ؛ لأن وقتها عليه يسع تكرارها مرتين بل أكثر كما علم مما مر فيه ، وجمعة حيث سافر لبلد أخرى أو جاز تعددها ونوزع فيه بما لا يصح وفرضا يجب قضاؤه كمقيم تيمم وظهر معذور في الجمعة على الأوجه خلافا للأذرعي فيهما .
وإنما يتجه ما ذكره في الأولى إن قلنا بمنع النفل له ؛ لأنه لا ضرورة به إليه [ ص: 263 ] أما إذا قلنا له النفل توسعة في تحصيل الثواب فلا وجه لمنع الإعادة بل يتعين ندبها لذلك أو نفلا تسن فيه الجماعة ككسوف كما نص عليه ووتر رمضان ( وحده وكذا جماعة في الأصح ) ، وإن كانت أكثر وأفضل ظاهر من الثانية ( إعادتها ) قيل المراد هنا معناها اللغوي لا الأصولي أي بناء على أنها عندهم ما فعل لخلل في الأولى من فقد ركن أو شرط أما إذا قلنا إنها ما فعل لخلل أو عذر كالثواب فتصح إرادة معناها الأصولي إذ هو حينئذ فعلها ثانيا رجاء الثواب ( مع جماعة يدركها ) زيادة إيضاح أو المراد يدرك فضلها فتخرج الجماعة المكروهة كما يأتي ويدخل من أدرك ركعة من الجمعة المعادة لا أقل إذ لا تنعقد جمعة ودونها في غيرها [ ص: 264 ] من آخرها وهو ظاهر وكذا من أولها ، وإن فارق لغير عذر فيما يظهر ثم رأيت الزركشي صرح بذلك فقال لو أعاد الصبح والعصر في جماعة ثم أخرج نفسه منها بغير عذر احتمل البطلان هنا لإيقاعه نافلة في وقت الكراهة .
، والأقرب الصحة ؛ لأن الإحرام بها صحيح وهي صلاة ذات سبب فلا يؤثر الانفراد في إبطالها ؛ لأن الانفراد وقع في الدوام . ا هـ . أو مع واحد مرة كما نص عليه لا أزيد منها في الوقت كما في المجموع ولم يره من نقله عن المتأخرين لا خارجه أي بأن يقع تحرمها فيه ولو وقع باقيها خارجه فيما يظهر ويؤيده قولهم لو أحرم بالعمرة آخر جزء من رمضان ووقع باقيها في شوال كانت كالواقعة كلها في رمضان ثوابا وغيره ثم رأيت شيخنا بعد أن ذكر أن الأكثرين على أن الإعادة قسم من الأداء أخص منه وأن البيضاوي في منهاجه وتبعه التفتازاني على أنها قسيم له قال ويؤخذ من كونها قسما من الأداء أي وهو الصواب أنها تطلب وتكون إعادة اصطلاحية على الصحيح ، وإن لم يبق من الوقت ما يسع ركعة . ا هـ .
وهو موافق لما ذكرته إلا أنه لا يوافق كلام الأصوليين في تعريف الأداء ولا كلام الفقهاء من اشتراط ركعة ، وإنما الذي يوافق الأول بحث اشتراط وقوعها كلها في الوقت لكنه مع ذلك بعيد ؛ لأن المدار في الفروع الفقهية على ما يوافق كلام الفقهاء لا الأصوليين فالذي يتجه الآن اشتراط ركعة ، وإن كان ظاهر كلام المجموع يؤيد اشتراط الكل [ ص: 265 ] ولو وقت الكراهة إماما كان أو مأموما في الأولى أو الثانية للخبر الصحيح { أنه صلى الله عليه وسلم لما سلم من صلاة الصبح بمسجد الخيف رأى رجلين لم يصليا فسألهما فقالا صلينا في رحالنا فقال إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصلياها معهم ، فإنها لكما نافلة } وصليتما يصدق بالانفراد ، والجماعة وخبر { من صلى وحده ثم أدرك جماعة فليصل إلا الفجر ، والعصر } أعل بالوقف ورد بأن ثقة وصله ويجاب بأن المصرح بالجواز في الوقتين أصح منه وهو الخبر الأول ، والخبر الآخر وهو { أن رجلا دخل بعد صلاة العصر فقال صلى الله عليه وسلم من يتصدق على هذا فيصلي معه فصلى معه رجل أي أبو بكر رضي الله عنه } كما في سنن البيهقي فيه ندب صلاة من صلى مع الداخل وندب شفاعة من لم يرد الصلاة معه إلى من يصلي معه وأن المسجد المطروق لا تكره فيه جماعة بعد جماعة
كذا في المجموع وفيه نظر إذ الجماعة الثانية هنا بإذن الإمام وأن أقل الجماعة إمام ومأموم وجوز شارح الإعادة أكثر من مرة وقال إنه مقتضى كلامهم ، وإن التقييد بالمرة لم يعتمده سوى الأذرعي والزركشي . ا هـ . ويرده ما مر أنه المنصوص وأشار إليه الإمام وقال لم ينقل فعلها أكثر من مرة واعتمده آخرون غير ذينك فبطل ما ذكره وحينئذ يندفع بحيث إنها إنما تسن إذا حضر في الثانية من لم يحضر في الأولى وإلا لزم استغراق الوقت ووجه اندفاعه أنه لا استغراق إذ لا تندب الإعادة إلا مرة وإلا لم تنعقد كالإعادة منفردا أي إلا لعذر كأن وقع خلاف في صحة الأولى فيما يظهر ثم رأيت كلام القاضي صريحا فيه وهو لو ذكر في مؤداه أن عليه فائتة أتم ثم صلى الفائتة ثم أعاد الحاضرة خروجا من الخلاف .
وكأن شيخنا اعتمد هذا البحث حيث قال فيمن صليا فريضة منفردين الظاهر أنه لا يسن لأحدهما الاقتداء بالآخر في إعادتها فلا تسن الإعادة ، وإن شمله كلام المنهاج وغيره لقولهم إنما تسن الإعادة [ ص: 266 ] لغير من الانفراد له أفضل . ا هـ . وبما قررته يعلم أن قوله لقولهم إلى آخره فيه نظر ظاهر ؛ لأن قولهم المذكور لا شاهد فيه لما ذكره أصلا لمنع أن الانفراد هنا أفضل بل الأفضل الاقتداء حيث لا مانع ، وإنما شاهده ذلك البحث لكن مع قطع النظر عن الملازمة التي ذكرها ، وبحث جمع اشتراط نية الإمامة قال بعضهم في الصبح والعصر وقال أكثرهم بل مطلقا وهو الأوجه ؛ لأن الإمام إذا لم ينوها تكون صلاته فرادى وهي لا تنعقد كما تقرر ، فإن قلت قال في المجموع المشهور من مذهبنا أنه لا يشترط لصحة الجماعة نية الإمامة وقضيته أن صلاته جماعة لكن لا ثواب فيها وبه يرد أنها انعقدت له فرادى .
قلت يتعين تأويل عبارته بأنها جماعة بالنسبة للمأمومين دونه وإلا لانعقدت الجمعة حينئذ اكتفاء بصورة الجماعة ألا ترى أن الجماعة المكروهة لنحو فسق الإمام يكتفى بها لصحة صلاة الجمعة مع كونها شرطا لصحتها كما أنها هنا كذلك قال الأذرعي ما حاصله إنما تسن الإعادة مع المنفرد إن كان ممن لا يكره الاقتداء به ويحسن أن يقال إن كانت الكراهة لفسقه أو بدعته لم يعدها معه وإلا أعادها ، ووجهه ظاهر ثم تردد فيما لو رأى منفردا صلى مع قرب قيام الجماعة هل يصلي معه ، وإن لم يعذر أو إن عذر أو ينتظر إقامتها . ا هـ .
، والأوجه [ ص: 267 ] أنه لا فرق بين الفسق والبدعة وغيرهما ؛ لأن العلة وهي حرمان الفضيلة موجودة في الكل إذ كل مكروه من حيث الجماعة يمنع فضلها ، وإن كانت الصلاة جماعة صورة يسقط بها فرض الكفاية بل ويكتفى بها في الجمعة مع أنها شرط فيها ، والأوجه فيما تردد فيه أنه حيث لم يكن المسجد مطروقا وله إمام راتب لم يأذن لا يصلي معه مطلقا لكراهة إقامة الجماعة فيه بغير إذن إمامه وإلا صلى معه وبحث الزركشي كالأذرعي أن محل سن الإعادة مع جماعة إذا كانوا بغير مسجد تكره إقامة الجماعة فيه ثانيا وهو يؤيد ما رجحته ويظهر أن محل ندبها مع المنفرد إن اعتقد جوازها أو ندبها وإلا لم تنعقد ؛ لأنه لا فائدة لها تعود عليه وبحث أيضا أنها لا تسن إذا كان الانفراد أفضل وأنه لو أعادها نحو العراة .
فإن سنت لهم الجماعة فواضح وإلا لم تنعقد قال الأذرعي ولا خفاء أن محل سنها ما لم يعارضها ما هو أهم منها وإلا فقد تحرم وقد تكره وقد تكون خلاف الأولى . ا هـ . ولا ينافي ما تقرر من عدم الانعقاد لمن لم تشرع له الجماعة ؛ لأن الحرمة ومقابلها هنا لمعنى خارج فلا ينافي مشروعية الجماعة وفضلها .


