( ويسن ) أي السكوت مع الإصغاء لما لا يجب سماعه بخلاف ما لو كان من الحاضرين أربعون تلزمهم فقط فيحرم على بعضهم كلام فوته سماع ركن كما علم من وجوب الاستماع لتسببه إلى إبطال الجمعة ويسن ذلك ، وإن لم يسمع الخطبة خروجا من الخلاف . نعم الأولى لغير السامع أن يشتغل بالتلاوة والذكر سرا لئلا يشوش على غيره ولا يكره الكلام لمن أبيح له قطعا ممن ذكر وغيره ككونه قبل الخطبة أو بعدها أو بينهما ، ولو لغير حاجة على الأوجه وتقييده بالحاجة فيه نظر ؛ لأنه عندها لا كراهة ، وإن لم يبح له قطعا كما هو ظاهر ويكره للداخل أن يسلم أي ، وإن لم يأخذ لنفسه مكانا لاشتغال المسلم عليهم الإنصات
فإن سلم لزمهم الرد ؛ لأن الكراهة لأمر خارج ويسن تشميت العاطس والرد عليه ؛ لأن سببه قهري ورفع الصوت من غير مبالغة بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم عند ذكر الخطيب له [ ص: 455 ] وهو الأولى أو راتبة الجمعة القبلية إن لم يكن صلاها وحينئذ الأولى نية التحية معها ، فإن أراد الاقتصار فالأولى فيما يظهر نية التحية لأنها تفوت بفواتها بالكلية إذا لم تنو بخلاف الراتبة القبلية للداخل ، فإن نوى أكثر منهما أو صلاة أخرى بقدرهما لم تنعقد ، فإن قلت يلزم على ما تقرر أن نية ركعتين فقط جائزة بخلاف نية ركعتين سنة الصبح مثلا مع استوائهما في حصول التحية بهما بالمعنى السابق في بابها وصلاة ركعتين بنية التحية قلت يفرق بأن نية ركعتين فقط ليس فيه صرف عن التحية بالنية بخلاف نية سبب آخر فأبيح الأول دون الثاني [ ص: 456 ] ويلزمه أن يقتصر فيهما على أقل مجزئ على الأوجه وأن يخفف صلاة طرأ جلوس الإمام على المنبر قبل الخطبة في أثنائها بأن يقتصر على ذلك بناء على ما قبله
ويؤخذ من عدم اغتفارهم في الدوام هنا ما اغتفر في الابتداء أنه لو طولها هنا أو في التي قبلها زيادة على أقل المجزئ بطلت وهو محتمل ؛ لأن الحرمة هنا عند القائلين بها ذاتية ويحرم إجماعا على ما حكاه الماوردي على جالس أي من لم تسن له التحية كما هو ظاهر ، وإن لم يسمع ، ولو لم تلزمه الجمعة ، وإن كان بغير محلها ، وقد نواها معهم بمحله ، وإن حال مانع الاقتداء الآن فيما يظهر في الكل بعد جلوس الإمام على المنبر صلاة فرض ، ولو فائتة تذكرها الآن ، وإن لزمته فورا أو نفل [ ص: 457 ] ولو في حال الدعاء للسلطان ولا تنعقد لا طواف وسجدة تلاوة أو شكر فيما يظهر فيهما أخذا من تعليلهم حرمة الصلاة بأن فيها إعراضا عن الخطيب بالكلية .
( فرع ) كتابة الحفائظ آخر جمعة من رمضان بدعة منكرة كما قاله القمولي لما فيها من تفويت سماع الخطبة والوقت الشريف فيما لم يحفظ عمن يقتدى به ومن اللفظ المجهول وهو كعسلهون أي وقد جزم أئمتنا وغيره بحرمة كتابة وقراءة الكلمات الأعجمية التي لا يعرف معناها وقول بعضهم أنها حية محيطة بالعرش رأسها على ذنبها لا يعول عليه ؛ لأن مثل ذلك لا مدخل للرأي فيه فلا يقبل منه إلا ما ثبت عن معصوم على أنها بهذا المعنى لا تلائم ما قبلها في الحفيظة وهو لا آلاء إلا آلاؤك يا الله كعسلهون بل هذا اللفظ في غاية الإيهام ومن ثم قيل : إنها اسم صنم أدخلها ملحد على جهلة العوام وكان بعضهم أراد دفع ذلك الإيهام فزاد بعد الجلالة محيط به علمك كعسهلون أي كإحاطة تلك الحية بالعرش و هو غفلة عما تقرر أن هذا لا يقبل فيه إلا ما صح عن معصوم وأقبح من ذلك ما اعتيد في بعض البلاد من صلاة الخمس في هذه الجمعة عقب صلاتها زاعمين أنها تكفر صلوات العام أو العمر المتروكة وذلك حرام أو كفر لوجوه لا تخفى ( قلت الأصح أن ترتيب الأركان ليس بشرط والله أعلم ) لأن تركه لا يخل بالمقصود الذي هو الوعظ لكنه يندب خروجا من الخلاف ( والأظهر اشتراط الموالاة ) بين أركانهما وبينهما وبين الصلاة بأن لا يفصل طويلا عرفا بما لا تعلق له بما هو فيه فيما يظهر من نظائره ، ثم رأيت بعضهم فصل فيما إذا أطال القراءة بين أن يكون فيها وعظ فلا يقطع وأن لا فيقطع وبعضهم أطلق القطع وهو غفلة عن كونه صلى الله عليه وسلم { } ومر اختلال الموالاة بين المجموعتين بفعل ركعتين بأقل مجزئ فلا يبعد الضبط بهذا هنا ويكون بيانا للعرف ، ثم رأيتهم عبروا بأن الخطبة والصلاة مشبهتان بصلاتي الجمع وهو صريح فيما ذكرته ومر في مسائل الانفضاض ما يؤيد ذلك [ ص: 458 ] لعموم هذا لما قررته لم يكتف عنه بما مر في مسألة الانفضاض فاندفع قول جمع هذا مكرر . كان يقرأ ق في خطبته