( ولو أعسر الزوج ) وقت الوجوب ( أو كان عبدا فالأظهر أنه يلزم زوجته الحرة فطرتها ) إذا كانت موسرة بها ( وكذا سيد الأمة ) بناء على الأصح السابق أن الوجوب يلاقي المؤدى عنه ابتداء ثم يتحمله المؤدي فإذا لم يصلح للتحمل استمر الوجوب على المؤدى عنه واستقر وإن أيسر المؤدي بعد وإذا قلنا بالأصح فقيل هو كالضمان وانتصر له الإسنوي وأطال .
والأصح في المجموع أنه كالحوالة ومن ثم لو أعسر زوج الحرة الموسرة لم يلزمها الإخراج كما سيصححه لتحول الحق إلى ذمة المتحمل فهو كإعسار المحال عليه ولو كان المؤدى عنه ببلد والمؤدي بالآخر وجب من قوت بلد المؤدى عنه ولمستحقيه ؛ لأنه لا تصح الحوالة على غير الجنس وإن صح ضمانه ولا يلزم المؤدي نية الإخراج عن المؤدى عنه بناء على الحوالة بل نية إخراج ما لزمه منها في الجملة قال شارح ومن فوائد الخلاف جواز الإخراج بغير إذن على الضمان وبه على الحوالة ومراده إخراج المتحمل عنه ؛ لأنه على الضمان مخاطب بالوجوب فلم يحتج لإذن بخلافه على الحوالة .
لكن مر أنه لا يحتاج إليه ولو عليها ( قلت الأصح المنصوص لا تلزم الحرة ) الغير الناشزة ولو عتيقة لكن يسن لها خروجا من الخلاف ( والله أعلم ) وتلزم سيد الأمة والفرق أن الحرة مسلمة للزوج تسليما كاملا والأمة في تسليم السيد وقبضته ومن ثم حل له استخدامها والسفر بها [ ص: 317 ] وإنما وجب مع ذلك فطرتها على الزوج الموسر إذا سلمت له ليلا ونهارا ؛ لأن يساره لا يسقط تحمل السيد بل يقتضي تحمله عنه والمعسر ليس من أهل التحمل فافترقا وما ذكر في زوجة العبد الحرة هو ما في المجموع لكن الذي في موضع آخر منه كالروضة وأصلها أنها تلزمها ؛ لأنه ليس أهلا للتحمل بوجه بخلاف الحر المعسر وفي المجموع ليس للمؤدى عنه مطالبة المؤدي بإخراجها .
وقوى الإسنوي والأذرعي مطالبته ولو حسبة ولو غاب قال في البحر فللزوجة اقتراض نفقتها للضرورة لا فطرتها ؛ لأنه المطالب بها وكذا بعضه المحتاج ؛ لأن الأصل بقاء حياته ( وقيل ) لا يجب إلا ( إذا عاد ) كزكاة المال الغائب وفرق الأول بأن التأخير إنما جاز ثم للنماء وهو غير معتبر هنا ( وفي قول لا شيء ) يجب مدة غيابه ؛ لأن الأصل براءة الذمة نعم يلزمه إذا عاد الإخراج لما مضى كذا قيل تفريعا على الثالث وفيه نظر ؛ لأنه يلزم عليه اتحاده مع الثاني إلا أن يقال ظاهر كلامهم بل صريحه أنها على الثاني وجبت . ( ولو انقطع خبره ) أي القن مع تواصل الرفاق ( فالمذهب وجوب إخراج فطرته في الحال ) ليلة العيد ويومه
وإنما جاز له التأخير إلى عوده رفقا به لاحتمال موته فعليه لو أخرجها عنه في غيبته أجزأه لو عاد وأما على الثالث فلا يخاطب بالوجوب أصلا ما دام غائبا فلا يجزئ الإخراج حينئذ فإن عاد خوطب بالوجوب الآن للحال ولما مضى وحينئذ فالفرق بين القولين ظاهر ومحل الخلاف إن لم تنته مدة غيبته إلى ما يحكم بعده بموت المفقود وإلا لم تجب اتفاقا وكان وجه عدم الاحتياج للحكم بموته هنا بخلافه في بقية الأحكام أنه محض حق الله تعالى فسومح فيه أكثر من غيره واستشكل وجوبها حالا بأنها تجب لفقراء بلد العبد وذلك متعذر وتردد [ ص: 318 ] الإسنوي وغيره بين استثنائها وإخراجها في آخر عهد وصوله إليه ؛ لأن الأصل بقاؤه فيها وإعطاؤها للقاضي ؛ لأن له نقلها وتفرقتها أي ما لم يفوض قبضها لغيره .
وعين الغزي الاستثناء وأبطل الأخير بأن شرطه أن يكون العبد في محل ولايته ولم يتحققه ويرد بتحقق كونه في ولايته والأصل عدم خروجه منها إذ الكلام في قاض كذلك وحينئذ فالذي يتجه في ذلك أنه يدفع البر للقاضي ليخرجه في أي محال ولايته شاء وتعين البر لإجزائه هنا على كل تقدير لما يأتي أنه يجزئ عن غيره وغيره لا يجزئ عنه فإن تحقق خروجه عن محل ولاية القاضي فالإمام فإن تحقق خروجه عن محل ولايته أيضا بأن تعدد المتغلبون ولم ينفذ في كل قطر الأمر المتغلب فيه فالذي يظهر أنه يتعين الاستثناء للضرورة حينئذ .
أما إذا لم ينقطع خبره فيخرج عنه في بلده وبهذا مع ما قبله يظهر الفرق بين منقطع الخبر وغيره خلافا لمن زعم عدم الفرق ( والأصح أن من أيسر ببعض صاع يلزمه ) إخراجه عن واحد فقط ؛ لأنه ميسور وفارق بعض الرقبة في الكفارة بأن لها بدلا أي في الجملة والتبعيض هنا معهود ( و ) الأصح ( أنه لو وجد بعض ) صاع أو ( الصيعان قدم نفسه ) لخبر الشيخين { } وخبر ابدأ بنفسك ثم بمن تعول { مسلم } وظاهر قوله قدم نفسه وجوب ذلك . ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك فإن فضل شيء فلذي قرابتك
وبه صرح الأصحاب وأخذ منه جمع متأخرون أنه لو وجد كل الصيعان لزمه تقديم نفسه أيضا ؛ لأن في تأخيرها غررا باحتمال تلف ماله فبقي إخراجه عنها وخالف بعضهم فأفتى بأنه لا يجب وهو الأوجه مدركا ولا نظر لذلك الغرر ؛ لأن الأصل بقاء ماله وعلى الأول فالذي يظهر الاعتداد بالمخرج وإن أثم ويفرق بينه وبين ما يأتي في الحج أنه إذا قدم المتأخر وقع عن المتقدم قهرا عليه بأنهم توسعوا في نية الحج بما لم يتوسعوا به في غيره لشدة تشبثه ولزومه ألا ترى أن من انعقد عمرة ومن نواه في غير أشهره انعقد كاملا [ ص: 319 ] نوى بعض حجة أو عمرة
( ثم ) إن فضل عنه شيء قدم ( زوجته ) ؛ لأن نفقتها آكد ؛ لأنها معاوضة لا تسقط بمضي الزمان ( ثم ولده الصغير ) ؛ لأنه أعجز ونفقته منصوصة مجمع عليها ( ثم الأب ) وإن علا ولو من جهة أم لشرفه ثم الأم كذلك لولادتها وقدمت عليه في النفقة ؛ لأنها لسد الخلة وهي أحوج والفطرة للتطهير والأب أحق به لشرفه بشرفه ونقضه الإسنوي بتقديم الولد الصغير عليهما وهما أشرف منه فدل على اعتبارهم الحاجة في البابين ويجاب بأن النظر للشرف إنما يظهر وجهه عند اتحاد الجنس كالأصالة وحينئذ فلا يرد ما ذكره فتأمله ( ثم الكبير ) العاجز عن الكسب ثم الأرقاء لشرف الحر وعلاقته لازمة والملك بصدد الزوال ولو استوى جمع في درجة تخير وإن تميز بعضهم بفضائل فيما يظهر ؛ لأن الأصل فيها التطهير وهم مستوون فيه بل الناقص أحوج إليه