( وهي ) أي الفطرة عن كل رأس ( صاع ) وحكمته أن نحو الفقير لا يجد من يستعمله يوم العيد وثلاثة أيام بعده غالبا [ ص: 320 ] وهو يحمل نحو ثلاثة أرطال ماء فيجيء منه نحو ثمانية أرطال كل يوم رطلان ( وهو ) أربعة أمداد والمد رطل وثلث وحملتها بناء على أن رطل بغداد مائة وثلاثون درهما ( ستمائة درهم وثلاثة وتسعون درهما وثلث ) من درهم ( قلت الأصح ) أنه ( ستمائة وخمسة وثمانون درهما وخمسة أسباع درهم لما سبق في زكاة النبات ) أن رطل بغداد مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم ( والله أعلم ) ومر أيضا أن الأصل الكيل وإنما قدر بالوزن استظهارا وإلا فالمدار على الكيل وهو بالكيل المصري قدحان إلا سبعي مد .
وقال ابن عبد السلام يعتبر بالعدس فكل ما وسع منه خمسة أرطال وثلثا فهو صاع وخبر { } ضعيف على أنه وارد في صاع الماء فلا حجة فيه لو صح وقد قال المد رطلان أخرج لنا مالك صاعا وقال { نافع هذا صاع أعطانيه وقال هذا صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعبرته فإذا هو بالعراقي خمسة أرطال وثلث ابن عمر } ولما نازعه فيه بين يدي الرشيد لما حج استدعى بصيعان أهل أبو يوسف المدينة وكلهم قال إنه ورثه عن أبيه عن جده وإنه كان يخرج به زكاة الفطر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوزنت فكانت كذلك وقضية اعتبارهم له بالوزن مع الكيل أنه تحديد وهو المشهور وجرى عليه في رءوس المسائل .
لكن استشكل في الروضة ضبطه بالأرطال بأنه يختلف قدره وزنا باختلاف الحبوب ثم صوب قول الدارمي الاعتماد على الكيل بالصاع النبوي دون الوزن قال فإن فقد أخرج قدرا يتيقن أنه لا ينقص عنه وعلى هذا فالتقدير بالوزن تقريب ا هـ ( وجنسه ) أي الصاع الواجب ( القوت المعشر ) أي الواجب فيه العشر أو نصفه ومر بيانه ( وكذا الأقط ) بفتح فكسر على الأشهر ويجوز سكون القاف مع تثليث الهمزة [ ص: 321 ] وهو لبن يجفف ( في الأظهر ) لصحة الحديث فيه من غير معارض ومحله إن لم ينزع زبده ولم يفسد الملح جوهره ولا يضر ظهوره نعم لا يحسب فيخرج قدرا يكون محض الأقط منه صاعا ويعتبر بالكيل والصاع منه يعتبر بما يجيء منه صاع أقط على ما قاله ويجزئ لبن به زبده الخراسانيون ؛ لأنه الوارد وجبن بشرطي الأقط ويعتبر بالوزن وفارق الأقط بأن من شأنه أن يكال ويعد الكيل فيه ضابطا بخلاف الجبن ولا فرق في هذه المذكورات بين أهل البادية والحاضرة إذا كانت لهم قوتا لا لحم ومصل ومخيض وسمن وإن كانت قوت البلد لانتفاء الاقتيات بها عادة .
( ويجب من ) غالب ( قوت بلده ) يعني محل المؤدى عنه في غالب السنة ؛ لأن نفوس المستحقين إنما تتشوف لذلك وأو في خبر صاعا من طعام أي بر أو صاعا من أقط أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب لبيان بعض الأنواع التي يخرج منها ولا نظر لوقت الوجوب خلافا للغزالي ومن تبعه ويفرق بين هذا واعتبار آخر الحول في التجارة بأن القيم مضطربة غالبا أكثر من القوت فلم يكن ثم غالب يضبطها فاعتبرت وقت الوجوب لتعذر اعتبار ما قبله بخلافه هنا ووقت الشراء في بلد بها غالب بأن المدار ثم على ما يتبادر لفهم العاقدين لا غير وهو إنما يتبادر لذلك . ومن لا قوت لهم مجزئ يخرجون من قوت أقرب محل إليهم
فإن استوى محلان واختلفا واجبا خير ولو كان الغالب مختلطا كبر بشعير اعتبر أكثرهما وإلا تخير [ ص: 322 ] ولا يخرج من المختلط إلا إن كان فيه قدر الصاع من الواجب ( وقيل ) من غالب ( قوته ) كما يعتبر نوع ماله في زكاة المال ويرده ما مر في تعليل الأول الفارق بينهما ( وقيل يتخير بين ) جميع ( الأقوات ) وبه قال لظاهر الخبر ( ويجزئ ) على الأولين ( الأعلى ) الذي لا يلزمه ( عن الأدنى ) الذي هو غالب قوت محله وفارق عدم إجزاء الذهب عن الفضة بتعلق الزكاة ثم بالعين فتعينت المواساة منها والفطرة طهرة للبدن فنظر لما به غذاؤه وقوامه والأقوات متساوية في هذا الغرض وتعيين بعضها إنما هو رفق فإذا عدل إلى الأعلى كان أولى في غرض هذه الزكاة ويؤخذ منه أنه لو أراد إخراج الأعلى فأبى المستحق إلا قبول الواجب أجيب المالك وفيه نظر بل ينبغي إجابة المستحق حينئذ ؛ لأن الأعلى إنما أجزأ رفقا به فإذا أبى إلا الواجب له فينبغي إجابته كما لو أبى الدائن غير جنس دينه ولو أعلى وإن أمكن الفرق . أبو حنيفة
( ولا عكس ) أي لا يجزئ الأدنى الذي ليس غالب قوت محله عن الأعلى الذي هو قوت محله ( بزيادة القيمة في وجه ) ؛ لأن الأزيد قيمة أرفق بهم ( وبزيادة الاقتيات في الأصح ) ؛ لأنه الأليق بالغرض من هذه الزكاة كما علم مما تقرر ( والاعتبار ) في كون شيء منها أعلى أو أدنى