الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وكل حجر لكل محله ) يحتمل عطفه على ثلاث فيفيد وجوب تعميم كل مسحة من الثلاث لكل جزء من المحل [ ص: 183 ] وهو المنقول المعتمد الذي لا محيد عنه كما بينته في شرحي الإرشاد والعباب وعلى الإيتار فيفيد ندب ذلك لكن من حيث الكيفية بأن يبدأ بأولها من مقدم صفحته اليمنى ويديره إلى محل ابتدائه وبالثاني من مقدم اليسرى ويديره كذلك ويمر الثالث على مسربته وصفحته جميعا ويديره قليلا قليلا ولا يشترط الوضع أولا على محل طاهر ولا يضر النقل المضطر إليه الحاصل من عدم الإدارة ( وقيل يوزعن ) أي الأحجار ( لجانبيه ) أي المحل ( والوسط ) فيمسح بحجر الصفحة اليمنى أي أولا وهذا مراد من عبر بوحدها ثم يعمم وبثان اليسرى أي أولا كذلك وبثالث الوسط أي أولا كذلك فالخلاف في الأفضل ولا ينافي ما سبق من وجوب التعميم ؛ لأنه ليس من محل الخلاف كما صرح به تصريحا لا يقبل تأويلا [ ص: 184 ] إطباقهم على وجوب الثاني والثالث ، وإن أنقى بالأول وعللوه بأنهما حينئذ للاستظهار كثاني الأقراء وثالثها في العدة فتأمله ، وإنما محله كيفية استعمال الثلاثة فيه مع قول كل قائل بالتعميم وكيفية الاستنجاء بالحجر في الذكر قال الشيخان أن يمسحه على ثلاثة مواضع من الحجر فلو أمره على موضع واحد مرتين تعين الماء ، وهو المعتمد ولو مسحه صعودا ضر أو نزولا فلا والأولى للمستنجي بالماء أن يقدم القبل وبالحجر أن يقدم الدبر ؛ لأنه أسرع جفافا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : يحتمل عطفه على ثلاث ) قد يرد على هذا الاحتمال أنه يلزم عليه الفصل بين المتعاطفين بأجنبي ، وهو ممتنع وحمل الفاصل على الاعتراض في غاية البعد هنا وقد يرد على هذا الاحتمال الثاني أنه يلزم تقييد سن كل حجر لكل محله بما إذا لم ينق لوقوع هذا [ ص: 183 ] العطف على هذا التقدير في حيز ، فإن لم ينق مع أنه لا يتقيد بذلك فليتأمل ( قوله : وهو المنقول المعتمد ) دعوى أنه المنقول المعتمد الذي لا محيد عنه تساهل قبيح مناف لصريح كتب الشيخين وغيرهما فإنها ناصة نصا لا احتمال معه على عدم الوجوب ولم يأت في شرحي الإرشاد والعباب بشيء يعتد به ومن أراد مشاهدة الحق فعليه بتأمل ما قاله فيهما مع ما في العزيز وغيره ( قوله : كما صرح به تصريحا لا يقبل تأويلا إلخ ) من وقف على عبارة الرافعي [ ص: 184 ] والروضة والمجموع علم أنها نص قاطع في عدم اشتراط التعميم ، وأن ما استدل الشارح به إذا نسب إليها كان هباء منثورا مع أن إطباقهم المذكور لا يدل على ما زعمه ؛ لأن مبالغتهم المذكورة تفيد أنه قد لا يكون هناك تعميم ؛ لأن معناها سواء أنقى الأول أم لا وعدم الإنقاء به صادق بأن يمسح به بعض المحل فتأمل والحاصل أن الشارح ترك نصوص الشيخين القاطعة قطعا لا خفاء فيه لعاقل سيما كلام العزيز وتمسك بظواهر موهمة لو فرض صحة التمسك بها لم تقاوم تلك النصوص القاطعة ، ولوجب إلغاؤها عندها والعجب مع ذلك من دعواه أن ما ذكر هو المنقول المعتمد فليحرر ( قوله : ولو مسحه صعودا ضر ) الأوجه أنه لا يضر حيث لا نقل ولهذا نظر [ ص: 185 ] في المجموع في هذا التفصيل المنقول عن القاضي الحسين



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : يحتمل عطفه على ثلاث ) جزم به النهاية ( قوله : فيفيد وجوب تعميم إلخ ) وقول الحاوي ومسح جميع موضع الخارج ثلاثا صريح في وجوب تعميم المحل بكل مسحة من الثلاث ، وأنه لا يكفي توزيع الثلاث لجانبيه والوسط وهو خلاف المنقول عن المعظم في العزيز والروضة من أن الخلاف في الاستحباب ، وأنه يجوز كل من الكيفيتين ، ويدل لإجزاء التوزيع رواية الدارقطني وحسن إسنادها أولا يجد أحدكم ثلاثة أحجار حجرين للصفحتين وحجر للمسربة وقول الإرشاد يمسحه ثلاثا ليس صريحا في التعميم بكل مسحة نعم هو ظاهر فيه .

                                                                                                                              وقد مال السبكي وابن النقيب إلى وجوب التعميم بكل مسحة إذ بالتوزيع تذهب فائدة التثليث ا هـ إسعاد وعبارة التمشية والأصح أنه لا يشترط أن يعم بالمسحة الواحدة المحل ، وإن كان أولى بل يكفي مسحة لصفحة وأخرى لأخرى والثالثة للوسط انتهت وقال النور الزيادي في حاشية شرح المنهج وقد ألف شيخنا الشهاب البرلسي في هذه المسألة مؤلفا واعتمد الاستحباب وكذلك الشيخ أبو الحسن البكري أيضا ألف فيها واعتمد الاستحباب انتهى وأفاد الشهاب ابن قاسم في حاشية شرح المنهج أن شيخه الشهاب البرلسي اعتمده وألف فيه ثم قال ووافقه عليه جمع من الأكابر من مشايخه وأقرانهم وأقرانه أنه لا يجب التعميم بصري .

                                                                                                                              ( قوله : وجوب تعميم كل مسحة إلخ ) وقد جزم بذلك الأنوار نهاية وكذا جزم بذلك شيخنا عبارته ، ويجب تعميم المحل بكل مسحة كما قاله الرملي تبعا لشيخ الإسلام ، وإن لم يعتمده بعضهم ا هـ أي ووافقه [ ص: 183 ] سم والرشيدي .

                                                                                                                              ( قوله : وهو المعتمد المنقول ) وفاقا للنهاية والمغني والمنهج وخلافا لسم ووافقه الرشيدي كما يأتي ومال إليه البصري كما مر ( قوله : كما بينته في شرحي الإرشاد ) أي بما حاصله أن في كلامهم شبه تعارض فرجح جمع متأخرون الوجوب رعاية للمدرك وآخرون عدمه أخذا بظاهر كلامهم شرح بافضل قال الكردي قوله : فرجح جمع إلخ منهم شيخ الإسلام زكريا في كتبه والشهاب الرملي والخطيب الشربيني والشارح والجمال الرملي وغيرهم وقوله وآخرون إلخ منهم ابن المقري وابن قاسم العبادي والزيادي وغيرهم وأفرد الكلام على ذلك الشهاب البرلسي بالتأليف وأطال في ذلك الكلام وقال إنه لم ير لشيخه شيخ الإسلام في المنهج وغيره سلفا في وجوبه لكن نقله الشارح عن جماعة ممن قبل شيخ الإسلام ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وعلى الإيتار ) يبعد هذا العطف ترتب سن الإيتار على عدم الإنقاء دون التعميم وكذا يبعد ذلك العطف بعد انفهام الكيفية الآتية من التعميم ( قوله : ندب ذلك ) أي التعميم ( قوله : بأن يبدأ ) إلى المتن في النهاية والمغني ( قوله : بأولها ) أي الأحجار ( قوله ويديره إلخ ) عبارة النهاية ، ويمره على الصفحتين حتى يصل إلى ما بدأ منه ا هـ قال ع ش أي ومن لازمه المرور على الوسط ا هـ .

                                                                                                                              وقال الرشيدي أي مع مسح المسربة كما علم من قول المصنف وكل حجر لكل محله ا هـ وعبارة الكردي قوله ويديره أي برفق وفي الخادم للزركشي أن القفال قال في فتاويه إذا كان يمر الحجر عليه فإنه لا يرفعه ، فإن رفع الحجر النجس ثم أعاده ومسح الباقي به تنجس المحل به وتعين الماء وما دام الحجر عليه لا يضر كالماء ما دام مترددا على العضو لا نحكم باستعماله فإذا انفصل صار مستعملا فكذلك الحجر انتهى ا هـ أقول وهذا من ماصدقات قولهم وأن لا يطرأ أجنبي كما مر عن شرح بافضل ما يصرح به ( قوله ويمر الثالث إلخ ) وللمسحة الزائدة على الثلاث إن احتيج إليها في الكيفية حكم الثالثة مغني و ع ش .

                                                                                                                              ( قوله ويديره قليلا إلخ ) أي في كل من الثلاث ( قوله : ولا يشترط الوضع إلخ ) لكنه يسن عبارة المغني وشرح بافضل ويسن وضع الحجر الأول على موضع طاهر قرب مقدم صفحته اليمنى والثاني كذلك قرب مقدم صفحته اليسرى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : قليلا قليلا ) حتى يرفع كل جزء منه جزءا منها مغني ( قوله : من عدم الإدارة ) وفي بعض النسخ من الإدارة والأمر في ذلك قريب لكن الموافق لما في المجموع الأول وفي النهاية الثاني عبارته ولا يضر النقل الحاصل من الإدارة الذي لا بد منه كما في المجموع وما في الروضة من كونه مضرا محمول على نقل من غير ضرورة ا هـ ( قوله : فيمسح ) إلى قوله وكيفية الاستنجاء في النهاية والمغني إلا قوله أي أولا وإلى بثان وقوله أي أولا كذلك في موضعين وقوله كما صرح إلى ، وإنما محله ( قوله : كذلك ) أي ثم يعمم ( قوله فالخلاف في الأفضل ) أي لا في الوجوب على الصحيح مغني ونهاية قال الرشيدي أي كما يعلم من كلام المصنف أن جعل قوله وكل حجر معطوفا على الإيتار الذي هو الظاهر ، وهو الذي سلكه المحقق الجلال وغيره وظاهر أن معنى كون الخلاف في الاستحباب أن كل قول يقول بندب الكيفية التي ذكرها مع صحة الأخرى وهذا هو نص الشيخين كما يعلم بمراجعة كلامهما الغير القابل للتأويل وبينه الشهاب ابن قاسم في شرح الغاية أتم تبيين ومنه يعلم عدم وجوب التعميم في كل مرة على كل من الوجهين غاية الأمر أنه يستحب في الوجه الأول وصنف في ذلك الشهاب عميرة وغيره خلاف قول الشارح م ر الآتي كالشهاب ابن حجر ولا بد على كل قول من تعميم المحل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولا ينافي ) أي كون الخلاف في الأفضل وقوله : لأنه أي وجوب التعميم وكذا ضمير به ( قوله : كما صرح به تصريحا إلخ ) من وقف على عبارة الرافعي والروضة والمجموع علم أنها نص قاطع في عدم اشتراط التعميم ، وأن ما استدل الشارح به إذا نسب إليها كان هباء منثورا مع أن إطباقهم المذكور لا يدل على زعمه ؛ لأن مبالغتهم المذكورة تفيد أنه قد لا يكون هناك تعميم ؛ لأن معناها سواء أنقى بالأول أو لا وعدم الإنقاء به صادق بأن يمسح به بعض المحل فتأمل والحاصل أن الشارح [ ص: 184 ] ترك نصوص الشيخين القاطعة قطعا لا خفاء فيه لعاقل سيما كلام العزيز وتمسك بظواهر موهمة لو فرض صحة التمسك بها لا تقاوم تلك النصوص القاطعة ولوجب إلغاؤها عندها والعجب مع ذلك دعواه أن ما ذكره هو المنقول المعتمد فليحذر سم .

                                                                                                                              وقوله : لأن مبالغتهم المذكورة إلخ فيه نظر ظاهر ( قوله : إطباقهم إلخ ) فاعل صرح ( قوله وعللوه ) أي وجوب الثاني والثالث إلخ ( قوله : وإنما محله ) أي الخلاف ( قوله : مع قول كل إلخ ) عبارة النهاية ولا بد على كل قول من تعميم المحل بكل مسحة كما اعتمده الوالد رحمه الله تعالى ا هـ وعبارة المغني وعلى كل قول لا بد أن يعم جميع المحل بكل مسحة ليصدق أنه مسحه ثلاث مسحات وقول ابن المقري في شرح إرشاده الأصح أنه لا يشترط أن يعم بالمسحة الواحدة المحل ، وإن كان أولى بل يكفي مسحة لصفحة وأخرى لأخرى والثالثة للمسربة مردود كما قاله شيخنا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وكيفية الاستنجاء إلخ ) عبارة المغني ويسن أن لا يستعين بيمينه في شيء من الاستنجاء بغير عذر فيأخذ الحجر بيساره بخلاف الماء فإنه يصبه بيمينه ، ويغسل بيساره ، ويأخذ بها أي اليسار ذكره إن مسح البول على جدار أو حجر كبير أو نحوه أي كأرض صلبة ، فإن كان الحجر صغيرا جعله بين عقبيه أو بين إبهامي رجليه ، فإن لم يتمكن بشيء من ذلك وضعه في يمينه ، ويضع الذكر في موضعين وضعا لتنتقل البلة وفي الموضع الثالث مسحا ويحرك يساره وحدها ، فإن حرك اليمين أو حركهما كان مستنجيا باليمين ، وإنما لم يضع الحجر في يساره والذكر في يمينه ؛ لأن مس الذكر بها مكروه وأما قبل المرأة فتأخذ الحجر بيسارها إن كان صغيرا وتمسحه ثلاثا وإلا فحكمها حكم الرجل فيما مر ا هـ .

                                                                                                                              وفي الكردي عن الإيعاب مثله إلا قوله وأما قبل المرأة إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : وهو المعتمد ) وفاقا للنهاية والمغني ( قوله تعين الماء ) أي لو تلوث الموضع بالأولى كما مر ( قوله : ضر ) خلافا للنهاية والمغني وسم حيث قالوا واللفظ للأول وقضية كلام المجموع إجزاء المسح ما لم تنتقل النجاسة سواء كان من أعلى إلى أسفل أم عكسه خلافا للقاضي ا هـ قال ع ش ويكتفى بذلك إن تكرر الانمساح ثلاثا وحصل بها الإنقاء كما يؤخذ ذلك من قول سم في حواشي شرح البهجة ما نصه ولو أمر رأس الذكر على حجر على التوالي والاتصال بحيث تكرر انمساح جميع المحل ثلاثا فأكثر كفى ؛ لأن الواجب تكرر انمساحه وقد وجدوا ودعوى أن هذه يعد مسحة واحدة بفرض تسليمه لا يقدح لتكرر انمساح المحل حقيقة قطعا ، وهو الواجب كما لا يخفى انتهى قلت وعليه فالمراد بالمسح في عباراتهم الانمساح تدبر والظاهر جريان ما ذكره في الذكر في الدبر أيضا كأن أمر حلقة دبره على نحو خرقة طويلة على التوالي والاتصال بحيث يتكرر انمساح المحل ثلاثا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله والأولى ) إلى المتن في النهاية والمغني ( قوله أن يقدم إلخ ) وأن يدلك يده بعد الاستنجاء بنحو الأرض ثم يغسلها وأن ينضح فرجه وإزاره من داخله بعده دفعا للوسواس وأن يعتمد في غسل الدبر على إصبعه الوسطى ؛ لأنه أمكن ويسن أن يقول بعد فراغ الاستنجاء اللهم طهر قلبي من النفاق وحصن فرجي من الفواحش ولا يتعرض للباطن ، وهو ما لا يصل الماء إليه ؛ لأنه منبع الوسواس نهاية زاد المغني وشرح بافضل نعم يسن للبكر أن تدخل أصبعها في الثقب الذي في الفرج فتغسله ا هـ قال ع ش قوله : م ر بعد فراغ الاستنجاء ولو كان بمحل غير المحل الذي قضى فيه حاجته وظاهره أنه لا فرق في ذلك بين كون الاستنجاء بالحجر أو الماء أي وبعد الخروج من محل قضاء الحاجة لما مر أنه لا يتكلم ما دام فيه ، وينبغي أن يكون بعد قوله غفرانك إلخ ؛ لأن ذلك مقدمة لاستجابة الدعاء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لأنه أسرع جفافا ) أي وإذا جف تعين الماء وزاد في الإيعاب ؛ ولأنه يقدر على التمكن من الجلوس للاستنجاء من البول ؛ ولأنه قد يحتاج للقيام لاستواء أو مسح ذكر بحائط فقدم الدبر ؛ لأنه إذا قام [ ص: 185 ] انطبقت أليتاه ومنع الاستنجاء بالحجر كما في المجموع انتهى ا هـ كردي




                                                                                                                              الخدمات العلمية