( ولو ( لزماه ) أي : الاعتكاف والصوم ؛ لأنه التزم كلا على حدته فلا يكفيه أن يعتكف وهو صائم عن رمضان أو نذر آخر مثلا ولا أن يصوم في يوم اعتكفه عن نذر آخر قبل أو بعد وفارقت هذه ما قبلها مع أن الحال وصف في المعنى بأنها وإن كانت كذلك لكنها تميزت عن مطلق الصفة جملة كانت كما مر أو مفردا بأنها قيد في عاملها ومبينة لهيئة صاحبها ومقتضى ذلك التزامها مع التزام عاملها فوجبا بخلاف الصفة فإنها لتخصيص موصوفها عن غيره كما هنا أو توضيحه والتخصيص يحصل مع كون اليوم موصوفا بوقوع صوم فيه وهذا لا يقتضي التزام ذلك الصوم لما تقرر أنه ذكر لمجرد التخصيص ووجه ذلك بتوجيهين آخرين في غاية البعد والخروج عن القواعد إلا أن يريد قائلهما ما تقرر : أحدهما أن قوله أعتكف يوما التزام صحيح وقوله أنا فيه صائم إخبار عن حالة يكون عليها في المستقبل والإخبار عن الحالة المستقبلة لا يصح تطلبها بالنذر لكونها حاصلة وتحصيل الحاصل محال وأيضا هو جملة وهي لا تكون معمولة للمصدر بخلاف صائما أو يصوم فإنه ليس إخبارا عن حالة مستقبلة فهو إنشاء محض تقديره أن أعتكف يوما وأن أصوم فيه وهذا يطرد في أن أصلي صائما أو خاشعا وأن أحج راكبا . نذر أن يعتكف صائما ) أو يصوم ( أو يصوم معتكفا ) أو باعتكاف
ثانيهما أن أنا فيه صائم حال من يوما وهو مفعول فتقديره [ ص: 470 ] يوما مصوما ومصوما إخبار ليس بصفة التزام وصائما حال من الفاعل والحال مقيدة لفعل الفاعل الذي هو الاعتكاف فكان معناه أن أنشئ اعتكافا وصوما ( تنبيه ) ما ذكر في وأنا صائم هو ما جرى عليه غير واحد ولا يشكل عليه ما مر في صائما وإن كان الحال مفادها واحد مفردة أو جملة لما بينته في شرح الإرشاد أن المفردة غير مستقلة فدلت على التزام إنشاء صوم بخلاف الجملة وأيضا فتلك قيد للاعتكاف فدلت على إنشاء صوم تقيده وهذه قيد لليوم الظرف لا للاعتكاف المظروف فيه وتقييد اليوم يصدق بإيقاع اعتكاف فيه وهو مصوم عن نحو رمضان ا هـ ويفرق أيضا بأن المصرح به في كلام أئمة النحو أن تبيين الهيئة المفيد لتقييد العامل وقع بالمفرد قصدا لا ضمنا بخلاف الوصف في رأيت رجلا راكبا فإنه إنما قصد به تقييد المنعوت لا تقييد العامل لكنه يستلزمه ؛ إذ يلزم من نعته الركوب بيان هيئة حال الرؤية له والحال الجملة الغالب فيها مشابهة الوصف بدليل اشتراط كونها خبرية قالوا ؛ لأنها نعت في المعنى ومن ثم قدر في الطلبية حالا ما يقدر فيها صفة من القول .
وإذ قد تقرر ذلك اتضح الفرق بين الحالين ؛ لأنه لا معنى لكون التقييد في المفردة هو المقصود إلا التزامه بخلافه في الجملة فإنه غير مقصود فكان غير ملتزم فأجزأ اعتكاف مقارن لصوم لم يلتزمه فتأمله ( والأصح وجوب جمعهما ) لما بينهما من المناسبة ؛ إذ كل كف وبه فارق أن أصلي صائما [ ص: 471 ] أو أعتكف مصليا فلو لزمه استئنافهما ولو قال أن شرع في الاعتكاف صائما ثم أفطر وجب اعتكافه ولغا قوله صائما وبحث أعتكف يوم العيد صائما الإسنوي أنه يكفي يوم الصوم اعتكافه لحظة فيه ولا يلزمه استغراقه بالاعتكاف لإمكان تبعيضه واللفظ صادق بالقليل والكثير بخلاف الصوم .